23 ديسمبر، 2024 8:28 م

ألسجال ألأنتخابي الى أين؟

ألسجال ألأنتخابي الى أين؟

عندما اتفقت القوى السياسية الوطنية العراقية مجتمعةً، وأجمعت على العمل بنظام الدائرة الانتخابية الواحدة في أول تجربة انتخابية ديمقراطية حقة، كانت موفقة تماماً بحيث جاءت نتائج الانتخابات مذهلة “وإن تخللتها بعض الهنات” وبرغم التهديدات والرهانات والمعوقات التي حاولت بشتى الطرق إفشالها.. أو تأجيلها! ومما لاشكَّ فيه أن نظام الدائرة الواحدة في حينها كان مناسباً مع طبيعة وظرف المرحلة، ولذا نجحت التجربة الرائدة وبشكل منقطع النظير بالرغم من كونها أول ممارسة ديمقراطية في تاريخ العراق! حيث استطاع العراقيون إختيار ممثليهم بكل حرية، وظهرت أول جمعية وطنية، وأول تشكيلة وزارية دستورية شرعية. وتم الفصل بين السلطات الثلاث وهي منجزات عظيمة لم تتحق في جميع الدول العربية والمحيط الإقليمي رُغم استقرار أوضاعها السياسية والاقتصادية والأمنية. ومسألة نجاح وإخفاق مثل هذه التجارب، وما يكتنفها من سلبيات وايجابيات حالة طبيعية تتعرض لها تجارب العالم برغم تطورها الأيديولوجي ونضوجها السياسي. والنجاح الذي حققه نظام الدائرة الواحدة كتجربة رائدة لا يعني العكوف والتمسك بهذا النظام، كما إنه لا يلغي بقية الأنظمة الانتخابية المتعارف عليها.. والمتبعة في دول العالم. وبما أن المرحلة الحالية قد شهدت تطورات وتغيرات متعددة وخاصة حالة الاستقرار الواضحة في المحافظات.. وكذلك الوعي الانتخابي وتفهم المواطن العراقي وتقبله متطلبات التغيير. واستيعابه لمراحل تطبيق مقتضيات المنجز الديمقراطي، فما الضير في ممارسة تجربة نظام الدوائر المتعددة في الانتخابات؟ إذ في مثل هذا النوع من الممارسات يستطيع الناخب التعرف على مرشحه بصورة مباشرة وكذلك يمكّن المرشح من معرفة ناخبيه عن كثب، كما أن التمثيل النسبي سيكون بصورة أوضح وأدق قياساً بالكثافة السكانية والتي تتفاوت من منطقة الى أخرى أضف الى ذلك تأكيد مشروعية الانتخابات كون الناخب يعطي صوته للمرشح الذي يثق به، ويطمئن الى قدراته في إسماع صوته بينما التصويت لصالح قائمة ربما تضم أكثر من 250 مرشحاً ومن المؤكد إن المواطن لا يعرف إلاّ القليل من الأسماء التي تحتويها القائمة. إذن فالعمل بالبدائل وتجربة جميع أنواع الممارسات الديمقراطية إسلوب متطور من أساليب الممارسة الديمقراطية، خاصة وإن إسلوب العمل بنظام الدائرة الانتخابية الواحدة لم يكن مفروضاً بل كان خياراً قابلاً للرفض والقبول من جميع الحركات السياسية وقواعدها الجماهيرية.
وحتى يكون نظام الدوائر المتعددة تجربة ناجحة مضافة وإنجازاً عراقياً فريداً، لابد أن نأخذ في الحسبان مسألة القوميات المتعددة المكونة للنسيج العراقي. فبحكم قلة تعدادها السكاني وتوزيعها الطوبوغرافي ستصاب بالغبن الشديد، أللهم إلاّ إذا وضعت لها خصوصية على شكل نظام مختلط بحيث تُخصص للقومية التركمانية اوالقومية الكلدوآشورية او الآيزيدية أو الشُبكية مثلا.. خمسة مقاعد في الجمعية الوطنية وبعد ذلك يختار أبناء القومية مرشحيهم بكامل حريتهم. وبذلك نكون قد حققنا التوازن وحفظنا حقوق كل مكونات شعبنا الجريح الصابر.
وما دام العراق قد كسر طوق العبودية، وتحدى كل قوى الشر والظلام، وما دام العراقيون قد أخذوا على عاتقهم دور الريادة “بما يتطلبه من تضحيات جسام” في سبيل قيام نظام ديمقراطي يحتذى به، فلابد أن يخوضوا التجربة بكل أبعادها.. ويقطعوا الطريق حتى النهاية!.