الجاسوس البريطاني مستر همفر في مذكراته أوضح الدور الغربي في السيطرة على دول المنطقة وشعوبها من خلال سيطرتها على مفصلين مهمين وهما السلطة السياسية والسلطة الدينية، وأشار بوضوح في مذكراته إلى تحقق ذلك في إحدى دول المنطقة، وأشار ضمنيا إلى بقية الدول وبالخصوص العراق من خلال تطرقه إلى المجلس البديل الذي تم تأسيسه في وزارة المستعمرات في بريطانيا وهو يتكون من مجموعة من الأشخاص يشبهون الرموز الدينية والسياسية التي تقود الناس في بلدانهم ومنها المرجع في النجف. وأن هناك جواسيس مع المرجع تنقل تصرفاته إلى هذا المجلس البديل لكي يعرفوا كيف يتصرف مستقبلا في أي حدث وبالتالي يمكن لهم أن يسيروا هذا الرمز بصورة مباشرة أو غير مباشرة بما يخدم مصالحهم.
ومن خلال متابعة ما يجري على الساحة العراقية نجد إن التوجه الغربي والأميركي بالذات قد سيطر على المؤسسة الدينية في النجف، وهذا ما تؤكده الأحداث والتي رصدها مؤخرا تقرير صادر في أميركا نفسها نشره موقع المونيتور الأميركي حيث اعتبر التقرير
(أنّ مقاربة السيستاني للمنطقة تشير إلى أنّه يدعم “الإصلاحيين الشيعة” لتمكينهم من المشاركة إلى جانب القوى السنية والقوى العالمية، في سبيل
خفض منسوب التوتر والتحضير لتعاون أوسع بين الفرقاء المختلفين، من أجل إحلال السلام في المنطقة.) منطلقا من لقاء السيستاني برئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري في الأول من نيسان الجاري،
حيث قال التقرير الذي صدر يوم (٨ نيسان ٢٠١٩)، (إن برّي التقى السيستاني في اليوم الثاني من زيارته إلى العراق، واجتمع برئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي ونظيره العراقي محمد الحلبوسي)، لافتا إلى أنّ (زيارة بري إلى العراق تأتي بعد زيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى بيروت، حيث حذّر من أنشطة حزب الله، وطرح إمكانية فرض عقوبات جديدة عليه وعلى إيران).
وفي السياق، قال التقرير، إن(مواقف المحطات التلفزيونية الرسمية السعودية إزاء دور السيستاني في العراق والمنطقة تتسم بالإيجابية).
ومن متابعة التقرير الأميركي يتبين إن السيستاني يمثل الواجهة الدينية التي تنفذ التوجه الأميركي وذلك بحجة التقارب والإصلاح، وأن أميركا لن تتمكن من السيطرة على العراق رغم قواتها العسكرية المحتلة إلا من خلال السيستاني الذي اعتبرها قوات صديقة وقوات تحرير ومن خلال فتاويه المتتابعة بعدم قتال المحتل وبجمع السلاح واعطاء الشرعية للحكم الفاسد وأخيرا دخوله في سياسة المحاور بصورة صريحة من خلال الواجهة الأميركية.
إن عودة العراق إلى عافيته ومكانته الدولية لن تتحقق من سياسة المحاور سواء لهذا الطرف أو ذاك، وإنما من خلال الإلتزام بمصلحة البلد وعدم زج أبناء الشعب العراقي في محرقة جديدة من إنتاج وسيناريو أميركا وتمثيل السيستاني.