قال الكاتب والمفكر الهندي, سيد أمير علي” إن مذبحة كربلاء قد هزت العالم الإسلامي هزا عنيفا، ساعد على تقويض دعائم الدولة الأموية”.
بين حاضر التأريخ وماضيه, ترابط في معاني الإصلاح, حيث الفساد الكبير للحُكام, الذي يتغلغل في نفوس المتنفذين, غير آبهين بنتائج أفعالهم, التي أدت غالباً, إلى سقوط عروشهم, وما بين واقعنا الحالي, وقضية الحسين عليه السلام, ترابُطٌ لا يمكن التغاضي عنه.
لم تكن ثورة الحسين عليه السلام, ثورة عفوية أو اعتباطية, من أجل السيطرة والحُكم, إنما جاءت بعد الفساد, الذي ساد الحكم الأموي, بتولي يزيد بن معاوية زمام حكم المسلمين؛ بوصية من أبيه عام 61 هجري, خرج الإمام الحسين عليه و آله, أفضل الصلوات والسلام, موضِحاً سبب خروجه من أجل , الإصلاح في أمة جده, عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم؛ حاملاً معه عياله وأخوته وبنيه, ليلتحق معه أثناء رحلته, من المدينة الى أرض كربلاء, ثلة من المؤمنين بما يدعوا له, ليستشهد جمع أصحابه, ومن قاتل معه من أهله, وسُبيت عياله إلى الشام.
كانت ولا زالت تلك الثورة العظيمة, مناراً ونبراساً للثوار الأحرار, ضد الظالمين ومغتصبي الحُكم, ومن سولت لهم أنفسهم العبث, بمقدرات الشعوب وما أشبه اليوم بالبارحة, حيث تَسلط الحكام على العراق, ظالمٌ بعد ظالم وطاغية بعد طاغية, كلٌ يَدعي الحَق وإنصاف المواطن, والمساوات بالحقوق والواجبات, وما إلى ذلك من شعاراتٍ, سرعان ما تتبخر وتذهب أدراج الرياح, لتظهر الحقيقة التي حيث الفساد ونهب مقدرات الأمة.
بعد الإحتلال الأمريكي للعراق 2003, الذي قضى على أكبر طاغية, جَمَع كل اِضطهاد العصور وطغيانها, حتى ظن العراقيون عدم إمكانية زواله؛ تربع على عرش الحكم, مجموعة من الساسة, اعتبروا أنفسهم مُتفضلين على شعب العراق, فهيمنوا على ثرواته, برغم المحاولات الحثيثة من الخَيِرين, إصلاح العملية السياسية والعمل لخدمة المواطن, إلا أن الفاسدين لم يرعووا لذلك, لتنطلق انتفاضة دينية وشعبية, تَحولت لثورة سيذكرها التأريخ, وفرض عدم تسنم الحكم للفاسدين السابقين, وتكوين حكومة وطنية.
يُنسب للإمام علي عليه السلام, أنه قال” من تكبر على الناس ذل” وما نراهُ من أغلب ساسة العراق, التَكبرِ والاستخفاف بكل مطلب جماهيري, غير مهتمين بالنتائج عند نفاذ الصبر, فنقص الخدمات واستشراء الفساد والفقر, والتشبث بالحكم من أجل التَحكم, يولد الثورات التي لا قبل لأي حاكم, أن يغمض له جفن, مهما كانت قوته.
فهل يفهم ساسة الفساد, ثورة الشعوب الغاضبة, لينزعوا جلباب التَكبر, ويتواضعوا بنبذ ما أقَروه من امتيازات, أفقرت الشعب وجعلت من أرض السواد, صحراء مُجدبة ومصانعه خراباً؟
هذا ما نأمله بجهود الطيبين, قبل أن يحفروا قبورهم بما فَعلوا, وفي قول لنابليون بونابرت” لا يعني الموت شيئاً، لكن أن تعيش مهزوماً وذليلاً يعني أن تموت يومياً” فالطف حاضِرٌ رغم تقادم الزمن.