26 نوفمبر، 2024 5:47 ص
Search
Close this search box.

ألرواية ألسريانية للفتوحات ألإسلامية-3

ألرواية ألسريانية للفتوحات ألإسلامية-3

مقدمة:

إستكمالا لبحثنا “بدايات ألإسلام” سنستعرض  في سلسلة من ألمقالات ألرواية ألسريانية للفتوحات ألإسلامية وما يهمنا في هذه البحوث إلقاء ألضوء على تاريخية ألنبي محمّد وألخلفاء ألراشدين، حيث برز في ألسنوات ألأخيرة إتّجاه بين بعض ألمستشرقين، الذين يدافعون عن الرأي القائل بأنّ الإسلام قد جاء في بداياته كظاهرة هرطقة مسيحية تطورت في صفوف مسيحيين من شرق إيران ينتمون في الأصل إلى مبعدين من بلاد ما بين النهرين (من هاترا على وجه الخصوص).
وربما يكون هؤلاء قد استولوا على الحكم بعد انهيار مملكة الساسانيين في سنة 622 م، وبذلك استطاعوا أن ينقلوا تعاليم مسيحيتهم إلى دمشق والقدس (أورشليم)، حيث تم في أواخر القرن السابع (على عهد حكم عبد الملك) نقل هذه التعاليم المستجلبة من إيران من السريانية إلى خليط لغوي متكون من السريانية والآرامية والعربية.
كما أنّ هذه ألمجموعة تدعي بأنّ ألنبي محمّد لا وجود له وكذلك فإنّ الخلفاء ألراشدين شخصيات وهمية.
 
معركة اليرموك:
 
في السنة ال 4 لعمر بن الخطاب خليفة المسلمين، غزا المسلمون مناطق سورية حتى سواحل نهر الفرات. وفي السنة ال 5 لعمر أثار روم الولاية العربية حربا على العرب ومدينة جابيثا (الجابية) وتقع على النهر المعروف ب (اليرموك)، وهُزم الروم شر هزيمة وغادروا المنطقة، وكان قيام الحرب على النحو التالي:
 
لقد جمع القائدان بانيس (أو بانوس) وأبن شهربرز الفارسي (قائد أنشق عن الفرس وألتجأ إلى البيزنطيين) جيشا وأتجهوا صوب دمشق لحماية تلك المنطقة، فلاقاهم قائد المسلمين وقتل عددا كبيرا منهم، ولما وصلوا إلى دمشق عسكروا بالقرب من نهر فرفر الذي يسميه المسلمون “كرون” (نهر فرر ونهر أبانة هما الرافدان القديمان اللذان يشكلان نهر بردى حسب التراث السرياني).
 
وفي السنة التالية جاء المسلمون إلى دمشق أيضا فخاف البطريق وأرسل إلى وكيل الملك (المالي) في الرها (إسمه ثيودور تريثوريوس حسب المصادر البيزنطية)، فجمع عشرة آلاف جندي، وألتقى بالبطريق في حمص ومعه ستون ألفا.
فأصطدموا مع المسلمين وهُزمواوقُتل في ذلك اليوم اربعون الفا من جيش الروم مع بانيس ووكيل الملك، وقد غرق معظمهم في نهر اليرموك.
أما أبن شهربرز فنجا وجاء إلى حمص وأستسلم للمسلمين، وكتب رسالة إلى ألخليفة عمر يقول فيها:
“أعطني القيادة وجيشا وسأنزل إلى فارس وأخضعها برمتها”. فلما قرأ عمر الرسالة، أراد تنفيذ ما جاء فيها، غير أنّ بنات كسرى اللواتي أُسرن في حران قلن للخليفة لا تنخدع بكلامه الكاذب، وأخبرنه بما فعله شهربرز وأبنه بكسرى وأولاده. فألذي لم يحفظ القسم لملكه وأولاده فقتلهم غدرا، كيف يحفظ القسم لك؟ بل يريد أن يتمرد ويحكم. فأخذ عمر بكلامهن فأرسل وصلب أبن شهربرز على خشبة في حمص.
 
فتوحات المسلمين:
بعد إنتصارهم على الروم، جاء المسلمون إلى دمشق وأعطوا الأمان لأهلها، ثم أخضعوا غيرها من المدن، ومن هناك أرسل عمر خالد (أبن الوليد) على رأس جيش إلى منطقة حلب وأنطاكية وفتكوا بعدد كبير من الناس، بحيث لم يستطع أحد منهم النجاة. ومهما تحدثنا عن المآسي التي قاستها منطقة سورية، فسنظل عاجزين عن الحديث عن جميعها لكثرتها، لأنّ هذه الضربات كانت نتيجة غضب ألله.
 
ألجبهة الفارسية:
في هذه الأثناء، غادر سعد (بن أبي وقاص) يثرب وعسكر بالقرب من  عاقولا (مدينة الكوفة) وجمع يزدجرد ملك الفرس جيشا وأرسله لملاقاة جيش المسلمين، وعسكروا على ساحل الفرات بالقرب من عاقولا.
ولما ألتقى الجيشان هُزم الفرس فطاردهم المسلمون حتى قطسفون (المدائن) الواقعة على دجلة.
 
فتح المدائن:
للمرة الثانية يتجمع الفرس وملكهم على دجلة الذي كان الفاصل بينهم وبين المسلمين ويدمرون الجسر المقام على النهر بين المدينتين، وكان معسكر الفرس هادئا. أما المسلمون فركبوا رؤوسهم وقالوا: هلموا نعبر إلى الجانب الفارسي، فإنّ ألله الذي عضدنا في البر سينصرنا ويؤازرنا في البحر أيضا.
فأجتازوا النهر وباغتوا الفرس وهم معسكرون وقتلوهم وفتحوا قطسفون (المدائن) وغنموا مالا وبشرا. ثم عبأ يزدجرد تجمعا ثالثا في عاقولا (الكوفة)، غير أنّهم هُزموا ودُمروا، فتجمعوا للمرة الرابعة في بلد مادي، وهناك أيضا هُزموا وفتك بهم المسلمون.
لقد تمت هذه التجمعات ألأربعة في سنة واحدة. فلما رأى يزدجرد آخر ملوك فارس أنّ بلاده دُمرت، وقد قُضي على جيشه، وهرب الشعب وتشتت، وتأكد من عجزه عن إيقاف تيار المسلمين، هرب إلى حدود ألأتراك، إلى منطقة مراغاتي (مراغة) المسماة سجستان.
وبعد إختفاء دام خمس سنوات قُتل، سواء على يد المسلمين أم ألأتراك، وبمقتله زالت مملكة فارس المعروفة بمملكة الساسانيين التي حكمت 418 سنة، وقد تأسست سنة 538 يونانية من قبل أردشير بن ساباق وزالت سنة 956 من نفس التقويم، ويزدجرد هو آخر ملك في أيام هرقل ملك الروم، وعمر بن ألخطاب كان خليفة ألمسلمين في تلك ألفترة.
 
فرار هرقل:
وإذ رأى هرقل ملك الروم أنّ الحرب أستفحلت غادر أنطاكية كئيبا إلى القسطنطينية، وقيل إنّه ودعهم كوداع مسافر حيث قال: “سوزا سورية” أي وداعا يا سورية (سوزا باليونانية تعني بالضبط إلى اللقاء أي لنا عودة)، وأطلق العنان لجيشه فنهب وسلب القرى والمدن كأنّما هي منطقة الأعداء، فأغتصبوا ونهبوا كل ما وجدوه، ودمروا تلك المناطق أكثر مما فعله المسلمون، وتركوها بيد المسلمين ليسيطروا عليها.
ووجّه هرقل رسائل إلى الروم الموجودين في ما بين النهرين ومصر وأرمينيا، حذرهم فيها من مقاومة المسلمين، ودعا من يستطيع الحفاظ على حاميته إلى أن يصمد في مكانه.
 
…………..يتبع
 
 
ألمصادر :
– ألرواية السريانية للفتوحات ألإسلامية – ألكاتب تيسير خلف
– بيزنطة والفتوح ألإسلامية – لولتر كيغي – تعريب نقولا زيادة – دار قدمس – دمشق 2002 م
– تاريخ الرهاوي المجهول – الجزء الثاني – تعريب ألبير أبونا – بغداد
– تاريخ الرهاوي المجهول – بالسريانية – طبعة دير مار أفرام السرياني في هولندا 2004 م
– تاريخ الزمان لأبن العبري – تعريب أسحق أرملة – دار المشرق – بيروت 1986 م
– تاريخ الزوقنيني المنحول لديونيسيوس التلمحري – سهيل قاشا – منشورات المكتبة البولسية – بيروت 2006 م
– تاريخ الكنيسة – يوحنا الآسيوي – تعريب صلاح عبد العزيز محجوب إدريس – المجلس الأعلى للثقافة – القاهرة 2000 م
– تاريخ ميخائيل الكبير – الجزء الثاني – تعريب مار غريغوريوس صليبا شمعون – دار ماردين – حلب 1966 م
– بحوث تاريخية لاهوتية روحية – للبطريريك أغناطيوس زكا الأول عيواص 3 أجزاء – دير مار يعقوب البرادعي – لبنان 1988 م – 1999 م – 2000 م

أحدث المقالات