إنّ “ألتباعد ألإلاهي” يعبّر في ألواقع عن ألمنفعة ألمتزايدة للإنسان نتيجة لإكتشافاته ألدينية ألخاصة وإكتشافاته ألثقافية وألإقتصادية.
إنّ ألإنسان ألبدائي أبتعد عن ألإله ألسماوي بسبب ألإفراط في إهتمامه بتقديسات ألحياة وكذلك بسبب إكتشافه ألخصب ألأرضي وحينما بدأ بألمشاركة بتجارب دينية محسوسة أكثر وجسدية أكثر إضافة لمشاركته في تجارب تهتكية، زاد أبتعاده عن ألإله ألسماوي وألإله ألمفارق.
لقد حوّل إكتشاف ألزراعة جذريا إقتصاد ألإنسان ألبدائي وليس هذا فحسب وإنّما قبل كل شيء بنيته للمقدّس، فتدخل في أللعبة قوى دينية اخرى:
ألجنس، وألخصب، وأسطورة ألمرأة وألأرض وقوى دينية أخرى.
نتيجة لهذا ألتطور أصبحت ألتجربة ألدينية أكثر مادية وأكثر أختلاطا حميميا بألحياة، فألربات ألكبرى – ألأمهات- وألآلهة ألقوية أو جنيات ألخصب أصبحن أكثر ديناميكية وأكثر قبولا لدى ألبشر بديلا للإله ألخالق.
ولكن في حالة ألتعاسة ألقصوى وخاصة في حالة وقوع ألكارثة ألآتية من ألسماء كالجفاف وألعاصفة وألأوبئة كان يتم ألرجوع إلى ألكائن ألأعلى وتقدّم إليه ألتضرعات، وهذه ألحالة غير محصورة بالشعوب ألبدائية، ففي كل مرة كان ألعبرانيون ألقدامى يعيشون عصرا من السلام والرخاء ألإقتصادي، كانوا يبتعدون عن يهوه ويتقربون من من أتباع بعل وعشتار ألذين كانوا يعيشون في جوارهم، وكانت ألكوارث ألتاريخية وحدها تجبرهم للعودة إلى يهوه:
“عندئذ صرخوا إلى ألرب وقالوا قد أثمنا لأننا تركنا ألرب وعبدنا ألبعليم وألعشتاروت، فأنقذنا ألآن من أيدي أعدائنا فنعبدك”……( صموئيل- ألملوك ألأول 1-1012 ).
إنّ ألعبرانيين عادوا إلى يهوه على أثر ألكوارث ألتاريخية وألهلاك ألوشيك ألمحكوم بالتاريخ، وكذلك كان ألبدائيون يذكرون كائناتهم ألعليا في حالات ألكوارث ألكونية.
إنّ عبدة ألآلهة ألتي تمجّد وتوسّع الحياة وألحياة ألكونية (نبات، زراعة، قطعان ألماشية ) وكذلك ألحياة البشرية، أكانوا عبرانيين أم بدائيين قد كان لديهم شعور بأنّ كل هذه ألربات ألكبرى، وكل ألأرباب الزراعية كانت غير قادرة على إنقاذهم وغير قادرة على ضمان ألوجود لهم في ألفترات ألحرجة.
إنّ هذه ألأرباب وألربّات لم تكن تستطيع سوى إعادة إنتاج الحياة وإنمائها، وما هو اكثر من ذلك لم تكن تستطيع ملأ هذه الوظيفة إلّا أثناء فترة طبيعية، فهذه ألآلهة كانت تحكم بإعجاب ألإيقاعات ألكونية وكانت تبدو غير قادرة على إنقاذ ألكون أو ألمجتمع ألبشري في فترة أزمته ( أزمة تاريخية لدى ألعبرانيين ).
إنّ ألآلهة ألمختلفة ألتي حلّت محل ألكائنات السماوية ألعليا جمعت ألقوى ألمحسوسة ألأكثر ألقا مثل قوى ألحياة وخصصت نفسها في ألأنسال وأضاعت ألقدرات ألأكثر براعة ونبلا وروحانية للتي كانت من صفات ألآلهة ألخالقة.
بإكتشاف قداسة ألحياة، أستسلم ألإنسان لإكتشافه ألخاص وأنجرف نحوه:
لقد ترك ألإنسان نفسه للتقديسات الحياتية وأبتعد بنفسه عن ألقداسة ألممنوحة للآلهة ألخالقة ألتي تحولت إلى آلهة مبتعدة أو مفارقة,
نتيجة لهذا ألتحول لا يستطيع ألإنسان منع نفسه من ألتساؤل:
هل كان ألإنسان صائبا في قراره هذا؟
مصادر البحث:
ألمقدّس وألمدّنس…… ميرسيا إلياد