10 أبريل، 2024 11:37 م
Search
Close this search box.

أمريكا والميليشيات والزرفي بينهما!!

Facebook
Twitter
LinkedIn

امريكا تحضر لعمل كبير. “فصائل المقاومة” او الميليشيات المرتبطة بإيران او أطراف الحشد الشعبي التي لا تلتزم بخط الدولة، سمِّها ما شئت، تستعجل هذا العمل. العمل المنتظر ليس انقلابا عسكريا كما يُروّج له. الانقلاب العسكري مستحيل في ظل تعدد مراكز القوة. عادة في الإنقلابات العسكرية يتحرك الجيش وهو القوة الوحيدة في البلد، يعتقل او ينفي او يقتل الحاكم الموجود ويبسط سيطرته على مفاصل الدولة من خلال البلاغ رقم ١ عبر الإذاعة والتلفزيون ولا توجد قوة اخرى تقف في وجه. في العراق الآن عشرات “الجيوش” المدججة بالسلاح والعدة والعدد، متعددة الولاءات، متنوعة الأهداف والمقاصد، بل ان الجيش العراقي نفسه، كما لاحظنا في تجارب قريبة، يفتقر الى وحدة الولاء والعقيدة، ومن شأن اي انقلاب عسكري اذن ان يشعل حربا أهلية طاحنة. ناهيك ان الولايات المتحدة لا تمتلك على الأرض قوة كافية تقبض على مفاصل الدولة ومراكز القوة الأخرى التي تعمل خارج الدولة.

الأمريكان اساسا، منذ اكثر من سنة، يعيدون تقييم وضع سفارتهم في بغداد. يقولون: منشآت السفارة كلفت دافع الضرائب الأمريكي ٧٥٠ مليون دولار. يعمل فيها ١٦ الف شخص، أغلبهم من المتعاقدين. الكثير منهم عراقيون. موازنة السفارة السنوية تصل الى ٦ مليار دولار. كل ذلك لأجل المساعدة في اعادة بناء العراق وترسيخ علاقة منفعة متبادلة بين البلدين الا ان العراقيين، او جزء متنفذ منهم يقفون في الجانب المعادي، فلماذا نستمر في ذلك؟. مهما يكن من أمر لن يقبل اي حصيف ان يكون اخلاء السفارة، كليا او جزئيا، وربما نقلها الى قاعدة عين الأسد، وتسليم قاعدة القيارة الجوية والقصور الرئاسية في الموصل وقاعدة كي١ في كركوك وقاعدة بلدٍ الجوية شمالي بغداد، لن يقبل احد ان يكون الأمر مجرد اعادة تقييم.

لحد الآن كانت ردود امريكا على الميليشيات، وهي في الواقع أطراف فاعلة في الحشد الشعبي، اذ لا توجد ميليشات غير مسجلة وغير داخلة في هيئة الحشد، محدودة. اغتيال سليماني والمهندس بعد اقتحام بوابة السفارة في بغداد. قصف معسكر للحشد الشعبي حول البو كمال ردا على قصف قاعدة كي ١. قصف مطار كربلاء، تحت الإنشاء ومواقع اخرى لكتائب حزب الله ومقرات عدة للجيش والحشد في جرف الصخر والمسيب والنجف والأسكندرية ، ردًا على قصف معسكر التاجي ومقتل بريطاني وأمريكيين. غير ان الأمريكيين ربما يريدون الآن وضع حد لهذا الكر والفر، وقد يرون ان ازاحة او كسر شوكة الميليشيات ضرورية قبل الوصول الى محطة طهران وان تركها تستفحل قد يعيق جهودها ضد نظام الملالي. وزير الدفاع الأمريكي صرح ان البنتاغون يدرس خيارات عدة لكي يضعها بين يدي الرئيس ويساعده على اتخاذ القرار المناسب.

تقارير صحفية تتحدث عن نية الولايات المتحدة الأمريكية شن ضربات واسعة هذه المرة، ربما ستشمل القوة الصاروخية لمنظمة بدر-هادي العامري، ومعسكرات عصائب أهل الحق-قيس الخزعلي وحركة النجباء- أكرم الكعبي وكتائب حزب الله- المهندس سابقاً، ويقال ان بعض القيادات العسكريّة العراقيّة قد احيطت علمًا بالموعد الأولي لهذه الضربات فعلاً، وربما يكون تصريح رئيس الوزراء المستقيل، عادل عبد المهدي، بعدم شرعية الطيران في اجواء العراق دون موافقة مسبقة من الحكومة، يندرج في هذا الخصوص.

ترشيح الزرفي ربما يكون قد فرمل العامل العسكري الصرف لهذه العملية المزعومة التي توصف بالواسعة من قبل الجانب الأمريكي ولكنه حفّز الميليشيات على استدراج امريكا للمضي قدمًا في نيتها وتنفيذ الضربات. في هذا السياق يلاحظ ان الميليشيات رفعت من وتيرة استهداف محيط السفارة الأمريكية والمعسكرات التي تستضيف قواتها لتصل اليوم الى قاعدة عين الأسد بالقرب من مدينة البغدادي، اقصى غرب العراق حيث أُعلن أن منظومة باتريوت الأميركية اعترضت صاروخين استهدفا القاعدة وأن احد الصواريخ وقع على الطريق السريع الرابط بن هيت وحديثة دون أي إصابات بشرية.

يعتقد زعماء الميليشيا ان قيام الأمريكيين بعدوان واسع على البلد سوف يجهض مساعي من تعتقد انه ربيبها، عدنان الزرق، رئيس الوزراء المكلف، الذي أتى به رئيس الجمهورية خلافا لإرادتهم في محاولة منه، حسب اعتقادهم، لإرضاء الأمريكيين بقصد او بغيره خارج السياقات الدستورية، دون الإكتراث بقرار المحكمة الأتحادية الذي اقر دستورية ما اقدم عليه الرئيس. غير ان الأمريكان ليسوا على عجل من أمرهم ويتحركون بأريحية كبيرة لتأمين ناسهم وإبعادهم عن متناول صواريخ الميليشات تماما وربما لفسح المجال أمام الزرفي لتشكيل حكومته. يعتقد البعض ان أزمة وباء كوفيد-١٩ ايضا ستعطل الضربات الأمريكية المزعومة، الا ان السياسة الشديدة التي لا زالت امريكا تتبعها مع ايران، البلد الذي يترنح تماما من وقع الفايروس لا تعطي أهمية كبرى لهذا الرأي.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب