23 ديسمبر، 2024 1:17 م

أمريكا وأحزان العراق الإيراني

أمريكا وأحزان العراق الإيراني

مقدمة
حين كانت تمر على العراقيين والإيرانيين فتراتُ صحوٍ قصيرة لا يعكرها الحكام كانت جموع غفيرة، من الشعبين، تعبر الحدود، كل يوم، زيارة أو تجارة، دون تأشيرات دخول، ولا قيود ولا حدود. وكثيرٌ من أهالي البصرة يعبرون شط العرب يسهرون في عبادان ويعودون آخر الليل. ومطربون عرب عراقيون يُضمنون أغانيهَم عباراتٍ فارسية دون خوف، ومذيعون وموسيقيون ومهندسون في إذاعة الدولة العراقية إيرانيون يحملون الجنسية الإيرانية ويعيشون بيننا ويعملون معنا براحة بال ورضا وأمان.
فالواقع الذي لا مهرب من حكمه أن لجماهير الشعبين مصالح متبادلة متشابكة لا تنفصم، وأوصر قربى ومصاهرة ثابتة وراسخة، مهما تكن العلاقة بين حكام البلدين. إلا أن العراق كان دائما، ومنذ سقوط الدولة العباسية فيه، يتلقى طعنات مسمومة في ظهره من الجارة إيران في كل مرة يتولى فيها السلطة نفر من القوميين الفرس المسكونين بأطماع وأوهام عنصرية خائبة يفسدون بها ذلك الصحو القصير.

التدخل الفارسي في العراق:
لم يكن السعي الإيراني إلى احتلال العراق وليد السنوات العشر الأخيرة. بل كان قائما من مئات السنين. ينجح مرة ويخيب عشرات المرات، تبعا لما تكون عليه حال العراق وعزيمة أهله وقدرتهم على صد المعتدين.
ولأنه محكوم بجيرته الإلزامية مع إيران وتركيا فإن قدره أن يظل مُستهدفا في وحدة أرضه وشعبه، ومستنفرا للدفاع عن نفسه وأمنه، إلى أبد الآبدين.
فمن سوء حظه أن يقع محصورا بين جارتين كبرييْن قويتين لم تتفاهما يوما ولم تتهادنا، حتى في أكثر أوقاتهما ضعفا وعجزا عن المكاسرة والاحتراب، وفي أشد حاجة إحداهما للأخرى، وخصوصا في الملمات.
وهكذا كان تاريخ العراق من قرون، ممرا لجيوش الفرس العابرة لمقاتلة بني عثمان تارة، ومعبرا لجيوش الترك الزاحفة لمعاقبة العجم تارة أخرى. ولهذا كان لابد أن يحتله الفرس حينا، وبنو عثمان حينا آخر. وبين هذا وذاك وجد سُنة العراق أن حمايتهم من أحقاد الفرس (الشيعة) لا تتحقق إلا بالاتكال على العثمانيين (السُنة). والشيء نفسه حدث مع عرب العراق الشيعة الذين استجاروا بأبناء طائفتهم الإيرانيين، طلبا للحماية من العثمانيين.
ومن هنا تجذر الخلاف الطائفي في العراق، وأصبح عراقيا داخليا. ومع الزمن ومع النفخ القومي الفارسي والقومي التركي خرج ذلك الصراع من إطاره المذهبي الاجتهادي ليصبح دنيويا خالصا، سياسيا واقتصاديا وعسكريا وثقافيا  بامتياز.

أطماع قومية لا خلافات مذهبية:
ورغم بعد الزمن عن معارك القادسية  والفتح الإسلامي الذي أوغر صدور القوميين الفرس على العرب الفاتحين، وعلى العراق بشكل خاص، لم تشهد العلاقة بين العراق وإيران حالة صفاء حقيقية مستقرة، في القرن الماضي، حتى وهُما كلاهما خاضعٌ لهيمنة استعمار واحد، هو البريطاني، وفي ظل حكمْين يتسمان بالعلمانية والمدنية، أيام الحكم الملكي في العراق، ونظام الشاه رضا بهلوي في إيران. بل بقيت دولة الشاه، إلى نهاية عهدها، تزرع الشوك تحت أقدام العراقيين، وتنشر فيهم الخوف من حرب آتية، ربما على قطعة أرض أو على ماء. ولم تتوقف حتى بعد توقيع اتفاق الجزائر الشهير بين الشاه وصدام حسين.
وهذا ما يفسر قمعه المتشدد لرجال الدين الإيرانيين، ووقوفه، حازما، ضد محاولاتهم (تشييعَ) الشعب الإيراني والترويجَ لخرافات وممارسات وطقوس طائفية  تخالف نهجه العلماني. لكنه، في الوقت نفسه، كان يشجعهم على عبور الحدود إلى العراق، ويساعدهم على تغذية التطرف الطائفي الشيعي فيه. ومن الثابت أنه كان يمنع اللطم والتطبير في إيران، لكنه كان يأمر بتصدير الخناجر والقامات والسلاسل الحديدية إلى العراقيين.

القوميون الفرس والتشيع:
وبالعودة إلى بداية التشيع نجد أن القوميين الفرس كانوا أول المتشيعين وأكثرهم تشددا فيه وعداءً لمن يختلف معه في شيء. فقد وجدوا فيه ما يُخفي أحقادهم العنصرية على العرب المسلمين، ويغلفها بحب آل بيت رسول الله، والغيرة على دولة الإسلام، والمطالبة بحق مغتصب، الأمر الذي يسهل تمريرها على بسطاء المسلمين.
وتسجل كتب التاريخ الإسلامي حادثة وقعت في أعقاب هزيمة الامبراطور الفارسي يزدجرد الثالث في معركة القادسية على يد القائد سعد بن أبي وقاص وسبي بناته الثلاث.
فقد جيء بهن إلى الخليفة عمر بن الخطاب، في جمْع من السبايا، والإمام عليُ بن أبي طالب عنده. فأمر بإحالتهن مع الغنائم إلى أمراء جيشه المنتصر ليتصرفوا كما كان جرى من قبل. فاعترض الإمام على ذلك، وطالب الخليفة بإكرامهن باعتبارهن بنات ملك، فوافقه الخليفة وفوضه بالتصرف بهن، فأمر بتزويج الأولى من ولده الحسين، والثانية من عبد الله بن عمر، والثالثة من محمد بن أبي بكر.
وكان ممكنا أن تمر هذه الحادثة العابرة كما مر كثيرٌ غيرُها، ولا تصبح فتنة وبداية صراعٍ مرير يدوم ألفا وأربعمئة عام، فتزهق به ومن أجله أرواح الملايين من الفرس والعرب، جيلا بعد جيل. هذه هي الحادثة التي كانت بداية انعطاف القوميين الفرس نحو الإمام وأولاده من بعده، وبداية تشيُّعهم لآل البيت، كما يزعمون.
أما من أسلم من الفرس وحَسُن إسلامه فقد أذاب الإسلام في نفسه تلك النعرة الثأرية الفارسية ضد أشقائه العرب المسلمين، واعترف لهم بفضل إخراجه من ظلمات الوثنية وعبادة النار إلى التوحيد. لكن كثيرين منهم لم يستطع الدين الجديد أن يغسل قلوبهم من أحقادها.

الخميني وتصدير الثورة:
ولعل أكثر الحالات التي توحد فيها العامل القومي بالديني الطائفي، بشكل غير مسبوق، هي تلك التي أحدثها انتصار الخميني وقيام دولة الولي الفقيه وبدءُ العمل بنظرية تصدير الثورة الإسلامية الإيرانية إلى دول الجوار، والتي كان لابد لها أن تبدأ بالعراق ليكون قاعدة انطلاقها نحو دول الخليج العربي في الشرق، وشواطيء البحر الأبيض المتوسط، في الغرب، الأمر الذي أشعل حربا دامية استمرت ثماني سنوات بينه وبين صدام، كانت كافية لتؤسس لحروبٍ قومية مذهبية جديدة في المنطقة لا تنتهي إلا بما كانت تنتهي به من قبل، وهو سقوط الدولة في إيران، من داخلها أو من الخارج، لتهدأ تلك النار، في انتظار اشتعالٍ جديد.
وفي أعقاب غزو صدام للكويت كان مقدرا أن تدخل قوات جورج بوش الأب إلى بغداد وتسقط النظام. لكن اندلاع انتفاضة آذار واندفاع الإيرانيين للسيطرة على مقدراتها، وانتشار صور الخميني، وظهور مسلحين تابعين للحرس الثوري يقودون جماهيرها جعل دول الخليج تطلب من بوش وقف هجومه، والسماح لصدام بقهر الانتفاضة، خوفا من أن يسقط العراق في يد إيران الطائفية المتشددة، فيشتعل العراق بحروب أهلية مدمرة قد يعبر شرارها إلى دول الجوار. وهكذا تأجل الحلم الفارسي إلى فرصة أخرى قادمة.

وراثة الاحتلال الأمريكي:
حين قام جورج بوش الإبن بغزو العراق وأسقط نظام صدام لم تتخلص إيران من أقوى خصومها فقط، بل سارعت إلى استثمار الواقعة بأقصى حدودها المتاحة، وغير المتاحة أيضا، لتحقيق الحلم المؤجل العزيز. وأول ما فعلته أن قامت بتصحيح أخطائها السابقة التي ارتكبتها في انتفاضة عام 1991، ولجأت إلى سياسة النفَس الطويل، هذه المرة، واستخدمت المراوغة والتقية مع الأمريكان، (أقول لك ما تريد وأفعلُ ما أُريد) للوصول إلى هدفها المنشود، وهو احتلال العراق، تحت ظروف الاحتلال الأمريكي وحالة الفلتان والفوضى التي أشاعها.
ومبكرا وقبل سقوط نظام صدام بعشرين عاما كانت دولة الولي الفقيه قد لفقت مخابراتهُا أحزابا ومليشيات معارضة عراقية، وتولتها بالرعاية، ووضعتها تحت تصرف الإدارات الأمريكية المتعاقبة لتكون البديل القادم المحتمل لنظام صدام، وبقوة أمريكا نفسها.
ويعرف الكثييرون من المعارضين العراقيين السابقين كيف هيمن وكلاء إيران وسوريا الأسد على مقدرات المعارضة العراقية كلها، ومؤتمراتها وقراراتها، برعاية أمريكا وتمويلها، وتحت إدارة سفرائها لدى المعارضة، ريتشاردوني وخليل زادة، علنا وعلى رؤوس الأشهاد.
وحين هبط بول بريمر حاصرته إيران بحلفائها العراقيين، أحمد الجلبي، عبد العزيز الحكيم، إبراهيم الجعفري، محمد بحر العلوم، موفق الربيعي، حسين الصدر، وبالقبلات والأحضان الساخنة ومآدب الغداء والعشاء الفاخرة. حتى صار السيد السيستاني مهندس العراق الجديد، لا يستغني بريمر عن هدايته وتجيهاته الغالية.  وشيئا فشيئا، إلى أن سقط الوطن كله في أحضانها مستسلما يطلب الرحمة ويلتمس الأمان.
وقبيل انتخابات 2004 ذكرت واشنطن بوست أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية حذرت في صيف وخريف 2004 من أن الايرانيين يضخون كميات من الأموال في العراق لتوجيه انتخابات 30 كانون الثاني/يناير 2005، نحو تحالف الاحزاب الموالية لها والملتئمة ضمن الائتلاف الوطني الموحد. وطبقا لواحد من التقديرات، فإن التمويل السري الايراني بلغ 11 مليون دولار أسبوعيا لوسائل الاعلام والكيانات السياسية. وذكرت وكالة الاستخبارات المركزية أن ما يقرب من خمسة آلاف ايراني كانوا يعبرون الحدود أسبوعيا في الفترة التي سبقت الانتخابات حاملين هويات عراقية مزورة لتسجيل أسمائهم في قوائم الناخبين في المحافظات الجنوبية.
وقد اقترحت وكالة الاستخبارات الاميركية برنامجا سياسيا تصل تكلفته الى 20 مليون دولار، ولكن بلا حد اقصى. وذلك لتمويل المرشحين المعتدلين والاتصال بزعماء القبائل السنية وغيرهم في محاولة لمواجهة النفوذ الايراني. وجرى اعداد برنامج سري لذلك في ربيع 2004 ووقعه الرئيس بوش. وكما يتطلب القانون  الأمريكي فقد تم اطلاع كبار أعضاء مجلس النواب بمن فيهم بيلوسي زعيمة الأغلبية في مجلس النواب آنذاك.
وتقول وشانطن بوست إن وكالة الاستخبارات المركزية أبلغت، بعد أقل من أسبوع على توقيعه، بأن النظر قد صرف عن البرنامج، دون إبداء الأسباب.

أشكال التدخل الإيراني في العراق:
مع اول قذيفة أطلقها الجيش الأمريكي، من خارج الحدود، وقبل نزول جنوده على أرض العراق، عمدت إيران إلى ضخ المئات من المسلحين، وفيهم أعداد كبيرة من عناصر الحرس الثوري وفيلق القدس بهيئة معارضين عراقيين عائدين من منفاهم الإيراني إلى الوطن لمعاونة الحكم الجديد على ترسيخ الديمقراطية (المفقودة في إيران ذاتها) ومحاربة القاعدة والإرهابيين الصداميين (السنة)، في حين كان هدفها الحقيقي تسريع هيمنة وكلائها قادةِ الأحزاب والمليشيات الشيعية العراقية على مفاصل الدولة الجديدة، وخصوصا قواتها المسلحة وقوى أمنها وشرطتها واقتصادها وثقافتها، وإبعاد الديمراطيين والعلمانيين الليبراليين العراقيين من امتلاك القرار، وقبل فوات الأوان.
وكانت، في الوقت نفسه، تساعد العصابات الإرهابية (السنية) بالسلاح والمال، وتدربها على تصنيع المفخخات وتفجيرها في الأسواق الشعبية والمدارس والمساجد والحسينيات، من أجل اصطياد عصافير عديدة بحجر واحد، أولها قتلُ أكبر عدد  ممكن من المدنيين في المناطق السنية، وثانيها إقناعُ الشيعة بأن السنة يستهدفونهم بهذه العمليات وإيهام السنة بأن الشيعة يريدون محقهم، وثالثها إربكاك الاحتلال والتعجيل برحيل جيوشه ليتسنى لها أن تملأ الفراغ من بعده في العراق. أما رابعها فهر رغبة النظام الإيراني في إشغال الداخل الإيراني بالحكم القومي القديم، وهو احتلال العراق، لامتصاص ضغوط أزماتها الداخلية المتفاقمة.

أدوات التدخل الإيراني في العراق:
بعد سنوات قليلة هيمن النظام الإيراني مباشرة وبشكل كامل على جميع المؤسسات الرسمية وغير الرسمية، باستخدام الأحزاب والمليشيات التي ولدت وترعرت وتسلحت وتدربت على أيدي ضباط المخابرات الايرانية، وتمرست على القتل والاغتيال وتجير المفخخات، مستخدمة امكانيات الدولة العراقية  الأمنية والعسكرية والمالية والسياسية الهائلة.
ولتأمين نفقات هذه العمليات المتعددة المكلفة فقد استحدثت المخابرات الإيرانية في العراق عشرات المؤسسات والشركات  الحقيقية والوهمية تحت غطاء البناء وإعمار المراقد المقدسة ونقل الزوار الايرانين والمجال الصحي والهندسي والثقافي. ويقدر عددها حاليا  باكثر من 300 شركة كبيرة ومتوسطة وصغيرة تدار من قبل قوة القدس وباشراف مباشر من قبل قاسم سليماني ونائبه أحمد فروزندة.
وقد استعانت بعراقيين مرتبطين بقوة القدس ويتلقون رواتبهم منها، بالإضافة إلى آخرين، وزراء ونواب ووكلاء وزارات وسفراء وقادة فرق عسكرية وضباط أمن، ما زالوا يحملون الجنسية الإيرانية إلى اليوم وينفذون ما يصدر لهم  من طهران من أوامر وتوجيهات.

الموقف الأمريكي:
يحار كثير من زملائنا الكتاب السياسيين العراقيين والعرب في تفسير اللغز الشائك المتمثل في إقدام  أمريكا على احتضان الطاقم الإيران العراقي، وهي التي لا تتوقف عن الشكوى المرة الساخنة من إيران، ومن خطرها على أمن المنطقة واستقرارها، ومن رعايتها للإرهاب، واستمرارها في تمويل أحزاب وتجمعات ومليشيات مارقة مشاكسة، وتسليحها، وتدريب المخربين وتصديرهم إلى دول عربية وأفريقية عديدة لإثارة القلاقل وزعزعة الأمن فيها، وخاصة في العراق ولبنان ودول الخليج وفلسطين، إضافة إلى عنادها وإصرارها على الاستمرار في تطوير برامجها النووية العسكرية، رغم كل قرارات الشرعية الدولية وتحذيراتها وإنذاراتها وعقوباتها.
ويعلم رفاقنا في المعارضة العراقية السابقة بأن أميركا، بُعيد غزو صدام للكويت بقليل، أمدت جسورا علنية مُحكمة مع تجمعات المعارضة العراقية الشيعية المُفبركة في إيران.
ومنذ الأيام الأولى للغزو، خصوصا في فترة سلطة جو غارنر وقبل وصول بول بريمر، كان الأمريكيون يشاهدون قادة الأحزاب الشيعية وهم يستقبلون، علنا ودون خوف ولا حياء، آلاف المسلحين القادمين من إيران. وليس معقولا أنهم لم يكونوا يعرفون ما يجري في قواعد تلك الأحزاب ومقراتها ومناطق نفوذها.
ثم تجاهلت القيادة المدنية والعسكرية الأميركية حملات التهجير الطائفي والعرقي التي قامت بها فصائل فيلق بدر وجيش المهدي وحزب الدعوة وحزب الله العراقي وحركة سيد الشهداء الإسلامية وغيرها.
واليوم، وبعد كل الخراب والظلم والفساد والفصل العنصري والطائفي في العراق على أيدي الحكام الذين تعهدتهم أمريكا بالرعاية، ألا يحق لنا أن نسأل عن سر إصرار الرئيس الأمريكي نفسه ونائبه ووزير خارجيته الحالي ووزيرة خارجيته السابقة على امتداح الديمقراطية في العراق الجديد، وعلى التمسك بنوري المالكي ودعم إدارته الفاشلة وحمايته من السقوط؟
ولو راجع الأمريكيون، ولو بصورة مختصرة ومتعجلة، بعضَ تاريخ الصراع الدموي بين إيران الفارسية المتعصبة لفارسيتها، وبين عراق سومر وبابل وأشور والفتح الإسلامي، ولو اطلعوا على تاريخ الحروب المدمرة التي أشعلها الفرس في العراق، على امتداد ألف وأربعمئة عام،  لعلموا أنهم يراهنون على أحلام غير قابلة للحياة. فلأن طموحات إيران تعيش في الماضي السحيق ولا يمكن تطويعها لروح العصر الحديث، فلن يكون مصيرُها اليوم أو غدا بأفضلَ من مصيرها في العصور السالفة. والمراهن على وهم لن يحصد سوى وهم، وهي سنة الزمن الماشي إلى أمام.