الملفات خطيرة والتحديات أخطر، والأوضاع باتت أكثر خطورة، فمرحلة ما بعد داعش تحتاج للكثير، في ظل أزمة النزوح والأزمة الإقتصادية، التي عصفت ليس بالعراق وحسب بل العالم أجمع عليه، كانت تلك أبرز ما حملته حقيبة السيد حيدر العبادي الى أمريكا، في زيارته الأولى لواشنطن بعد تولي ترامب مقاليد الرئاسة الأمريكية، وقد إنتشرت كثير من الأحجيات، والمناكفات، والشائعات حول هذه الزيارة.
منهم مَنْ يعدها منقبة للرئيس العراقي، وذلك لما تحقق في حكمه من إنجازات وإنتصارات على داعش، خاصة وان أمريكا هي مَنْ تقود التحالف الدولي منذ سنتين، لذلك تعد زيارته ناجحة لكسب ود أمريكا، حول تفعيل الإتفاقيات السابقة من الناحية الأمنية، والعسكرية، والإقتصادية، ودعم العراق إذا ما أخذنا بنظر الإعتبار، إنه يقاتل نيابة عن العالم اجمع.
إذن أمريكا لديها خطان الأول: داعش من خلال إجلاء قيادات الخط الأول منهم، وزرعهم في مناطق أخرى، والخط الثاني إرسال السيد حيدر العبادي، مفخخاً بحزام سياسي ناسف من الدرجة الأولى، لغرض تفجير الوضع العراقي، ومنها القضاء على أحلام الساسة الموالين لإيران.
أمريكا بطبيعة الحال لا تريد الإستقرار للمنطقة إلا بشروط، وما يتحقق على أرض الواقع يجعلها مجبرة، على المضي في رسم خارطة جديدة للشرق الأوسط ،من خلال إستقرار العراق، فهو الضمانة الوحيدة لاستقرار المنطقة، علماً بأن حربها ستبقى في السر والعلن، مع إيران وليس داعش أو غيره، لأن هذه العصابات أساساً، أنتجت في مصانع البنتاغون والموساد، حيث تعمل بالضد من البلدان، التي تحاول الحفاظ على منجزها الديمقراطي.
المتابعون للشأن العراقي، وما تحقق طيلة الثلاثة أعوام المنصرمة، لحكم السيد حيدر العبادي، يدرك أن هذه الزيارة، تحمل كثيراً من المفاجآت في قادم الأيام، إذا ما علمنا أنها شهدت لقاء العبادي بوزير خارجية السعودية، وكذلك الحصول على مساعدات أكثر للنازحين، وأعمار المدن المحررة، ونقل مطالب العراقيين بشأن عدم إثقال العراق، بقروض طويلة الأمد، والتي تنهك اقتصادنا المتهاوي، في ظل انخفاض أسعار النفط في العالم، ولكن السؤال الذي يطرح ما هو الثمن؟!
إن ما يحدث وراء الكواليس، هو في الحقيقة ليس كل ما يقال على شاشات الفضائيات، لكنه في المجمل يعد في نظر البعض، إنتصاراً دبلوماسياً، وسياسياً، وإقتصادياً، فسياسة أمريكا تعرف فقط مصالحها، ولا يهمها سوى غريميها روسيا، والآن إيران أصبحت عدواً من الدرجة الأولى في نظرهم.
ختاماً: بقي شيء واحد، أن العبادي قد يكون شخصا إيجابياً، ولا تنتهي أفكاره، شرط أن لا تكون في خانة تجيير المنجز الوطني، لصالحه الشخصي والحزبي، في حين أن أمريكا قد لا تكون شخصاً سلبياً، ولربما قد إنتبهت الى عام التسويات الإقليمية، وأنه بات ضرورياً لعدم زحف الإرهاب صوب مدنها الآمنة.