تعرضت وتتعرض اموال العراقيين العامة الى عملية نهب منظمة على ايدي الحكام المتسلطين على مر العصور والحقب التي تعاقب الحكام والسلاطين فيها على حكم العراق الزاخر بالخيرات منذ فجر التأريخ ، فقد اوغل سلاطين الاحتلال التركي في نهب خيراته واسرافها على ملذاتهم وشهواتهم وتركوا العراقيين يعانون شظف العيش وبؤس الحياة، ثم اعقبهم الاحتلال البريطاني الذي لم يتورع عن استغلال خيرات العراق النفطية والزراعية لخدمة التاج البريطاني،ثم حل النظام الجمهوري الذي يعد الفترة الذهبية في حفظ المال العام وصيانة الامانة وتسخير جميع الموارد لخدمة العراق وشعبه لأربع سنوات ونصف فقط، وهي المدة التي كان فيها الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم على رأس السلطة ، اذ لم تمهله عصابات حزب البعث التي استولت على السلطة اربعين عاما وعاثت فسادا في اموال العراق وثرواته وبددتها بشكل لم يسبق له مثيل بين الاسراف في الملذات، والهبات من اجل شراء الذمم وبين الحروب العبثية التي احرقت العراق بشعبه وثرواته الوطنية.
واستبشر العراقيون بعملية التغيير واسقاط التسلط البعثي يوم 9/ 4/ 2003 وظنوا انهم على اعتاب عهد التحرر والسعادة والعيش الرغيد آملين بالقادة الجدد الاخلاص والامانة والوطنية لكنهم سرعان ماخابت ظنونهم وانكفأت آمالهم حين وجدوا ان معظم الذين وثقوا بهم وحملوهم الامانة كانوا متعطشين للمال ..وللدماء .اذ بدأت عملية النهب المنظم، ولكل طريقته.. بين صفقات وعقود وهمية ،وبين مشاريع بائسة يذهب المال المخصص لها للجيوب الجشعة ،وبين عمليات نهب واختلاس علني والفرار الى الخارج والافلات من العقاب ،وبين تحويلها الى عصابات القاعدة لتمعن في ذبح العراقيين وتخريب العراق .
ويبدو اننا قادمون على نوع جديد من النهب : فبما ان لكل كتلة وحزب وكيان عدة وزارات في الحكومة ولكل وزارة تخصيصاتها المالية الضخمة ،وبما اننا مقبلون على الانتخابات البرلمانية التي يسعى فيها كل كيان للاستحواذ على السلطة من خلال الحصول على اكبر عدد من المقاعد البرلمانية ،اذن ستسخر كل وزارة ميزانيتها للاغراض الانتخابية ترويجا لقائمتها .. وما اكثر الحقول الوهمية التي ستدرج تحتها تلك المصروفات!.