23 ديسمبر، 2024 1:33 م

ألربيع العربي و خريف البطريرك

ألربيع العربي و خريف البطريرك

حل علينا الربيع العربي رغم إني لا أميل لتلك ألتسميه كونها غير دقيقه وجاءت متسرعة وحماسيه جدا وغير عقلانيه. ولكن ذلك الربيع مع الأسف جاءنا من وسط النيران التي تأججت في جسد المرحوم ( محمد بو عزيزي ) ولم ندرك قبلها بأننا نعيش على براميل من البارود فجرتها تلك النيران في 17 / 12/ 2010 لتنتهي والى الأبد (فوبيا )السلطة التي كانت تسيطر على عقلية الموطن العربي والتي بذلت الحكومات الكثير لتنميتها وترسيخها ..ومن المصادفات الغريبة أن مواطنه الشاعر المرحوم ابو القاسم ألشابي حثنا على مجابهة الطغاة وعدم العيش بين الحفر وعدم تهيب صعود الجبال .فخلال عشرات السنين كان الزعيم العربي يحيط نفسه بحاشية منتقاة بعناية ليقولوا له باسم الشعب (آمين ) كلما نطق أو سعل أو …!! وطبعا هناك فئة من رجال الدين المأجورين يشرعون له جرائمه ضد رعاياه ليردوا على صراخ المظلومين ( أطيعوا الله و رسوله و أولي الأمر منكم ) ؟!. أما الأعلام فهي الطامة الكبرى فان التلفاز يبدأ بصوره للزعيم وما قاله الزعيم وماذا أكل وما شرب وتنتهي فترة البث بنوم الزعيم وثم شخير الزعيم الذي ينساب كقطعه موسيقيه هادئة وحتى الصباح !!. أما الصحف فيخرج لك وجه الزعيم بوجهه الباسم من كل جدار ومن كل صحيفة ومن كل مؤسسه وزنكه وحارة وزقاق يحاصرك يتابعك أينما ذهبت وأين حللت ..
كان زعيمنا المفدى قد فتح السجون على مصارعيها لكل من يجرؤ ويقول أن على عين المبجل حاجب فان ذلك الأفاق يجب أن ينال جزاءه لأنه بذلك يحاول النيل من منجزات القائد الفذ ذلك لان حاجب الزعيم مقدس و التجديف به خدمه للاستعمار والامبريالية !!..وانه جند بعض العتاة للتعمق بالتحقيق مع المنافقين والعملاء واللذين يسيرون بالضد من ألمسيره الطويلة والطويلة جدا والتي قد تدوم عشرات السنين ولا ندري أين نحن ذاهبون!! . وان حكامنا من النوع ( الملتصق ) حيث أن احدهم إذا جلس على كرسي الرئاسة فان من الصعوبة انتزاعه منها أما بانقلاب عسكري ليحل علينا ملتصق آخر أو بالموت ليطل علينا احد أبناءه ليكمل مسيرة الالتصاق إلى ما شاء الله !!.
بذلت شعوبنا الدماء رخيصة وهي ليست كذلك في نظر حكامهم لنيل الحرية ذلك أن الحرية كما هو معروف يفكر بها الأذكياء وينفذها الشجعان ويستغلها المنافقون والمتسلقين على جماجم الضحايا اللذين قضوا في مقارعة جلاديهم .وذلك ما يحدث بالضبط حيث أينعت ثمار ربيعنا العربي عن حكام جدد لا يقلون التصاقا من أسلافهم إن لم يكونوا أسوأ. حيث أن هؤلاء الحكام الجدد من اللذين افرز تهم ألمرحله كانوا يتربصون ويراقبون عن كثب انجلاء الموقف ليكونوا بعدها بيضة ألقبان لترجيح كفة على حساب أخرى بحساب الربح والخسارة وليس على أساس تحقيق ما سقط من اجله خيرة الشباب العربي وهو ألكرامه والتي هي ليست كلمه مجرده إذ أن لها استحقاقاتها من الحرية والانعتاق والعيش بمستوى يليق بهم كبشر وليس كرعايا لسلطان جردهم من آدميتهم ومن ابسط حقوقهم ألاجتماعيه والاقتصادية والسياسية ..كنا كمواطنين عرب نراقب ونشد الأزر ونعاضد من خلال منشوراتنا أو من خلال إبداء المشورة والنصح وتحذيرهم من إمكانية سرقة ألثوره وبغفلة من الزمن من صانعيها وهو ما حدث في أكثر من بلد عربي طالة الربيع العربي وان النخب ألثوريه قد تم تهميشها وإقصائها عن الواجهة ألسياسيه ليحل محلهم الوصوليين و الأصوليين اللذين لم نرهم أثناء اندلاع المواجهات وهاهم يتصدرون المشهد السياسي ليكونوا امتدادا لأسلافهم المخلوعين…
فماذا بعد ربيعنا ؟ ماذا تغير ؟ ما هي الثمار التي جنتها تلك الشعوب التي كانت تحلم بغد أفضل بعد رحيل( البطريرك) سواء في تونس أو مصر أو اليمن أو ما سيحدث في سوريا بعد رحيل الأسد وهذا مؤكد لأنها حتمية تاريخيه طالما أن الشعب قرر أن يقول شيئا إذ أن المطالب تبدأ بمجرد الإصلاحات ليرتفع سقف المطالب بإسقاط تلك الرموز كلما أوغلت تلك السلطات باستخدام القوه المفرطة ضد المحتجين والمطالبين بحقوقهم ألمشروعه … لست مفرطا بالتشاؤم ولكني لا أميل إلى التبكير بالاحتفال بالنصر الشعبي لان الغاية ليست لمجرد تغيير انظمه ولكن بتغيير الواقع المتخلف الذي تعيشها شعوبنا من خلال إسقاط تلك الرموز ولنا في (بطريرك ماركيز ) تذكره إذ أراد للنهار أن يكون ليلا كي لا نضطر لطلاء زجاج النوافذ باللون الأسود ونرسم عليها نجيمات وربما قمرا غير مكتمل الاستدارة ونهرع إلى مخادعنا لان المفدى أراد ذلك!!!