23 ديسمبر، 2024 4:47 ص

أمراض يا بقايا  وطن .. أمراض!!

أمراض يا بقايا  وطن .. أمراض!!

كلفت بعمل تحقيق استقصائي لصالح إحدى الصحف المحلية عن الأمراض التي تفتك بالعراقيين فتكا وتحصد أرواحهم كالنعاج   فـهرمت …سئمت ..أحبطت ..مرضت !! إذ لم أتصور ولا في أبشع خيالاتي جنوحا  أن شعبا من شعوب الأرض تعصف به كل تلكم  الأمراض القاتلة من دون أن يتعظ او يغير من أحواله فضلا عن زعمائه المدنيين والدينيين ، إنطلاقا من قوله تعالى ” إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم” بل ويعيد إنتخابهم أيضا .
دخلت الى قسم الأورام في مستشفى الشهيد عدنان “سابقا ” ، الشهيد غازي  الحريري،  حاليا  فإنجاز الحكومات المتعاقبة منذ 2003 لم  ينجح سوى باستبدال إسم بآخر فضلا عن إستبدال صور عسكريين بملابسهم الزيتوني معلقة في كل مكان حتى في الـ w.c بصور معممين بقانونهم  الهمايوني  ، الإقصائي  ، التهميشي !!
أما من هو غازي الحريري؟ فلم  أكلف نفسي بالبحث عن تأريخه ولا عن هويته ولا إنجازاته لأن الأمر سياسي بحت و بإمتياز- صراع بين حزب البعث القومي وحزب الدعوة الإقليمي –  مع انني علمت قدرا بأنه طبيب مقيم في مستشفى الكاظمية حاول اغتيال صدام خلال زيارة كانت مقررة له الى المستشفى المذكور وتم ضبط مسدس في اللوكر الخاص به عام ١٩٧٩وتم اعدامه عام 1980ولعل هذه واحدة من ابرز الأمراض النفسية التي اكتشفتها – مرض الرغبة العارمة في القتل والتجسس والتعذيب والإعدام لدى المثقفين والحاكمين قبل الأميين والمحكومين في العراق !! خمس الشعب العراقي ذهب ضحية المخبر السري والمعذبين والجلادين الساديين داخل السجون العراقية منذ سقوط الملكية عام 1958وقتل الملك و سحل الوصي والى يومنا هذا وحبل المشنقة على الجرار !!.
صدمت الى حد الرهبة من عدد المرضى المصابين بالأورام الدماغية بكل اصنافها – الحميدة منها والخبيثة – الورم الارومي النخاعي، الورم البطاني العصبي الخبيث، الورم الوعائي، ورم الدبقيات قليلة التغصن، الورم النجمي الكشمي، ناهيك عن سرطانات الكبد ، الجلد ، الرئة ، الدم ، الثدي ، العظم .
لم يكن الحال أفضل حين دخلت الى قسم الباطنية والقلبية حيث اكتشفت ان ملايين العراقيين يعانون من إرتفاع أو إنخفاض ضغط الدم الحاد واحتشاء العضلة القلبية وتصلب الشرايين والسكري وتشمع أو التهاب الكبد الفايروسي بأنواعه الخمسة (أ، ب، ج، د، هـ) .

وزاد الأمر سوءا حين ذهبت الى اقسام غسل الكلى – مصايب وعجايب – أما قسم أمراض العيون فالآف مؤلفة من المصابين بإلتهاب العصب البصري والجلوكوما ( المياه الزرقاء) بأنواعها الحادة والثانوية والخلقية والمزمنة ..فيما قسم الأمراض النفسية والعصبية بحاجة الى مجلدات حيث الزهايمر والباركنسون والفوبيا والاكتئاب الحاد  والبارانويا  والشيزوفرينيا والقلق المرضي والبله والعته والجنون والهبل وووو!!
“ماطول عليكم السالفة ”  تأبطت أوراقي وقررت الهروب لأنني بدأت أشعر بالغثيان فضلا عن الوسواس القهري الذي  بدأ ينتابني   وأخذت  أتوهم بأنني أعاني من كل  تلك الأمراض دفعة واحدة وبعد نزول السلالم لتعطل المصاعد الكهربائية – عاتيييييي جدا – عند اقرب ” جاي خانه ” ألقيت أوراقي لأستعيد أنفاسي واذا براديو المقهى :
‫#‏اصابة 300 شخص بفايروس غير معروف في مناطق حديثة والبغدادي والخالدية وعامرية الفلوجة، يعانون من التقيؤ وارتفاع درجات الحرارة وهبوط ضغط الدم فضلا عن تشنج بالجسم وشلل الحركة واغماء للعديد من المرضى !!.
‫# ‏إصابة عشرات المواطنين بمرض الكوليرا في عموم العراق، لقيت أربع حالات منها حتفها
لأن الكوليرا في شكلها الأشد وطأة تسبب الإسهال الحاد الذي يمكن أن يؤدي إلى الوفاة جراء الجفاف والفشل الكلوي !!.
‫#‏ تسجيل عشرات الإصابات بمرض حبة بغداد’ الأخت ‘ والتي تنقل طفيلياتها بواسطة ذبابة الرمل في مخيمات للنازحين في ديالى وبالأخص في خانقين !!
# تسجيل أكثر من 120 حالة إصابة بمرض التدرن “السل الرئوي ” في سجن عراقي ببغداد، وسط تكتم شديد من وزارة العدل، بسبب وفاة عدد منهم جراء عدم نقلهم إلى مستشفيات متخصصة.
# إصابة العشرات بالجرب في مدارس محافظة المثنى ، ووزارة الصحة – نشلة وحكة – تؤكد ان كثرة حالات الإصابة بالجرب وحبة بغداد حالياً ناجمة عن ظروف النازحين وتكدسهم في أماكن ضيقة مع غياب النظافة!!
صحت بصاحب المقهى ” طفي الراديو يمعود تره راح أكوم أفلشه ” قلت ذلك وانا استدعي الى ذاكرتي الحديث النبوي الشريف ، صلى الله على قائله الذي لاينطق عن الهوى إن هو الا وحي يوحى : “
مَا ظَهَرَتِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ حَتَّى أَعْلَنُوهَا إِلا ابْتُلُوا بِالطَّوَاعِينِ وَالأَوْجَاعِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ فِي أَسْلافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا “فهل من مدكر؟! . أودعناكم اغاتي