كتب السيد خلدون طارق مقالة في جزئين, وربما سيتبعهما أجزاء أخرى, عن حفظ ألقرآن ألكريم. ألملحوظة ألأولى عن ألجزء ألأول من مقالته هو أسلوب ألأستخفاف بمن يختلف معه في ألرأي فيصفهم بألمعاندين “يُريدون أن يُكثِروا مِّن طَّنينِ الذُبابِ على مَسامِعِ الأسدِ”, وحتى في عنوان مقالته يستخدم مفردات مثل “الرَّدُ الُّمّفِحمُ”. هذا مع ألأسف ليس أسلوباً حضارياً في ألنقاش, بل يبدو أنه بألنسبة له أقرب ألى ألنزال ملاكمة أو بألسيف. ألفارق ين مجتمعاتنا و ألمجتمعات ألمتحضرة ألتي يصطف أو يتكدس ألناس أمام سفاراتها أو يغامرون بحياتهم كل يوم في ألبحر ألمتوسط لوصولها, يمكن أن يختصر إلى إحترام حق ألآخرين في أن يكونوا على خطأ. ثق بهذه ألبساطه, فلا أحد منّا معصوم وقد يكون ألآخرين على صواب.
ثم يسشهد ألكاتب بأراء مستشرقين يصف أحدهم “لا يأتيهِ الباطِلَ مِن بين يَديهِ ولا من خَلفِهِ” والكاتب يعلم جيداً أن ألرأي أو ألأستنتاج ليس دليلاً وأنه يعلم أن أهل ألعقل فوق ألنقل لا يعترفون بمعصومية عالم حتى لو كان آينشتاين نفسه. فقبل إكتشاف ألنظرية ألنسبية (وهي إن سميت نظرية إلا أنها مثبته نظرياً و مختبرياً شأنها شأن نظرية فيثاغورس و ألنظرية ألكهرومغناطيسية) كان علماء ألفلك في حيرة من أمرهم فحساباتهم للأفلاك وألمدارات ألمبنية على ألفيزياء ألنيوتنية ( نسبةً لأسحاق نيوتن) لا تطابق ما يرصدونه وفسرت ألنظرية ألنسبية هذه ألأختلافات وتوقع آينشتاين وجود أقمار أخرى للكواكب وحسب مداراتها وعندما أكتشفت هذه ألأقمار و رصدت وجد ألعلماء إختلافاً مع حساباته وظهر فيما بعد أن ألخطأ ليس في نظرية آينشتاين بل في حساباته. فلا أحد عندنا “لا يأتيهِ الباطِلَ مِن بين يَديهِ ولا من خَلفِهِ” حتى لو كان آينشتاين.
ويكرس ألكاتب قسماً كبيراً من هذا ألجزء من مقالته لأثبات أن ألقرآن ألكريم أوحي كاملاً إلى ألرسول(ص) دون نقصان. لا أدري لمن كتب هذا ألقسم, فمن يؤمن بنبوّة ألرسول(ص) يؤمن أيضاً بأن ما من نفس تقبض إلا بأمر خالقها وما كان ليقبض نفس ألرسول ألطاهرة قبل أن يتم رسالته, أما من لا يؤمن بألنبوٌة فلن تقنعه هذه ألآيات لأنه يعتبرها صناعة بشرية. ثم يذكر ألكاتب حديثاً منسوباً للرسول(ص) من صحيح ألبخاري نفس ألبخاري ألذي زعم أنه عليه ألصلاة و ألسلام قال:” أيما رجل وامرأة توافقا فعشرة ما بينهما ثلاث ليال فإن أحبا أن يتزايدا أو يتتاركا تتاركا”. ويقولون أن ألحديث منسوخ ويقصدون ملغي, هل يزعمون أنه حاشاه فعلاً قال هذا؟ وكيف صحح ألبخاري حديثاً مثل هذا؟ دعنا من كل هذا فلوسلّمنا بصحة هذا ألحديث ألذي يورده ألسيد خلدون طارق فماذا يعني هذا ألحديث؟ أيعني أن جبريل(ع) كان يريد ألتأكد من صحة حفظ ألرسول ألكريم(ص) للقرآن؟ أن كان هذا, فلا علاقة لهذا ألحديث بحفظ ألقرآن ألكريم فألكتاب ألذي بين أيدينا لم يأت إملاءاً منه لصحابته بل جمعه زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام وكانوا يأخذون بألآيات إذا شهد عليها إثنين. وإما إذا كان ألمقصود أن ألقرآن ألكريم كان مكتوباً في صحائف و أن جبريل(ع) كان يدقق ألكتابه كل سنة فمالذي جمعه زيد بن ثابت واصحابه وما سبب ألخلاف مع ألصحابي ألجليل عبدالله بن مسعود حول ألمعوذتين (سورتي ألفلق وألناس) ألتين قال أنه سمع ألرسول(ص) يقرأهما للحسن و ألحسين عليهما أفضل ألسلام ولم يسمعه يقرأهما في صلاة ولا يعتبرهما من ألقرآن,هل هذه كلها قصص ملفقة؟
وفي ألجزء ألثاني يحاول ألكاتب أن يبرر تحريف كتباً سماوية وصفها ألقرآن بألذكر وكيف يميزها عن ألقرآن فيقول:
“لأن اللهَ تعالى قالَ عنْ القُرآنِ الكريم بِأنهُ الذكر وهُوَ الذِكرُ الدائمُ غيرُ المُنقطعِ أَمَّا التوراةُ على سبيلِ المِثالِ فقَدْ كانَتْ أيضاً ذِكراً ولكِنْ ذِكراً لمرحلةٍ منْ مراحِلِ الزمنِ وبعدَ أنّْ أنتهى دورُ التوراةِ أُنزلتْ مِنْ مرتبةِ الذِكرِ وتعرضَتْ إلى التحريفِ لأن الحِفظَ مُرتبِطٌ بالذِكرِ.”
ألقرآن ألكريم أنزل على خاتم ألمرسلين(ص) أكثر من ألف سنة من ألسبي ألبابلي لليهود حيث كتبوا وأعادوا كتابة ألتلمود وألتوراة (هذا لا يعني أن ألتوراة لم تكن محرفة قبل ألسبي) و أكثر من مئتين وخمسين سنة بعد مجمع نيقيه ألذي قرر ما هو أنجيل و ما هو ليس منه, أي حين حرّف ألأنجيل. فأذا كانت صلاحيات هذه ألكتب قد أنتهت في وقتها ونزلت من مرتبة ألذكر كما يقول ألكاتب فلماذا وصفهما ألقرآن ألكريم بألذكر و لم يقل كانا ذكراً أو أن مرتبتهما أنزلت. فقد جاء في ألقرآن ألكريم
“وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ” ألأنبياء (١٠٥) فألذكرألذي سبق ألزبور هو ألتوراة
وفي سورة آل عمران ألمدنية أي نزلت بعد سورة ألحجر ألمكيّة
“إِذْ قَالَ اللَّـهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٥٥) فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ (٥٦) وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّـهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (٥٧) ذَٰلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (٥٨)”
فألذكر ألحكيم هنا هو ألأنجيل ألذي أنزل على سيدنا عيسى(ع) .لا يوجد أي ذكر في ألقرآن لما يدعيه ألكاتب بل يناقض إدعاؤه.
ألقرآن ألكريم هو ألوحي ألشفاهي ألذي أنزل على خاتم ألمرسلين(ص) عن طريق جبريل(ع) و ألمصحف هو جمع و تدوين هذا ألوحي بمجهود بشري. ألسؤال ألمطروح هو هل هناك وعد ربّاني بألمحافظة على ألقرآن من ألتغيير أو ألتحريف؟ أوبكلام آخر هل أن ألمصحف ألذي بين أيدينا هو ألقرآن, كل ألقرآن و لاشيئ غير ألقرآن؟ أي يمكننا ألأعتماد على أي نص في ألمصحف عل أنه قرآن و كما يقول أخوتنا ألمصريون و في بطننا بطيخه (ركية) صيفي. جواب ألكاتب على هذا ألسؤال نعم وجوابي كلا فكلمة حافظون لا تعني ألمحافظة من ألتغيير. ألخطأ ألذي يقع فيه ألكاتب خلدون طارق أنه يستند في أثباته لصحة جوابه على نصوص من ألمصحف و يعتبرها قرآناً أي أنه يفترض أن جوابه صحيح و يستخدم هذا في إثبات صحة جوابه. هذا منطق باطل فما أدراه أن ألنص:”إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ” هو من ألوحي ألذي أنزل على ألرسول(ص) و لم يضف فيما بعد؟
دليلي على جوابي هو كلمة ألذكر في ألقرآن ألكريم تشمل ألتوراة و ألأنجيل و ألقرآن و بما أن ألأولين حرّفا فكلمة حافظون لا تعني ألمحافظه من ألتغيير بل تعني حافظون للأصل (أي عندنا ألنسخة ألأصلية).
وهنا قد يعترض ألبعض و ربما بشدّة, لأستنادي على نصوص من ألمصحف و أعتبارها قرآناً في حين أنكرت على ألسيد خلدون طارق ذلك, وألسبب بسيط فجوابي على ألسؤال ألمطروح هو كلا فأمّا أن تكون هذه ألنصوص ألتي تدعم حجتي قرآناً أو أنها ليست كذلك وهذا وحده يثبت ما أقول.
وقد يقول ألبعض بما أن ألقرآن ألكريم هو آخر ألكتب ألسماويه ولا كتاب بعده فلابد أن يكون محفوظاً و معصوماً من ألتغيير عن قصد أو دونه. لهؤلاء أقول وما أدراكم متى قيام ألساعة؟ فقد مر أكثر من ألف عام بين تحريف ألتوراة و ولادة سيدنا عيسى(ع) وحوالي ألف وسبعمائة عام على مجمع نيقية وقد ولد مئات ألملايين من ألنصارى و أليهود وتربوا على أن كتبهم ألمقدسّة هي ما أنزل ألله وآمنوا بها مخلصين و سيحاسبهم عز و جل على أعمالهم ونياتهم و لا أعلم منه بما في ألقلوب وكذلك سيحاسب ألمسلمين.
وختاماَ هل هناك سبب يدعوا لأن نشك بأن ألمصحف ألذي بين أيدينا مطابق للقرآن؟ و ألجواب نعم وهذه هي ألأسباب. كل آيات ألقرآن ألكريم مقدسّه إلا أن بعضها لها وقع أكبر و تأثير أعمق على ألنفس من غيرها. مثلاً
“وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ “( ألأنعام ١٠) ليست لها نفس ألوقع مثل
“مَّنِ ٱهتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهتَدِى لِنَفسِهِۦ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيها وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزرَ أُخرَىٰ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبعَثَ رَسُولاً.ً”. (ألأسراء ١٥)
أو ألآية ١٠٥ من سورة ألمائدة وهي آخر سورة نزلت
يَـٰأَيُّها ٱلَّذِينَ أمَنُواْ عَلَيكُم أَنفُسَكُم لا يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا ٱهتَدَيتُم إِلَى ٱللَّهِ مَرجِعُكُم جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُم تَعمَلُونَ”
ولو أن هاتين ألآيتين تكررتا خمس مرات في كل سورة عسى أن تدخل عقول ألمسلمين (لا أقول قلوبهم فهي عضلات تضخ ألدم) لكان هذا مفهوماً ولكن أنظر ألى ألآيات ألمكررة حرفياً في ألقرآن:
“وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ “; الانعام١٠ و ألأنبياء ٤١
“كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ “;
أل عمران ١١ و ألأنفال ٥٢
“وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ”
هود ١١٠ و فصلت ٤٥
ثم هناك ألآيات ألتي تقدم لنا وصفين مختلفين و إن كان قليلاً لنفس ألواقعة, مثلاً سورة ألحجر ٢٨-٤٠
“وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ قَالَ لَمْ أَكُن لأسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ”
وفي سورة ص ٧١-٨٣
“إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ”
ألسؤال هنا ليس ما هوألفرق إن وجد بين ألطين وألصَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ, بل هو ماذا قال ألله سبحانه و تعالى للملائكة؟ هل قال طين أم صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ؟ وماذا قال أبليس بألضبط؟ لو أن هاتان ألروايتان جائتا من بشرلأعتبرناهما روايتين رصينتين لتطابقهما مع إختلاف بسيط. لكنهما جاءا ممن لا تأخذه سنة ولا نوم فلماذا تتكرر ألرواية حرفياً ولماذا إلأختلاف و إن كان بسيطاً .
و ألآيات١٠٤- ١٠٩ من سورة ألأعراف
“وَقَالَ مُوسَىٰ يَـٰفِرعَونُ إِنِّى رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلعَـٰلَمِينَ حَقِيقٌ عَلَىٰ أَن لا أَقُولَ عَلَى ٱللَّهِ إلا ٱلحَقَّ قَد جِئتكم بِبَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّكُم فَأَرسِل مَعِىَ بَنِى إِسرَٲٓءِيلَ قَالَ إِن كُنتَ جِئتَ بِـَايَةٍ فَأتِ بها إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ فَأَلقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِىَ ثُعبَانٌ مُّبِينٌ وَنَزَعَ يَدَهُ ۥ فَإِذَا هِىَ بَيضَاءُ لِلنَّـٰظِرِينَ قَالَ ٱلمَلأ مِن قَومِ فِرعَونَ إِنَّ هَـٰذَا لَسَـٰحِرٌ عَلِيمٌ “
وفي سورة ألشعراء ألآيات ٣٠-٣٤
قَالَ أَوَلَو جِئتُكَ بِشَىءٍ مُّبِينٍ قَالَ فَأتِ بِهِۦۤ إِن كنتَ مِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ فَأَلقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِىَ ثُعبَانٌ مُّبِينٌ وَنَزَعَ يَدَهُ ۥ فَإِذَا هِىَ بَيضَاءُ لِلنَّـٰظِرِينَ قَالَ لِلمَلأ حَولَهُ ۥۤ إِنَّ هَـٰذَا لَسَـٰحِرٌ عَلِيمٌ
من ألذي قال أن هذا لساحر عليم؟ أهم ألملأ من حوله أم فرعون قالها للملأ؟ وماذا قال سيدنا موسى(ع) بألضبط أهو ما جاء في سورة ألأعراف أم ألشعراء؟
و لو كان ألقرآن ألكريم مدوناً ومدققاً من جبريل(ع) كما يقول ألبعض لما كان هذا ألتكرار وألأختلاف و لما كانت سورة ألتوبه (سورة ٩) هي ألوحيدة من بين ١١٤ سورة ألتي لا تبدأ بألبسمله (بسم ألله ألرحمن ألرحيم). ألرواية ألرسمية أنهم وجدوها هكذا ولم يعرفوا إن كانت سورة بحد ذاتها أم جزءاً من سورة أخرى.
لم أتطرق ألى ما يزعم أنه آية ألرجم أو آية ألرضاع أو ما يروى عن أن داجناً أكل صحائف من ألقرآن لضعف هذه ألروايات.
وخلاصة أنه لا وعد رباني بألمحافظة على ألقرآن من ألتغيير بقصد أو دون قصد وأن ألمصحف ألذي بين أيدينا لا يطابق ألقرآن ألذي أنزل على ألرسول ألكريم(ص). وأكاد أجزم أن ألسيد خلدون طارق لم يكن يبحث عن جواب للسؤال هل أن ألمصحف مطابق للقرآن بل قرر مسبقاً أن ألجواب هو نعم وبدأ بألبحث عن أدلّة تؤيد هذا وفاته أختلاف ألروايات لنفس ألحدث في ألمصحف وألتكرار ألحرفي لآيات لا تؤثر في حياة ألبشر و لا في تعاملهم مع ألآخر. ألمستشرقون يستنتجون أن ألسبب هو أن ألقرآن نتاج بشري وما أقوله هو أن ألصحابة ألذين جمعوا ألقرآن بشر و أخطأوا في جمعه.