19 ديسمبر، 2024 5:43 ص

ألماس ونساء ..الروائية لينا هوّيان الحسن

ألماس ونساء ..الروائية لينا هوّيان الحسن

وجيز سيرة كتابة النص
أصطادت قراءتي مايتسق مع تذوقها فأستضأت بمؤثرات نصية باذخة ، ثم عمدت الى تنضيدها : }لابد من كلمة ،،شكر،، كبيرة لموظفي مكتبة الاسد بدمشق الذين تحملوا معي على مدى عام كامل مشاق تشغيل ،،الميكروفيلم ،، للأطلاع على عوالم المهجر السوري، من خلال صحف ومجلات صادرة في ساو باولو وبينوس ايريس .ووثائق قيمّة أتاحت لي رسم عوالم السوريين واللبنانيين في البرازيل والارجنتين وشكر خاص للصديقة ،،كوكب .ش،، على بعض أجواء،،الكونتات العرب في باريس مطلع القرن العشرين / ص9..{

أستوقفتني هذه الاسطر في عتبة الرواية.. حيث المنتج الفرد يحيل المراحل الاولى من جهده الى تعاضد مزدوج : مؤسساتي /اجتماعي ——– مكتبة الاسد + الصديقة كوكب ..فلم يعد المؤلف وحده : وسائل ومواد الانتاج ،فالجهود المبذول من قبل المؤلفة خلال سنة الاطلاع على موادها الخام ، هذا الجهد هو بحق سيرة كتابة النص الروائي وبإمكان المؤلفة ان تفعل مافعله أمبرتو ايكو الذي انتج لنا كتابا عنوانه (حاشية على اسم الوردة) بعد سنوات من روايته المدوية (اسم الوردة).. كلمة شكر المؤلفة لينا :أولا تنضّد ضمن اهداب النص ..ثانيا :من خلال هذا الهدب تخبرنا لينا هوينا الحسن عن السقف الزمني للكدح الوثائقي الذي بذلته بالتعاضد مع موظفي ّ أكبر مرجع توثيقي في سوريا..كما تحدد جهوية البحث : البرازيل والارجنتين وكذلك هوية البحث :عوالم المهجر السوري..ثم تنتقل من العام الى الخاص مع تغير جهوية البحث : الصديقة / باريس ..من كل هذا الكلام في الوحدة السردية الصغرى الذي ثبتته المؤلفة على عتبة روايتها ،يتشكل وجيز عتبة جهدها الروائي..أما تفصيل الجهد الجميل الرائع فهو روايتها (ألماس ونساء) ..

(*)

هل يمكن اعتبار، مجهود السنة الكاملة الذي بذلته المؤلفة، هو توفير المواد الخام التي ستدخل في وسائل انتاج النص الروائية ؟ هل هي سنة تأهيل النص للكتابة الروائية ؟ألا يمكن اعتبار الرواية بعد ذلك هي بمنزلة قراءة روائية للوثائقي والفوتو ؟ ألا يمكن اعتبار ماقامت به المؤلفة هو ترجمة الوثائق الى رواية؟ والترجمة (هي تصرف شخصي في لسان النص المترجم ،أشبه قليلا بالتصرف الشخصي في اللغة/ ص5 مقدمة حاشية أسم الوردة) وماقامت به لينا هويان مع الوثائقي هو (التقلب فيه ) وقليلاً (التغلب عليه) ..لقد تم التفاوض بين المتن والحاشية بطريقة دبلوماسية ، لغوية ، أنيقة وبالطريقة هذه أنتقلت الحاشية من لسان الى لسان ثان ٍ من كتابة أفقية الى كتابة بطبقات جيولوجية تأثثت منها رواية بنوعية عالية الجودة..من كل هذا ..ربما يمكن اعتبار جهد المؤلفة قبل النص : هو إستقراء المتن

وتفكيكه والتقاط مايصلح للأستعمال الروائي؟ .وهكذا نلاحظ ان قراءتها للوثائق لم تكن بريئة بل هي استقراء روائي من أجل تدوين تلك الحقب روائيا ، وطبعا في هذه الكتابة ، ستلغي المؤلفة مالايتفق مع نسق كتابتها الروائي وستفعل فعلة كارلوس وتقسم مثل كارلوس ،،أن أكتب وأمحو كل شيء التاريخ ، الروزنامات ،الهزائم ، الخيانات ، الاوجاع ، الافخاخ ،الاسماء، الوجوه ،،..وستكون كتابة المؤلفة ربما درءاً لتكرار التاريخ، وربما تكون كتابتها محاولة روائية في تصنيع التاريخ !!..إتصالية الرواية بالارشيف هي اتصالية : الحاشية – الرواية ، بالمتن – الوثائق ..فالحاشية / الرواية، فرمتت النصوص السردية وغير السردية وخلصتها من صلادة الأرشيف ،ونفخت المؤلفة من روح تجربتها الروائية فيها ومن كل هذا الجهد الجماعي أنبجس جهد فردي بتوقيع وبصمة المؤلفة لينا ، ومن خلال الرواية : تم انقاذ الارشيف من التحنيط واعادة الحياة الى حيوات اجتماعية ..وحقبة توارت في برودة الظل وهكذا ستفعل المؤلفة ،وهي تستعير عينيّ كارلوس: (كل شخوص الماضي تفلت من – براويزها – لكي تذهب بعيداً أنى شاءت وبكامل كبريائها /11) وهكذا يتحول (يوم مر كمرور الريح) الى غيمة ماطرة ..

(*)

للرواية مفتتح / ص11 ولها مابعد النص حيث تنتهي الرواية في ص227 يظهر مابعد النص في ص229..في المفتح لانعرف من كارلوس سوى إسمه ولانعرف…سوى إسمها : برلنت ، وحين ننتهي من قراءة الرواية ستتفتح لنا آفاق الرواية ،وهكذا ترى قراءتي في المفتتح : قمة كتلة الرواية وما بعد المفتتح : فاعلية ابداع في تفكيك هذه القمة .بقلم كارلوس ..أما في ورقة مابعد النص ،فيكون التركيز السردي المشع مسلطاً حول ماسة من البرلنت ..هذه الماسة وفق قراءتي هي الشخصية المحورية التي تدور في افلاكها : الشخوص واتصالياتهم في تضاداتها وانسجاماتها..وفي هذه الصفحة من المطبوع يعلو صوت السارد العليم وهو يعلن اكتمال دورة دائرة الماسة من خلال تاريخ انتقالاتها من المقدس الديني وبالتالي الى الايدي الآثمة وغير الآثمة وصولا الى المقدس الدنيوي الملكة نازلي ..وإنتهاء بمقرها العام كآية للعالمين (ستعرض لاحقا في متحف للمجوهرات الملكيّة في القاهرة / 239)..

(*)

وحده السارد العليم : يعرف مصير ماسة البرلنت ..(لم يعرف كارلوس قط .أن ثمة ماسة من البرلنت المشوب بزرقة شاحبة كانت ضمن مجوهرات الملكة نازلي../239)..وكذلك وحده السارد العليم سيقوم بتفكيك ذلك اللمعان المؤطر بالزجاج وبشهادة السارد ..(لمعاناً يشبه بريقاً لنجمة لا حد لها.بريقاً يليق أن يبزغ من عين إله ! بريقاً جاء من باطن الارض ، من العتمة ، من مكان لاشمس فيه. لهذا تعلم كيف هو الشمس /239) إذن الماس والاحجار الكريمة تنبجس شمسها من ظلمات الرحم الأكبر كما …الإنسان من رحم الام والإنسان من الاحجار الكريمة ايضا ،فلولاه لما كانت للدنيا بإسرها قيمة (إني جاعلٌ في الارض خليفة / البقرة – 30) ..ثم يتغرب الانسان في محنته فيهبط لترتفع كل الاسعار ويبعينا الملوك للملوك والمقاولون للمقاولين ولاخيار للإنسان سوى أحدى الخشبتين : الصليب أو عربة الحمولة وهي تحاذي خاصرته واللجام بين فكيه والسوط يعزف ظهره ، وتصبح حياته : محض ذكرى نائية في ذاكرته المفصومة / المفصولة عنه ،فيتذكر من كان يشبه بوظيفة بستاني يتلفظ الازهار وتحلمه العصافير الملوّنة : شجرة مصابيحها ثمرات دانية ..

(*)

في (ألماس ونساء) يتسّير التاريخ وفق مشيئة الفعل الروائي..والتاريخ مشطور فهو تاريخ حقبة وتاريخ حجر كريم بصيغة ماسة من البرلنت .والأصح هو تاريخ ينبجس كله من ماسة يتيمة ومنه ينبجس كارلوس ..بوتان الكردي.. ناديا هو كوبيان الارمنية ..السيدة تريس ..عدلي بك … لتستقر الماسة الزرقاء في ورق مسطور بقلم الروائية لينا هوّيان الحسن التي منحت الماسة بريق روائي : (تعلّم كيف يكون هو الشمس /239) ..

(*)

في الرواية : وجيز أممي : سوريون ..هندوس ..أرمن..أكراد..احباش ..ومن كل هذا الوجيز الثلاثي المشتبك تنهض محاولة تصحيح كتابة التاريخ البشري ، كتابة بدون دسم الشوفينيات .

(*)

الكونت ينتج سردا وفق مخيلته لشخصية زوجته الصبية ألماظ ،فهو إلتقط الغرابة فيها لا الجمال (لم يكن قد رأى فيها امرأة جميلة ،لكنها بدت كائنا غريباً..) وهي لاتعيده اليها، قدر ما تذكره بسواها حينما يتفرس عمق عينيّ عروسه ،فهي تذكره ..(بنساء تلك اللوحات الجدارية التي رأها في أحد معابد البطالمة في مصر/ 16) والكونت لايراها كشخص بل كنسق ملتبس (كان يخشى من غموض السمراوات والتباس ملامحهن ) والقوس الثاني بالنسبة للكونت ..(كان دائماً يحذر من النساء المولعات بالصخور../ 17) فقد (ظلت عينا الخانم معلقتين بصخرة كونت دي مونت كريستو، بينما الباخرة تبتعد وتخلف الصخرة بعيدا في الافق ..) هل ثمة تراسل مرآوي بين الماظ والصخرة؟ .. كارلوس يرى..(للصخور آلهة وأرباب تماماً مثل البراكين والأرض المجوفة بالنار السائلة .لهذا كان دائما للأرض سحنة ملك ذلته الايام ../210)..وللخانم الماظ ،قائمة بالاشياء المفضلة : (صخور، وحمائم، وقطط ،/ 20) ..الكونت يحذر صخرة النساء ، وألماظ خانم (تكره النساء ذوات البشرة البيضاء /25) فكيف لاتكره البالغة البياض ، التي ترتدي من الشاعرية : ثوبا ؟! أعني الفتاة نادجا ..وحين تسرد نادجا حضورها عطرا بسخاء بالغ ،تقرأ ألماظ السرد العطري بإساءة تأويل لئيمة (عندما يُكثر أحدهم من العطر فإنه يريد أن ينسى حبّا مؤلمّا في حياته ../26) فتوجه السيدة تريس سهمها نحو الكونت وهي تصيبه بإستعارة ساخرة بصيغة سؤال :(عزيزي كرم ،بعد حياتك الملوّنة كريش ببغاء مكسيكي قل لي أهم شيء يمكن ان تقوله عن الحب ؟/ ص27) هذه الشفرات ستلتقطها فطنة القارىء ويمكن سينضدها ليتأملها كخرزات ملونة جميلة توزع ضوءها في فضاء الرواية فالكونت كان مذهولا من قدرة الماظ على أكل اللحم النيء المغمّس بالفلفل الاحمر ، لكنه سرعان ما أيقظته ذاكرته ..(ذكّره ذلك بما قاله له رجل أميركي ..عن حقيقة أن النساء اللواتي لايتأثرن بمذاق الفلفل الاحمر الحادّ، قادرات على ارتكاب الخيانة بسهولة أكبر ../31)..

(*)

إذا كان عروة الصعاليك بشهادته الشعرية (أوزع جسمي في جسومٍ كثيرة ) فأن بوتان الكردي الذي سيكون استاذا متخصصا بشعوب الشرق الاوسط سيوزع جهده في اسماء مستعارة ، حين ينتسب لحزب البارتي وبعد سنوات ،ربمّا عقود (سيأتي احد أحفاده وينشر مذكرات كاتب كردي ،كتب عن

قضيته في صحف أوربية متنوعة وبأسماء مستعارة ../ 205) هذه التشظية التسموية تنسحب على تشظية وتوكيل السارد العليم في توزيع صوته في حناجر شخوص (إلماس ونساء) ، يحدثنا هذا السارد عن غياب الاتصال اللساني بين الكونت وزوجته الصبية، ثم يخبرنا عن الكونت (انتبه مصادفة الى ولعها بالرواة والحكّائين ،فكل أبناء دمشق يتربون في كنف الحكايات . واظب على لفت انتباهها كلما اراد ذلك، عبر استذكار حادثة وقعت معه أو شيئا غريبا رآه ذات يوم في واحدة من أسفاره ./ 18) هل عاش الكونت حياته من اجل يسردها لزوجته الصبية ؟! ولاتكتفي بالسرد الحكائي لزوجها ، فقد كانت الماظ (تمتعها حكايات لور التي تحكيها لها عن وطنها البعيد الحبشة../31) أما الكونت فكانت كلمة (جانهوي) بوظيفة مرايا خادعة تزيده نرجسية ، وهو يترجمها لضيوف بمعنى (سيدي ) و(في الليل كان يطلب من الخادمتين ترديد الكلمة لأنها تستثيره بشدة ../32) والمفردة تعني : الإمبراطور ..

(*)

الكونت : زوج بوظيفةٍ حكائية ٍ: فما أسهل قص الحكايا على رجل عاش حياة الكونت أما زوجته الصبية فهي (تتصرف ببراءة طفلة اعتادت ان ترتدي ثيابها أمام أبيها، فقط ابتسامة خفيفة رسمتها على محيّاها../22) لكن خارج ،،الرباط المقدس !!،، فالكونت تسنى له رؤية كل ما يمكن ان يتفنن به ثغر المرأة (..ضحكاً، تقبيلاً، لعقا ، لحسّا، مصّاً، تلمظاً ، تأوها ../23)..

(*)

أجمل انواع السرود ، هو ماجرى بين كارلوس وبرلنت (خلال عشرين سنة مرّت ،تبادلا بها البرقيات الساخرة والرسائل المعاتبة واللكمات اللفظية../214)

*وهناك سرد كارلوس السجين المتعرض لصدمات كهربائية ،وهو سرد ملجوم ، وبرلنت (تعمدت ألاّ تسأله عن شيء، خشيت أن يحكي لها عن ،، أسرة ،، فشلت هي بإنجازها ، لكنها انتبهت الى أنّ حزنه كان نهائيا../ 214)

*كارلوس يرفض سرد الفوتو غراف، كما يرفض وصف الماضي سردا(لم أزين جدران منزلي بصور أحبائي، لم أفكر بتعليقها على حائطي، مثلما أني لم أكتب يومياتي قط ../ 217) والسبب هو ان كارلوس ورثة من امه ألماظ الخوف من التذكر ..

*في النهاية سيقطع كارلوس اللجام ويسرد الى برلنت وجيز مامربه في العقدين /220

(*)

لأبتسامة الانثى سردها المتنوع الذي يستفز رجلا مثل الكونت (كيف للمرأة أن تخترع ذلك الكم الهائل من أنواع الابتسامات وأشكالها !../23) وتساؤل الكونت متأت من خبرته في السرير وغير السرير وهكذا صار (يخشى من ابتسامات النساء أكثر من تكشيرات الوحوش )..وكأن الخانم تصغي بشفتيها لحكايات الكونت (تبتسم قليلاً، وتبدو رقة ثغرها أكثر وهي تسمع حكاية الجزيرة الصخرية التي كانت تمر بها الباخرة ../16) يرصد الكونت ابتسامتها ولاينسى توصيف فمها (يجفل قلبه وقتما يتذكر فمها كيف يرتجف مثل عصفور وحيد مروّع ../17)..والاستثناء هو ألماظ خانم التي صارت (تذهله بطراز جديد من الابتسامات، ابتسامة جديدة لم ير مثلها) والكونت هنا في منزلة بين منزلتين (لم يكن متيقنّا من

أن ّ ذلك التعبير الذي ترسمه شفتا الخانم الصغيرة إذا كان هو ابتسامة !!) لكن بمرور الوقت صار الكونت يحتاج ابتسامة الخانم ..(أصبح ينتظرها ويحبّها، وراح يصطاد كلّ مايمكن أن يجعلها تبتسم ../24)..الإبتسامة :هي من أجمل سرود الأنثى وابتسامتها متنوعة البلاغة : (النساء يفضلن الابتسام على الاعتراف بالحزن /225)..للأبتسامة فاعلية مكياج طبيعي تتخفى تحته تجاعيد الوجع ..وهناك الابتسامة / الاغواء المخادع (بدا موظّف الأمن ، الذي كان يُجري التدقيق اللازم مأخوذا بنادجا التي منحته بضع ابتسامات خجولة بطيب خاطر../28) لولا حضور موظف آخر لما عرفنا سر الابتسامة الكامن في حقيبتها ..(لأنه سرعان ماوقعت نادجا في ورطة حين عثر رجل الأمن على مسدس في حوزتها )…وهناك ابتسامة تومىء وتنوب عن الرد اللساني ،على كلام البكباشي كما فعلت الخانم حين (منحته ابتسامة متواطئة / 23)

(*)

فاعلية التسمية

*أوزفينار : اسمها الحقيقي لكن ، المتداول هو السيدة تريس ، وهو اسم رقمي اشتهرب به ، حين تمردت على النسق الاجتماعي المتداول وكانت لها قناعة خاصة بالرقم ثلاثة عشر ورأت فيه (رقم التغيير في المخططات والمكان ..إنه عدد الثوران والدمار، رمز قوّة إذا أستعملت خطأ ستعود بالدمار على ذاتها، عدد تحذير المجهول /26)..وصار لها لفترة طويلة ملاكها الحارس وهي تراهن عليه في لعبها..

*أثقال الملفوظ الاسمي هي نتاج جهلنا بمعنى الاسم في لغة الآخر لنجترح اسما مجاورا له بلغتنا .. الكونت أكتفى بتغيير اسميّ الجاريتين الحبشيتين (لور كانت تحمل أسمّا صعبا للغاية ،كان اسمها :وزروزوريتو، أما كارو فكانت تحمل اسمّا أكثر تعقيدا نسيه الكونت تماماً../29)

*ألماظ حين انجبت الوريث ،أرادت له اسما لاعلاقة له بماضيها ولابالماضي اطلاقا ، والاسم بالنسبة لألماظ كالملابس يجب ان تكون وفق المقاس ..فالماظ تخشى على الاسم من مؤثرية الزمن (..تريد اسماً لإبنها لايذكّرها بشيء، ما من اسم يلائم ذاكرتها الحزينة ،تخشى من الزمن الذي يبّدل ويغّير علينا ان نقيس الاسم قبل ان نلبسه ../130) لكن الوريث الذي اسمته كارلوس ستعرفه سجون الارجنتين وصعقات الهرباء ،وتخطف الحكومة زوجته وتقتل ابنه وسائق السيارة وهكذا (بدأت عملية استنزاف حقيقية لثروة كارلوس../ 216)..وهكذا لم تدرك الام ماتمنته لإبنها ..

*القبلة والاسم صنوان : لم يكتف ِ عدلي بك بأختلاس قبلة سريعة أسفل رقبة صباحت من الخلف …شفتاه ما أرتوت بالقبلة بل اضافت اليها خلسة ً ثانية (وهمس لها باسمه / 149) وهكذا سيكون لإسم عدلي بك مذاق قبلته وسخونة أنفاس رجل شبق حرقت أسفل عنقها..خلافا لذلك تكون القبلة التي اختلسها كارلوس من برلنت (تلقتها برلنت بهدوء وكأنها كانت تتوقع تلك اللحظة، لكن دونما أي حماس يُذكر..انسحبت وهي تقول محذرة :بدأنا صداقتنا ونحن صغار، نضحك، نلهو، فلم ننسفها بالخيبة ../173)

*جالديران : معركة جرت بين العثمانيين والصفويين ومن جرائها/ جرائمها : تقسيم كردستان / 205

*يزدان : هو يزدان شير قاد حركة تمرد في منطقة بوتان في 1853

*عبدالله النهري : زعيم كردي قادة حركة ضد الاتراك فكان مصيره سجن اسطنبول في 1880

*عبدالله مهاباد : الاسم يحيل الى جمهورية مهاباد الكردية وهي جمهورية مغدورة

كل هذه الاسماء وغيرها هي اقنعة الاستاذ المناضل بوتان ابن المناضل الكردي شرف خان ..

بوتان سوف يستعيد أمه تسمويا ويسمي ابنته جاويدان : إحياءً لأمه الاميرة جاويدان التي ماتت كمدا بعد ضياع زوجها اثر الغدر بجمهورية مهاباد ..

*لم يكن اسمها لطفية ، كان اسمها برلنت حتى بلوغها الخامسة ،لكن حينما انجبت صباحت طفلة ، انتزعت من برلنت اسمها وصيّرته اسما لإبنتها واطلقت على برلنت اسم لطفيّة وهكذا ستشعر برلنت انها عارية من اسمها ، اثناءها ستكره اللطف واللطفاء وسيكون أسم لطفية صليبها ستحمله الى جلجلة طولها عشرين عاماً وصار حلمها الاوحد ان تعود الى اسمها الاول ..اسمها الموائم لجسدها وروحها أسمها الذي يخلصها من الامتهان وستسعى لتسعيده ُ، اسمها اللامع الثمين الذي كان ينعشها بنسائمه. ..أليس الاسم سلما للمسمّى ؟ بشهادة مولانا ابن عربي ، لم تنتزعها صباحت من اسمها فقط بل قامت السيدة صباحت بتسفيلها عبر نفيها في اسمها الثاني الخفيف المتمايل مع ادنى نسمة هواء ، كيف لاتحقد على صباحت وعلى ابنتها وعلى كل من لم يعترض على تعريتها من اسمها ، لماذا حرموها من قوة اسمها الالماسي المتعالي (برلنت :أي الالماس باللغة التركية / 152) هل بالطريقة هذه استردت السيدة صباحت ديونها التي في ذمة الطفلة برلنت ؟ ديون رعاية صباحت للطفلة برلنت على مدى خمس سنوات ؟! السيدة صباحت وهي تنتزع برلنت من اسمها، لم تشتق لها اسماً من النسق نفسه ، لم تطلق عليها اسم فضة، أوياقوت ..بل اختارت لها اسماً وشحنته بمحتوى شخصي خال من الالوهة فاللطيف هو من اسماء الله الحسنى وبمؤثرية الاسم البديل (أرغموها على حمل أسم أنثى تذعن لعتمة الموافقة ، ولقول ،نعم ، وشيئا فشيئا اصبحت اقرب الى خادمة، وظلا مهملا للإبنة المدللّة والوحيدة للعائلة ../153) وهكذا أستطاعت صباحت بفاعلية التسمية إزاحة السرد الاول لحياة الطفلة برلنت .وحين تمردت على نسق عائلتها بالتنبي وهربت ولم تحصل إلاّ على عمل مكيسّة في حماّم نسوي وبهذا التوقيت اصرت على انتزاع لطفية منها واستعادة برلنته ، فسخر منها كارلوس (إن أسمها الجديد برلنت ،لايمكن ان تحمله مكيسّة../172) !!

*هناك من يكون في اتصالية تضاد حادة مع الاسم الذي يحمله فالمرأة التي اسمها (فضيلة ) لاتجيد سوى المتاجرة بالرذيلة ،وهي التي ستلتقط برلنت من الحمّام وتعينها في الصعود الى اسفل سافلين

*حين ادركها الزائر الاخير، لم تعترف بجرمها السيدة ،صباحت ، مع برلنت وتستغفر ربها، بل اوصت (ان يقام سبيل ماء باسمها / 200) لتسعيد حضورها تسمويا !!

*استعادت برلنت اسمها بطريقها الوحيدة التي لاتملك سواها وتوارى اسم لطفية ..وستناديها به ابنة صباحت وهي تزورها لتخلص ولدها المتهم بالشيوعية من السجن ..لكن هذا الانتصار التسموي جاء

متأخراً لذا (لم تشعر برلنت بالنصر مطلقا، وهي تسمع غريمتها تعترف بأنها خانم وأن أسمها برلنت ../201) ..

*للتسمية اغواءاتها وهيبتها وللتسمية أجنحتها التي تأخذ المسمى الى الاعالي وهاهي برلنت (أمتلكت غرور أن ترتدي قماشة تحمل اسما شاسعا، متكبرا، مترفعا أطلقه النساجون على نقشة سموّها ،،دامسكو السبع ملوك،،../ 237)

*كارلوس المشاكس لاتخدعه الاعلاموجيا ..كارلوس الذي لم يتساءل (أيّ حرير يمكن أن يسّمر سبعة ملوك مرة واحدة، على ثوب ترتديه ، إمرأة ؟! / 237)

(*)

استعادت برلنت اسمها من خلال سرد القسوة لحياتها، لولم تنتزعها صباحت من اسمها ،لما انسردت حياة برلنت بمثل هذا الجرح النرجسي الذي ضمدته بضمادات مشبوهة ..جعلتها في آواخر ايامها مدمنة كحول ثم لائذة بعقارات الهلوسة ..تريد ساعة بلا عقارب ومسافات بلا اقيسة ..تروي ظمأها للنسيان ..تستلقي على حنين شديد مجهول الجهة ..تعيش برلنت مجروفة بندم معتم تاركة حزنها لستريح على طريق سلكته بإرادتها ..وبشهادة برلنت وهي تحدث كارلوس في التلفون (فأنا لم أكترث من الامنيات .ماحققته في حياتي ، كله كان قرارات، لم أنتظر من السماء أية معجزات .دفعتُ ثمن كل ماحصلتُ عليه ../211)..

*لينا هوّيان الحسن / ألماس ونساء/ دار الآداب / بيروت / 2014

*أمبرتو أيكو/ حاشية على اسم الوردة / ترجمة :أحمد الويزي/ دار التكوين / ط1/ 2010

أحدث المقالات

أحدث المقالات