18 ديسمبر، 2024 6:47 م

أمريكا..إنسحابٌ تكتيكي أم إستراتيجي..!!

أمريكا..إنسحابٌ تكتيكي أم إستراتيجي..!!

وسط سجال سياسي عنيف،بين الكتل والأحزاب السياسية الحاكمة للسلطة ،حول طرد وترحيل الوجود الأمريكي العسكري من العراق،بين مَن هو موافق ومن هو معارض ورافض، على إنهاء التواجد بكل صوره العسكرية والدبلوماسية،تدور حوارات ساخنة على أعلى الصعد، بين الجانب الأمريكي والجانب العراقي،لمناقشة عملية(تنظيم العلاقة)، وليس (إنسحاب)، إذ لاتوجد كلمة إنسحاب في جميع التصريحات الأمريكية الرسمية،بل نفى البنتاغون أي إنسحاب عسكري أمريكي من العراق وسوريا في الوقت الحاضر،إذن ماقيمة هذه الحوارات وتنظيم العلاقة ،بعد هذا التصريح،غير أنّ إصرار الجانب العراقي ،على لسان رئيس الحكومة السوداني والإطار التنسيقي،على إشغال الرأي العراقي، والظهور بمظهر المسيّطرأمنياً وعسكرياً على الاوضاع في العراق،وعدم (حاجة العراق لأي وجود عسكري على الاراضي العراقية)،هو تسوّيق إعلامي لا أكثر، وماهي حقيقة عدم حاجة العراق لتواجد أجنبي عسكري.؟، وسط رفض وإصرارغالبية الشعب العراقي،وفي مقدمتهم( الأكراد والسنة )، على إبقاء التواجد الأمريكي العسكري ، ليس حباً أو عمالة له، وإنما لأن الاوضاع السياسية والأمنية ،والصراعات السياسية متفجّرة في العراق والشرق الأوسط، فأي إنسحاب لايخدم العراقيين، بل يفجّر حرباً أهلية طائفية وقومية وعرقية ،لاتبقي ولا تذر،إضافة الى تداعيات كارثية على العراق ،ستقوم بها أمريكا،أبسطها وأولها إعادة تنظيم دااااعش الإرهابي للمناطق الغربية ،وتفّعيل دوره ودعمه، وهو خطر حقيقي، يتربّص بالعراق، لأن أسباب عودته واقعية ومازالت قائمة، نتيجة فشل حكومات الإطار التنسيقي ومحاصصته ، في رفع الظلم عن الشريحة الأكثرمظلومية ،وشهوة الإنتقام ،مازالت قائمة وبقوة ،إضافة الى قيام أمريكا بإعادة العراق الى الفصل السابع، وفرض حصار إقتصادي ومالي ،على واردات وصادرات العراق، ومنها تخفيض سعر النفط، أو زيادة أسعاره، بعد منع تصدير العراق لنفطه الى الخارج، كما يحصل مع ايران الآن،وهناك إجراءات مالية قاسية، ستقوم بها أمريكا والدول الاوربية حليفتها، منها رفع سعر الدولار أمام الدينار،بمعنى أكثر دقة ومباشرة،أي إنسحاب أمريكي الآن ،يعود بكارثة كبرى للعراق،لسبب بسيط هو لايوجد من يعوض الوجود العسكري الأمريكي، جواً وبراً وبحراً، مع (عدم وجود ثقة وتفاهم) ،بين الكتل السياسية الحاكمة ،وتفرّد الإطار التنسيقي بالسلطة وإستحواذه، بدعم إيراني بلا حدود، وإصراره تهميش وإقصاء الآخرين ممن يعارضون سياسته،إذن الصراع السياسي بين الكتل ،وعدم وجود ثقة بين الأطراف كلها، وبين الإطار التنسيقي،وغياب التفاهمات السياسية، وإنعدام ثقة الغالبية العظمى للشعب العراقي ،بحكومات المحاصصة لإنعدام العدالة الإجتماعية ، جعل الأوضاع تسير من سيء الى أسوأ،وهي سبب عدم إستتاب الأمن في العراق، منذ الإحتلال الى يومنا هذا، عكس ماحصل في إقليم كردستان العراق، الذي طوى صفحة الماضي، ونظر الى المستقبل نظرة واقعية وحقيقية، بعيداً عن شهوة الإنتقام والثأر والضغينة التأريخية، وإشعال الحرب الطائفية القذرة، وترسيخ مفهومها البغيض في المجتمع العراقي،لهذا ينظر الطرف الرافض لخروج الأمريكان،نظرة عقلانية وبريبة، خوفاً من عودة الحرب الطائفية  الاهلية، التي حدثت عام 2006 و2007،وإستفراد جهة واحدة في السلطة، خاصة بعد ظهور نتائج إنتخابات مجالس المحافظات المحلية، التي هيّمن عليها الإطار التنسيقي في عموم المحافظات، بالترهيب والترغيب والسلطة والمال الحرام،والدليل ما نراه من صراع قوي على مناصب المحافظين في البصرة وميسان وكربلاء والنجف وغيرها ،بين أجنحة الإطار والإنشقاقات بينهم ،حول المناصب ومكاسب السلطة،إذن هروب الإطار التنسيقي وحكومة السوداني الى الامام ، بإعلاء الصوت بإخراج الأمريكان من العراق(هو زوبعة في فنجان)،فلا الأمريكان ينسحبون ،ولا الشعب العراقي بغالبيته وأحزابه يوافقون على الانسحاب، فطلب الإنسحاب والإصرار عليه ،هو (طلب إيراني أكثر مما هو عراقي)، هذه هي حقيقة إصرار الإطار والسوداني على (طرد الامريكان)،هنا لابد من وضع النقاط على حروفها،لماذا تجري إدارة بايدن حوارات ،ولجان عسكرية مشتركة مع الجانب العراقي، نعتقد هناك سببان أميركيان لذلك هما ، تخدير حكومة السوداني والفصائل المسلحة ،وإقناعها بعدم قصف القواعد الأمريكية والتوقف عنها،والثاني إعطاء أمل شبه وهمي لخروج الأمريكان (يوماً ما )، ضمن هذه الإتفاقية،وهي كمن يعطوه براسيتول لوجع الرأس،والجميع يدرك ويعلم علم اليقين، أن أمريكا جاءت للعراق لتبقى لا لترحل، نعم لتؤسس قواعد مستقبلية فيه،وهو ما حصل في قاعدة عين الاسد ،التي تعدّ الاكبر في الشرق الاوسط، وقاعدة حرير في ربيل،وبناء أكبر سفارة في بغداد ،وأكبرقنصلية في أربيل ،وقدمت الاف الضحايا من جنودها ، فهل بهذه السهولة تخرج من مولد العراق بلا حمص، واهم من يعتقد أنها تخرج بطريقة التصريحات والتلويح  بالقوة ،وقصف شكلي على القواعد،فخروج امريكا من العراق لايتم إلاّ بتوحيد الشعب العراقي، على كلمة واحدة، ونبذ الطائفية، وإلغاء قرارات الحاكم بريمر، التي مزقّت ودمرّت وحدة الشعب العراقي، وإقامت نظام محاصصة بغيض،خروج الامريكان، لايتم بالإقصاء والتهميش والإجتثاث والإنتقام والترهيب،خروج الأمريكان يتمّ ( بعودة المهجّرين والنازحين، وعفا الله عما سلف وبدء حياة جديدة لكل العراقيين)، وعدم السماح لأي دولة اقليمية ودولية، التدخل والتحكّم في شؤون العراق،وأن يكون الولاء للعراق وحده،وبسبب كل هذا تصرّ إدارة بايدن البقاء بالعراق، وتنظيم تواجدها العسكري، بحيث يضمن إنسيابية حضورها وتأثييرها على الساحة ،وهي تخوض حربها على داعش، ومع الفصائل الخارجة عن القانون في عموم المنطقة ، بحسب رؤيتها للأوضاع ،بعد حرب غزة التي تشارف على التوسع الحاد ،بحرب مفتوحة مع الفصائل الولائية المسلحة وداعش، وما يحصل من حرب حقيقية في مضيق باب المندب، تشاركها بريطانيا وتحالف العشرين دولة، وإزاء تنمّر الفصائل المسلحة وقيامها بغلق باب المندب ،امام الملاحة الدولية ،وتهديدها خنق العالم اقتصاياً ونفطياً،بحجة حرب غزة ودعمها لفلسطين،وقصف هذه الفصائل لمدن اسرائيل، وحقول وقواعد عسكرية امريكية في سوريا والعراق،وفي مثل هذه اللحظة الحرجة أمام أمريكا، وهي تفقد مصالحها الإستراتيجية الكبرى في الشرق الاوسط،تأتي حكومة السوداني وإطارها التنسيقي، لتطّلب إخراج الأمريكان، أولاً بالتفاوض وحسب قرار برلمان الاطار،أو تهديدها بالقوة والقصف، من قبل فصائل الإطار،خياران أحلاهما مرّ أمريكياً، ففضّلت (فرّية تنظيم العلاقة)، مع الإطار التنسيقي، لإمتصاص نقمة الإطار وحكومته،وهناك إتفاقية أمنية إستراتيجية، وقعّها نوري المالكي مع أمريكا، لم تلغَ لحد الآن،تضمن بقاء امريكي عسكري أطول في العراق،إذن حوارات تنظيم العلاقة إكذوبة امريكية ،انطلت على السوداني وإطاره ، والذي قسم منه يرفض خروج الأمريكان،أعتقد عملية تنظيم العلاقة مع الجانب العراقي، لن تجدي نفعاً ،ولن تحلّ مشكلة بقاء الأمريكان، سرعان مافهمت الفصائل المسلحة العراقية (فلم تنظيم العلاقة وأهدافه)، فقامت بزيادة عمليات القصف ،على قواعد ومصالح امريكا في العراق وسوريا ،وصواريخ باليستية على مدن اسرائيلية وبعد يوم واحد فقط من بدء الحوار الامريكي العراقي المشترك،إذن أمريكا تمارس عملية إنسحاب تكتيكي ، لبقاء عسكري أطول في العراق، ولايوجد شيء في بالها الخروج منه تحت أي ظرف طارىء،وتحت أي تهديد لفصائل مسلحة،ولهذا أعطى الرئيس بايدن صلاحية استخدام القوة العسكرية لقواته ،ضد الفصائل المسلحة في العراق ،وهذا دليل قاطع أن أمريكا لن تنسحب من العراق، وما يجري هم تخدير سياسي،إذن الحوار هوعملية إنسحاب تكيكي، لبقاء إستراتيجي طويل الامد….