تكلفة بشرية وصلت خطورتها عند العراقيين، منذ عقد ونيف لأرقام مهولة، بين وفيات أحداث 2003 ، ثم الحرب الطائفية المقيتة، فحصدت مئات الآف من الأبرياء، فتوزعوا على المقابر جراء التعذيب والقتل، مضافاً إليهم ضحايا التفجيرات الإرهابية، يلحقها ملايين النازحين، والمهجرين، والمهاجرين، فلقي بعضهم حتفه مرضاً، وقهراً، والماً على عراقهم، ثم سيرت قوافل الشهداء الملبين، لنداء المرجعية دفاعاً عن الأرض والعرض، وما زال العرض مستمراً، فأموات الصعق الكهربائي بسبب الامطار، بات أمراً وارداً في شهادة الوفاة العراقية!!
يذكر في تراث المغاربة، أن إمرأة كانت تنتقد حكومتها المترهلة، بأن ترتدي ثوباً خرقاً، مكوناً من سبعة أنواع من الجلد، لسبعة من الحيوانات، التي تذبح أيام عيد الأضحى، وتسمى (أم سبع جلود)، ويتبعها مجموعة أطفال، وتطرق الأبواب، فتحصل على اللحم أو النقود، فتعطيها للأسر المنكوبة بوفاة، أو إعاقة، أو يتم وغيرها، فإذا كانت (أم سبع جلود)، تعمل من اجل أبناء جلدتها من المتضررين، فمَنْ يعوض العوائل التي ذهب أبنائها، جراء صعق كهربائي، نتيجة موجة الامطار!!
غرق الدور والمستشفيات، والدوائر الحكومية، ألم إنساني مشترك بسبب الامطار، وهو أمر مفروغ منه، ولكن أن يموت أناس أبرياء، بسبب إهمال الحكومة المحلية، وأمانة بغداد لمشاريع الماء، والصرف الصحي، وشبكات المجاري، لتصريف مياه الامطار والفيضانات، فهو نقطة نظام، وحقبة من الدموع، تستحق التوقف، والتفكير في السبب الرئيسي لهذه الحالات، إنه الفساد والهدر في المال العام، ودون رادع يذكر، أما المفجوعون بالكهرباء فلا حول لهم، إلا صناديق الموت، أما الحكومة/ والبرلمان، والساسة، فهم فرحون بمتاحف مستقبلهم الملياري!!
هناك عجز واضح، وتقصير كبير، من قبل الحكومة المحلية، وأمانة بغداد في عدم قدرتها، على إسترجاع الأموال المنهوبة، المتعلقة بمشاريع خدمية وهمية، فلمَ لا يتم التحقيق بهذه الملفات الخطيرة؟ التي أزهقت أرواح الأبرياء، بسبب عدم تنفيذها، لأنها وهمية أو هروب مقاوليها، وعليه فالحكومة أم سبع جلود، لا تحتاج إعانة من أحد، بل الأجدر بها البحث عن الفاسدين والسراق لمحاسبتهم، لأن الروح عندما تزهق صعقاً بسبب الإهمال، فذلك أمر لن يذهب سدى، وعلى المقصرين ستدور الدوائر!!
أمانة بغداد بحاجة الى صعقة كهربائية، مكتنزة بالتدبر والتوجه الصحيح، وإستنفار جميع الجهود والإمكانيات، وإعداد خطط طوارئ لمعالجة هكذا أمور، فأين هي الأموال المخصصة، لحالات الكوارث الطبيعية؟ بعيداً عن السياسة والساسة فالتطاحن الخدمي الذي يشهده العراق، بات مأساوياً في ليال ممطرة، مع صرخات بقايا النفس، التي تأوي لمرقدها الأبدي، لأنها رغبت في الكهرباء، وسط زقاق معتم، وحجرة رطبة، لتنام العائلة مطمئنة، لكنها ستنام في الأيام القادمة، بلا كفيلها أو عائلها، الذي جرفته أحلام الماء والكهرباء!!