23 ديسمبر، 2024 8:36 ص

أمبراطورية فارس تتمدد على حساب النفوذ الأمريكي

أمبراطورية فارس تتمدد على حساب النفوذ الأمريكي

بعد قيام الثورة الإسلامية في ايران عام 1979 وتغير نظام الشاه الذي كان موالي للولايات المتحدة بنظام أسلامي شيعي معارض يسعى الى أقامة أمبرطورية دينية سمها البعض بسم (الهلال الشيعي)، وفي اطار الصراع من أجل السيطرة على الشرق الأوسط  نشأ صراع نفوذ بين النظام الايراني والولايات المتحدة الآمريكية بدأته ايران عندما شنت الحرب على العراق عام 1980 وأدركت حينها أن الدول العربية لايمكن أسقاطها من الخارج بسبب قوة العراق العسكرية ومساندة معظم الدول العربية ماعدا سوريا للعراق في وقتها .للذلك أعتمدت على الحركات الداخلية لهذه البلدان ( الأحزاب الشيعية)وقدمت لها الدعم والسلاح . في حين أعتمدت الولايات المتحدة على قوتها كدولة عظمى في فرض نفوذها .بدأت ايران في بداية الثمانينات بتأسيس حزب الله اللبناني وفليق بدر العراقي وهو الجناح المسلح للمجلس الاعلى للثورة الإسلامية في العراق وقتها وكانت تحت مفهوم الاسلام السياسي الشيعي وأحتضنت الاحزاب العراقية الاسلامية الشيعية المعارضة مثل حزب الدعوة وحزب الفضيلة ودعم الحوثيين في اليمن والتحالف الشمالي في أفغانستان ونظام الرئيس عمر البشير في السودان والحركات الشيعية المعارضة في دول الخليج مثل البحرين والسعودية والكويت والحركات المتمردة في الصومال وحركة حماس في فلسطين وجميعها معارضة للولايات المتحدة .أما الولايات المتحدة فهي بدأت نفوذها عندما أقامت قواعد عسكرية ثابتة في دول الخليج بعد أحتياح الكويت من قبل نظام صدام حسين السابق وعند أحتلال الصومال ثم الانسحاب منه الذي وصف بالهزيمة في بداية التسيعينات في حين دعمت ايران في بداية التسعينات ما تسمى بالأنتفاضة الشعبانية الشيعية في جنوب العراق والتي فشلت ايظا بعد أن فرض النظام سيطرته على المناطق التي أستولى عليها المسلحين.
بلغ الصراع أوجهه بعد غزو الولايات المتحدة للأفغانستان وأسقاطها لنظام طالبان المعارض عقائديا لأيران وأستلام قيادات التحالف الشمالي الموالي لأيران معظم مناصب الدولة وهو الذي ساند الولايات المتحدة في غزوها وبذلك ايران سيطرة على أفغانستان سياسياً وهي تعجز عن توقيع أتفاقية أنسحاب مع أفغانستان .
وبعد ذلك عندما أحتلت الولايات المتحدة العراق وأسقطت نظام صدام حسين المعارض للطرفين والتي أعتقدت الولايات المتحدة أنها سوف توجد فيه نظام جديد تابع لها الا أن ايران بعد أن أدخلت الاحزاب الشيعية المعارضة التي كانت تقيم على أرضها الى العراق سيطرت على الارض والقرار السياسي فيه وهذه الأحزاب تجاهر بولائها لأيران وحتى أنها أجبرت الولايات المتحدة على توقيع أتفاقية أنسحاب من العراق وصف بالهزيمة للولايات المتحدة من العراق وظهرت سلبياته بعد أنهيار القوات الأمنية وسقوط الموصل وبعض المدن العراقية .
وبعد ذلك ظهرت سيطرة حزب الله على لبنان عندما أنسحب الجيش السوري منه بعد اغتيال رئيس الوزاء الأسبق رفيق الحريري بفضل أمتلاكه لسلاح لاتملكه الدولة اللبنانية وهو الان يسطر على معظم الاراضي اللبنانية ويعطل القرارات التي يشاء أهمها تأخير أنتخاب رئيس جمهورية منذو أكثر من ثلاث أشهر في حين تقف الولايات المتحدة عاجزة عن فعل شيء في لبنان .
وعندما فازت حركة حماس بالأنتخابات التشريعية في عام 2006 تحول العالم والدول العربية ضدها بضغط من اسرائيل والولايات المتحدة وضيق الخناق على الحكومة التي شكلتها مما أجبرها الى الأرتماء بأحضان ايران التي دعمت الحركة وقتها ب500 مليون دولار فأكتسبت ايران نفوذ جديد لايتوافق مع عقيدتها الدينية .
وبعد مايسمى بالربيع العربي وتساقط الأنظمة العربية ومشاركة أحزاب جماعة الأخوان المسلمين في العملية السياسية بعد أن كانت ممنوعة لعقود من قبل الأنظمة التي تساقطت في الربيع العربي .أستغلت ايران الرفض الذي قابل هذه الجماعة من قبل أنظمة دول الخليج والعسكر في مصر خصوصاً بعد سيطرة العسكر على الحكم في مصر بعد خلع الرئيس المصري الأخواني محمد مرسي الذي لم تجد الولايات المتحدة حلا سوى العمل معه وتقاسم النفوذ مع ايران بعد خلع نظام مبارك وبعد خلع نظام مرسي خرجت مصر من دائرة النفوذ الأمريكي ولم تبقى ضمن النفوذ الايراني وأحتضنت من قبل دول الخليج بعد أن أدركت خطر النفوذ الايراني متأخراً ووقف الولايات المتحدة عاجزة أمام توسعه  في حين أحتضنت ايران جماعة الأخوان المسلمين ومولتها عندما حملت السلاح وتحولت من فكر ونهج وأحزاب سياسية الى ميليشيات مسلحة في مصر وليبيا واليمن وهي الان ورقات ضغط تستعمل في السياسة الايرانية خصوصاً في مفاوضتها النووية مع مجموعة الخمسة زائد واحد .وأما بالنسبة للولايات المتحدة فأن الربيع العربي أفقدها الكثير من نفوذها كنظام علي بن زين العابدين في تونس ونظام حسني مبارك ومن بعده محمد مرسي في مصر وحتى نظام علي عبدالله صالح في اليمن التي كانت على وفاق معه والتي كانت تمده بدعمها الكامل في مواجهته مع الحوثيين وتنظيم القاعدة وبعد أن تخلت عنه الولايات المتحدة وتم خلعه من الحكم أتفق مع الحوثيين الموالين لأيران في اليمن والآن يسطرون على العاصمة صنعاء و معظم المدن اليمنية في ضل سقوط بطيء لمؤسسات الدولة اليمنية وهو ما ينذر بحرب أهلية تهدد وحدة اليمن . وحتى في لبيبا التي ساعدت الولايات المتحدة في أسقاط نظام معمر القذافي على أمل تغيره بنظام متحالف نرى اليوم الولايات المتحدة لاتملك حتى سفارة في هذا البلد .

أعتمدت الولايات المتحدة في بسط نفوذها على اﻷنظمة الحاكمة الحليفة معها لبلدان المنطقة وسعت لأزالت من لايتفق معها مثل نظام صدام حسين ونظام معمر القذافي بالقوة الخارجية والحصار الذي تفرضه على الدول وهي ستراتيجية فشلت في بقاء هذا النفوذ لأن معظم هذه الأنظمة أما تغيرت أو سقطت وتغيرت تحالفات هذه الدول فيها.بينما أعتمدت ايران على الحاضنة الاجتماعية ذات النزعة الطائفية للأحزاب والحركات المواليه لها والتي لايمكن تغيرها أو القضاء عليها مثل الحاضنة الأجتماعية في جنوب لبنان لحزب الله وحاضنة العلويين للنظام السوري وحاضنة جنوب العراق ذات الأغلبية الشيعية للأحزاب الشيعية وحاضنة القبائل الموالية للحوثي في اليمن وحاضنة حركة حماس في غزة وكذلك الأمر في أفغانستان وهي تحاول وتعمل على الأمر في مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية . والولايات المتحدة تقف عاجزة فهي لاتستطيع القضاء على هذه الحاضنة ولاتستطيع القضاء على النظام الايراني بالقوة وأعتمدت على العقوبات التي تفرضها على ايران وهي لاتجدي نفعاً لأن ايران بلد ذات ثروات هائلة وهو زراعي صناعي أستطاع تحقيق الأكتفاء الذاتي وهو مدعوم من قبل التحالف الروسي الصيني الذي لن يدعه ينهار في أطار الصرع القديم الجديد بين روسيا والولايات المتحدة.