في هذه المداخلة سوف اتطرق الى ثلاثة مواضيع
الموضوع ألآول يتعلق بعرب العراق والآكراد أو الكورد. الكورد لهم حكومة و رئيس حكومة و وزارات ورئيس “أقليم” وبرلمان وعلم. الكورد لهم جيش خاص بهم ولايسمحون للجيش العراقي الحالي بألدخول الى أقليمهم ولديهم قوات شرطة كوردية. الكورد يسنون قوانين خاصة بهم في برلمانهم ولايطبقون أو يسمحون بتطبيق القوانين التي يسنها برلمان خان جغان في بغداد في أقليمهم. والكورد لهم تبادل قنصلي وسياسي مباشر مع دول العالم. ويستطيعون منع أي عراقي عربي دخول ألآقليم/الدولة بدون رضاهم. “مخلص الحجي” الكورد لديهم دولة اكثر رصانة من دولة حمود وعبعوب. أذن ألآسئلة التي تنخر في دماغ كل عراقي (أذا بقي فيه شيئا قابل للنخر لحد ألآن) هي لماذا رئيس العراق كوردي ووزير الخارجية و وزراء أخرين في ما يسمى بألحكومة المركزية في بغداد ولماذا رئيس أركان الجيش من الكورد وليس في هذا الجيش جندي كوردي واحد ولماذا لديهم هذا العدد من النواب في برلمان خان جغان ويساهمون بسن قوانين لاتطبق ألآ علينا نحن معشر ألآعراب, وفي أحيان كثيرة يعرقلون عمله. لماذا؟ نحن أمام دولة كوردية مكتملة بكل أركانها وبكل المقاييس. فلماذا نقبل بل ونصر علي تمثيل دور العربي الغبي والساذج كما نوصف في نكاتهم وهي كثيرة؟ لايوجد نظام سياسي في العالم أكثر مسخأ وغرابة كالنظام السياسي في العراق الجديد. فقط ألانظمة التي كانت ترزح تحت الوصاية الدولية أو ألآنتداب ألآجنبي في بدايات القرن الماضي كانت مرقعة ومرصعة بهذا الشكل الهجين.
الموضوع الثاني يتعلق بعلاقة البرلمان بالحكومة. النظام السياسي في العراق هو نظام “جمهوري نيابى (برلماني)” بمعنى ان أعضاء البرلمان ينتخبون مباشرة من قبل الشعب العراقي و البرلمان المنتخب هذا ينتخب بدوره رئيس مجلس الوزراء ورئيس الجمهورية. يذكر ان جميع النظم السياسية التي هي على هذه الشاكلة في العالم تتبع سبيلا واحدا بعد ألآنتخابات لاغير. الحزب الذي يحضى بأعلى ألآصوات من بين ألآحزاب ألآخرى يكلف بتشكيل الحكومة أن كانت لديه أغلبية برلمانية أو يعطى مدة زمنية معينة (أسبوعين في الغالب) لآستمالة أحزاب أخرى قريبة منه للاشتراك معه وبالتالي الحصول على أغلبية برلمانية وتأسيس حكومة أئتلاف. فأن فشل في ذلك فتؤل المسؤلية على الحزب الذي أحرز المرتبة الثانية و هكذا دواليك. القصة الكاملة لطريقة مجيء نوري المالكي للسلطة بدلا من أياد علاوي معروفة بعد أن فسرت المحكمة الدستورية الامور لصالح المالكي على أعتبار أن لديه الكتلة ألاكبر في البرلمان قبل أعطاء الفرصة لعلاوي. ألآسئلة المشروعة التي من حق المواطن أن يطرحها هي أين تلك ألاغلبية التي أوصلت المالكي الى مجلس رئاسة الوزراء؟ فمن المفترض بل ومن المنطق أن بأمكان من أوصلوه ان يصقطوه. هل رشاهم واحدأ بعد ألآخر وتقاسموا الموجود؟ حلال! ولم لا وهم يعتبرون الحكم غنيمة والخمس فيه حق! هل تركهم يسرقون كما يريدون ووثق كل ذلك هو وأمين سره ويده اليمنى المعشعش منذ ثمان سنوات في وزارة الداخلية بألرغم من خراب البصرة وخراب بغداد وسائر أنحاء البلاد؟ وبهذه الطريقة أصبحوا لديه أسرى صغارأ وبحجم الملفات التي يتحدث عنها. ممكن جدأ. هل أن الجميع مرتهنون ومسيرون من قبل أيران الاسلامية؟ هل أن أذرع المالكي العسكرية وألآمنية و الآستخباراتية وما الى ذلك من مصادر قوة الدولة بكاملها أصبحت أطول من قاماتهم جميعأ؟ هل أستفاد من الكورد وهم بدورهم استفادوا منه أكثر لكي يبقى في الحكم؟ وأخيرأ هل أن المالكي سباحا ماهرأ (أي مناورأ) كما ذكر أحد حلفاءه وأضداده في ذات الوقت؟ لماذا يتهم المالكي البرلمان العراقي بعرقلة أعمال الحكومة وهو يمتلك الاغلبية فيه أو هكذا يفترض, هل هنالك أليات لتوزيع ألآدوار؟ هل البيت الشيعي مختلف فعلآ على كل شئ ولكنه متفق على أمر واحد فقط وهو الحفاظ على السلطة و بأي ثمن؟ ألآسئلة هذه مختلفة الآهمية ولكن ألآجابة عليها واحدة “نعم”. الباحث في العلوم السياسية أو الآجتماع السياسي ربما يزيد فيقول بأن هذا الذي نشهده ماهو ألآ أفرازات منطقية لمجموعة أو مجموعات بشرية غير متجانسة وغير متوازنة تتعامل مع هياكل سياسية حديثة بعقلية متخلفة هي عقلية السوق والقبيلة وكاتبي ألآدعية, ينقصهم العلم والتجربة والحكمة والكياسة و يعتقدون بهتانأ وللآسف بأن ألسياسة هي علم الدسائس والكذب والمناورة والتزوير.
الموضوع الثالث يتعلق بسياسة فرق تسد. هذه السياسة تعني خلق الفرقة أو التفرقة بين شرائح دينية, مذهبية, أثنية, قبلية الخ ضمن المجتمع الواحد وذلك للتمكن من السيطرة بسهولة على هذا المجتمع. وسياسة فرق تسد قد تزرع من خلال أضفاء أمتيازات سياسية أو أدارية أو أقتصادية على شريحة معينة من المجتمع الآمر الذي يثير حفيضة الشرائح الاخرى. وقد مورست هذه السياسة الخبيثة في كل العصور ولكنها أصبحت جلية خلال مرحلة الاستعمار. فمن أحد أشكال هذه السياسة مثلآ ما كانت سلطات الاستعمار البريطانية تمارسها في الهند من خلآل ارسال وحدات مقاتلة مكونة من جنود ذات خلفية هندوسية الى المناطق ذات الاغلبية المسلمة أو ارسال وحدات ذات خلفية مسلمة الى المناطق ذات الاغلبية الهندوسية لآخماد ألآضطرابات فيها. وهذا يؤدي طبعأ الى ريبة وغضب الهندوس والمسلمين على بعضهم. ضحايا عواقب ومأسي هذه السياسة معروفة قبل وبعد أستقلال الهند عام 1947 ومن ثم أنقسامها ومقتل الملايين من المسلمين والهندوس الابرياء. وهذه السياسة هي أخبث سياسات فرق تسد التي نعرفها. لن أسترسل باعطاء امثلة أكثر لآنها معروفة لكني أشير الى مايحدث في عراق اليوم بهذا الخصوص. رئيس مجلس الوزراء نوري المالكي يحرض عشائر ألآنبار وغيرها من محافضات العراق الغربية ضد بعضها ويزرع العداوة والبغضاء فيما بينها من خلال استمالة ورشوة بعض شيوخها وتسليح مريديهم. وهذا ألآمر جلي للعيان للذين يراقبون تطورات الاحداث (راجأ من المطلعين بعمق على هذا الموضوع الكتابة عنه بشكل اكثر تفصيلآ). هذه السياسة اجرامية وقاتلة فهي تدمر السلم ألآجتماعي أذ تدفع بأبناء الوطن الى قتال بعضهم البعض, فيتيتم أبنائهم وتسبى عوائلهم ويشردون من ديارهم. أوليس هذا ما هو جار هذه ألآيام!
سياسة فرق تسد الخبيثة هذه تمارس أيضأ من خلآل أرسال قوات عسكرية جلها من الشيعة الى المناطق الغربية وهي سنية! الكارثة البشعة هنا ذات طابع مزدوج. أولآ تأجيج وزيادة ألاحتقان الطائفي بسبب وجود هؤلاء لآسباب غير مبررة كما يعتقد سكان هذه المناطق أو بسبب استفزازات أو ممارسات غير مهنية ناهيك عن عمليات الدهم المهين وألآعتقال و القتل التي تجري في ساحات المواجهات. وثانيأ يجري نفس الشيء عندما تبدأ جثث الجنود القتلى تصل الى مناطقهم في الجنوب او الى بغداد. أذا كان ألآمر مبيت فيما يتعلق بدق أسفين بين عشائر الغربية, وهو كذلك, فأني لاأستطيع الجزم فيما يتعلق بما هو مذكور في هذه الفقرة. ولكن العواقب المدمرة هي نفسها. أليس كذلك؟
[email protected]