في جلسة قادنا الحديث فيها عن ذكريات الامس ،والطفولة وحياة ايام زمان وطيبة الناس والبساطة والالفة والتواصل،قال زميلي سيد فليح وهو ينقلنا الى مشاهد من تلك الايام:
لم اشعر بطعم الامان الحقيقي كما كنت اشعر به ايام ماكانت والدتنا حين كنا صغارا عندما يحين وقت النوم تهيء فراشنا واحد جنب الاخر ثم تغطينا بغطاء واحد مرددة هذه العبارة (سور ابطن سور بيرغ فاطمة منشور)مع ادعية حفظناها عنها وصارت جزء من طقوس حياتنا في ذلك الوقت ،كنا لانشعر بالامان إلا عندما يجمعنا ذلك الغطاء
اعادني حديث زميلي الى ايام خلت ،ايام لها طعم خاص،كان اهلنا بسطاء في تفكيرهم ،ومعيشتهم،وطقوسهم،القرية هي كل عالمهم ،واذا صادف ان ذهب احدهم الى مركز المدينة اوالى مدينة اخرى فهذه مناسبة تقرن مع كل حدث ،وتذكر في كل حديث،كل شؤونهم في الزرع والصيد والقصب00الخ،كان زواج احد ابناء القرية او قدوم حاج من الحج او ختان طفل او اي مناسبة فرح فرحة للجميع يجتمعون لأجلها، ويولمون لها،ويباركون لأهلها وتظل هذه المناسبة سببا لجلسات سمر متواصلة مادامت المناسبة غضة طرية0كان مرض احدهم او حدوث وفاة او اي مناسبة محزنة حزن للجميع ،يظلون بسببها منقطعين عن الفرح ،حتى الراديو الذي كان الوسيلة الوحيدة ،لايكاد يسمع في بيت من بيوت القرية مواساة لاهل ذلك الفقيد اوالمريض0
كان اهلنا بسطاء في كل شيء لكنهم غرسوا فينا قيم ومبادئ وتقاليد وأخلاق لاتستطيع اليوم افضل المناهج التربوية ايصالها الى جيل اليوم ،تعلمنا من الاهل دروس في الحياة ضرورية لتكامل اي شخصية،تعلمنا احترام الوقت،والتقاليد بكل ماتتضمن من منظومة سلوكية،وتقديس النعمة، وأوقات الصلاة ،وكانت مضايف اهلنا مدارس مفتوحة علمتنا الكثير .
عندما تقدم بنا العمر وكبرنا وأخذتنا مشاغل الدراسة والعمل ،وولجنا معترك الحياة،واجهتنا احداث وظروف وانشغلنا بهموم فرضتها علينا حياتنا الحاضرة ،فوجدنا انفسنا نعيش خارج ماتختزنه ذاكرتنا من قيم تربوية غرسها فينا أهلنا.
لااريد ان اخوض في مقارنة بين الامس واليوم،ولكن اعود الى حديث زميلي سيد فليح ، فعلا لقد فقدنا الاحساس بالأمان ،عندما تفرقنا عن ذلك الغطاء 0نحتاج ان نحكي لابناءنا معنى ان يعيش الاخوة بأمان تحت غطاء واحد وخيمة واحدة تجمعهم 0والله الموفق0