في السياسة لا وجود، لصديق دائم ولا عدو دائم، بل مصالح دائمة، فإن كان الآخرون، يبحثون عن مصالحهم فينا، لم لا نبحث عن مصالحنا فيهم.
لقد أثبت الحشد الشعبي، أنه القوة الضاربة، بوجه الإرهاب الداعشي، وما تحقق في المدة السابقة، يعتبر إنجاز فاجئ العالم، من تحرير آمرلي، إلى جرف النصر، وديالى وصلاح الدين وبيجي، إذ لم يبق للدواعش، سوى الموصل والأنبار، والأخيرة تشهد عمليات، واسعة لتحريرها.
رب ضارة نافعة، فقد شكل سقوط الرمادي، مركز محافظة الأنبار، تحولا دراماتيكيا في السياسة العراقية، وفي الإستراتيجية الأمريكية، منها أن رئيس الوزراء العراقي، لم يستثمر النصر في صلاح الدين، على يد أبناء الحشد، والزخم المعنوي الكبير، بل حجم دورهم، وراهن على الجيش، الذي فشل في تحرير الكرمة، بعد شهرين من العمليات العسكرية، وتبع ذلك انسحاب للجيش من الرمادي، دون تنسيق أو قتال ؛ولكن بعد هذا الحدث عاد رئيس لدعوة الحشد الشعبي للمشاركة في تطهير محافظة الأنبار.
أما الجانب الأمريكي فقد تأثرت، سمعة الدولة العظمى، التي تقود تحالفا، من ستين دولة، وتعرضت إلى إنتقادات، من داخلها وخارجها، إذ لم يستطع التحالف الجوي، من إيقاف تقدم داعش، أو تحجيمها على اقل تقدير.
من هنا أدركت إدارة أوباما، أهمية تغيير تلك الإسترايجية، وبعد زيارة السيد رئيس الوزراء إلى واشنطن، أصبحت الصورة أكثر وضوحا، وهي أن الجيش العراقي، غير قادر وحده، على كسب المعركة، بعد الإنتكاسات العديدة التي مني بها؛ لأنه بني على أساس رخو، فلا قوة في العراق، قادرة على هزيمة داعش، سوى الحشد الشعبي، وما تحقق من إنجازات، هو خير دليل على ذلك.
لقد وجدت أمريكا نفسها مرغمة، على أن تبحث عن مشتركات، مع الحشد الشعبي؛لأن مصالحها باتت تقتضي ذلك، ولذلك تغيرت لغتها تجاه الحشد، ولم تعد تصفه بالميليشيات، الشيعية المدعومة من إيران، أو أنها غير منضبطة، كذلك في الجانب الآخر، إختفت الشائعات التي تطلقها، بعض وسائل الإعلام، المحسوبة على تلك الفصائل، بأن الطائرات الأمريكية، تقدم مساعدات إلى الدواعش، أو تقصف القوات العراقية.
ما يعزز هذا الأمر، أن أمريكا على وشك تسليم، طائرات(أف16)في الشهر القادم، بعد إكتمال الإستعدادات اللوجستية، في قاعدة بلد الجوية، إذ تمتلك تلك الطائرات، قدرات قتالية كبيرة، ستغير ميزان القوى، لصالح القوات العراقية، كذلك تسليم مضادات الدروع( (AT4لمعالجة تكتيك العدو، في تفخيخ الدبابات والهمرات بواسطة إنتحاريين، ولم تكن القوات العراقية، تمتلك تلك الأسلحة لمواجهة هذه الأساليب.
إذن من مصلحتنا، إقناع أمريكا ودول العالم؛ لتقديم الدعم للعراق، في حربه المصيرية، وأن نتفق على ثوابت، لمشروع سياسي مطمنئنا للجميع، فالحلول السياسية المنبثقة من داخل العراق، سترسل رسائل إيجابية، لدول العالم المهتمة بالشأن العراقي، وبذلك ستكون هزيمة داعش مسألة حتمية.