لعبة المصالح لا تعرف صديق، والدول العظمى لا تعترف بميثاق المحبة والصداقة، بل هي تعترف بمقدار المنفعة المتبادلة و أحادية الجانب إن اقتضت الضرورة، مهما كان يبقى تعامل تلك الدول مبني وفق سياسات مدروسة ومعدة مسبقا، وحتما هناك بدائل لتلك السياسات إذا تطلب الأمر ذلك.
للآن عالقة بمخيلتي دخول القوات الصدامية إلى دولة الكويت واجتياحها، والأمر لم يكن محض صدفة عابرة، أو استفاقة زعيم الأمة من نومه ليخلص بنتيجة ضياع نفطه المتسرب إلى الكويت عنوة وعدوانا، بعد حرب ثماني سنوات يدافع فيها الزعيم عن البوابة الخليجية كما يدعي ويزعمون.
فالعملية برمتها مدروسة حسابيا، ثمان سنوات حرب طاحنة مع ايران حصدت فيها الكثير من أرواح الابرياء، وخرج النظام من هذه الحرب كما دخلها لا ناقة ولا جمل، سوى الدمار والعار؛ بعد مرور سنتين أعاد الكرّة باحتلال الكويت، بعدها خرج النظام من الكويت بالقوة حيث أخرجه الغادرون أنفسهم منها؟.
توالت الأحداث بانتفاضة مدروسة و الهدف منها الحفاظ على النظام لفترة أطول، نظام صدام حسين كان ساقطا منذ لحظة ايذان وقف اطلاق النار وانتهاء الحرب العراقية الايرانية، في عام(1988 وإلى عام 2003) أما الخمس عشر سنة المحصورة فهي موت سريري، كان الطرف المحرك خلالها يسعى للبحث عن البدائل الممكنة التي من شأنها مسك زمام الأمور في العراق.
هذه هي لعبة المصالح وآلية إدارتها والسيطرة عليها، اليوم نشهد نفس السيناريو مع تغير ظروف اللعبة وأدواتها، السعودية زجت في حرب مع اليمن لإضعافها، بعد ذلك تهيأت الأجواء داخليا لعملية أسقاط بني سعود، وبالفعل نرى اليوم إن الدم خير وسيلة لإسقاط الانظمة التعسفية.
دم الشهيد حسن شحاتة كان كافيا لزوال نظام مرسي للأبد، دم الشيخ نمر باقر النمر سيطيح نظام بني سعود نهائيا، فإلى هنا انتهت لعبة المصالح والهيمنة، وعصر النفط وسطوته باتت من قصص ألف ليلة وليلة.
في النهاية لا يمكن للطغاة بالاستمرار، فمسيرة الحياة وأن طالت فهي أقصر من عمر الجلاد، كيف لا والتاريخ يروي لنا كثير من القصص بهذا الشأن، لكن الطغاة تتوقف أفكارهم ونزواتهم عند حد الكرسي فقط، حينها لا يمكن للكرسي أن يحمي نفسه من لعبة الكبار فكيف يحمي راكبه.