18 ديسمبر، 2024 5:58 م

أمريكا والدولة الكوردية.. حذر قبل القدر

أمريكا والدولة الكوردية.. حذر قبل القدر

أمريكا تلك الدولة التي استحوذت على العرش في العالم منذ أكثر من قرنين ، تملك من القدرات البشرية و التكنولوجية و الاقتصادية ما لا يمكن تصورها وتلعب دوراً رئيسياَ في ادارة الملفات الدولية الساخنة ، تتميز عن غيرها في إن احدى السمات المميزة لسياستها الخارجية هي عدم الوضوح في الرؤى تجاه المواقف و القضايا الدولية و الاقليمية بإستخدام كلمات و تعابير تحمل بين طياتها اكثر من معنى و تفسير في قبول او رفض موقفها من حدث معين بذاته , حيث تتناقض التصريحات و المواقف داخل اروقة اتخاذ القرار الامريكي نفسها , ناهيك عن الخلافات اللامتناهية بين الديمقراطيين و الجمهوريين و تأتي في قمة هذه السياسات حماية المصالح الامريكية في العالم و لكن مثل هذه المواقف المطاطية تؤثر بشكل سلبي على عدم قدرة تحديد موقفها الجدي من قبل الاصدقاء قبل الاعداء ..

و حسب ماهو مؤرخ عن موقف امريكا في حرب الخليج الاولى عام 1990 عندما قام النظام العراقي بغزو دولة الكويت واصراره على عدم الخروج منها تلبية لمطاليب المجتمع الدولي المتتالية له بضرورة الخروج منها هي عدم و ضوح الموقف الامريكي باعتباره القطب الاوحد في العالم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في حينه و من مواقفها المعلنة حينذاك انها ستدعم اصدقاءها في المنطقة ففسر النظام العراقي ان امريكا يقصده و يعتبره صديقاً ، و في تصريح اخر بين امريكا انها تؤيد اعادة الاراضي المغتصبة الى اصحابها الاصليين ففسر العراق على انه أشارة له بضرورة عدم الخروج من ارض الكويت … كل هذه المواقف المتناقضة جعلت الحكومة العراقية في حيرة من أمرها حتى بدأت عملية عاصفة الصحراء و ألت ما أل اليه العراق من انهيار في مؤسسات الدولة كلها .

فالقيادة السياسية الكوردستانية مطالبة بالحذر كل الحذر من هذه السياسات والمواقف غير الواضحة على الرغم من مواقف امريكا المتباينة تجاه القضية الكوردية في العراق على مر التاريخ … صحيح ان العلاقات الامريكية الكوردستانية في تطور

مستمر و خاصة من عام 2003 عندما بدأت عملية تحرير العراق و قد ساعدت اقليم كوردستان في انجاز العديد من المنجزات و تحقيق الكثير من الانتصارات و تثبيت الحقوق في الدستور والقوانين العراقية و المشاركة الفاعلة في الحكومات العراقية المتعاقبة ، و اخيراً وقوفها على رأس تحالف دولي لمحاربة (داعش) عندما هاجم في النصف الثاني من العام الماضي على اقليم كوردستان و كان لها الدور الكبير في صد الهجوم على الاقليم و دحر هذا التنظيم الارهابي الذي يشكل تهديداً و خطراً على أمن العالم برمته و أمن أمريكا بشكل خاص ، و لكن موقفها تجاه مطالبة القيادة السياسية بحق تأسيس دولة كوردستانية (الذي هو حق مشروع وفق كل الاعراف و المواثيق الدولية) لاتتسم بالوضوح فتارة تعلن مراراً انها ترغب في بقاء العراق دولة واحدة متحدة ينعم فيه كل مكوناته بالديمقراطية و تارة تتعامل مع مكونه السني و اقليم كوردستان بشكل مستقل و تدعمهم بالاسلحة و الاعتدة لمحاربة داعش وتتقدم بمشاريع القوانين و تصادق عليه مجلس الشيوخ و تنشير الاجهزة الاعلامية و خاصة المقربة من أماكن صنع القرار السياسي في أمريكا على أن خارطة الشرق الاوسط في طريقها الى التغير و خاصة العراق ستنقسم الى ثلاث دول (سنية – شيعية – كوردستانية) ناهيك عن اراء المحلليين في هذا الاتجاه , و في خضم هذه المواقف المتباينة على القيادة السياسية الكوردستانية التعامل بكل حذر معها و الحصول على ضمانات قانونية و دولية من اصحاب القرار الامريكي و عدم التقاطع مع مصالحها قبل الاقدام على اتخاذ مثل هذا الموقف والقرار و الاخذ بنظر الاعتبار مواقف و مصالح دول المنطقة و خاصة ايران و تركيا لأن السياسة الامريكية هي سياسة المصالح ناهيك عن الرفض القاطع للحكومة العراقية لمثل هذه الخطوات .

و لكننا على يقين بأن القيادة السياسية في الاقليم و خاصة رئيس الاقليم السيد (مسعود البارزاني) في مستوى المسؤولية الملقاة على عاتقهم و قادرين على تفسير السياسة الامريكية في المنطقة و العمل وفق مصلحة الشعب الكوردستاني في تأسيس كيان سياسي له حرم منه لقرون بسبب المصالح الدولية و سيكونون تلك القيادة الحكيمة مثلما كانوا من قبل قادرين على إدارة دفة الحكم وإدارة هذه المواقف وفق مصلحة الاقليم و لكن الحذر قبل القدر , لأن الفرصة مؤاتية و يهب ريح بناء الدولة الكوردية

وفق مانشتهيه و ستشهد الايام القادمة ولادة دولة جديدة ترفرف علمها بين الاعلام شامخاً بإذن الواحد الاحد . على يد من كان طول عمره يناظل من أجلها .