تشتد هذه الأيام حملة إعلامية قذرة ضد أبطال الحشد الشعبي.. تقف خلفها جهات متعددة، لكنها معروفة المصدر والأهداف، ولعل اللافت للنظر أن هذه الحملة لم تتوقف على رهط معين من النواب، أو السياسيين الفاسدين، أو (الشيوخ) المحليين الذين عرفهم الجمهور العراقي بعد أن فاحت روائحهم النتنة في مناسبات عديدة من قبل، إنما امتدت هذه المرة الى مساحات واسعة، لتسهم فيها منظمات حقوقية (إنسانية)، وقنوات فضائية عربية ودولية مدفوع ثمنها من أموال النفط العربي.
فماذا يعني مثلاً أن يصف فرسان هذه الحملة قوات الحشد الشعبي (بالميليشيات المسلحة).. فيقول حيدر الملا علناً: أن داعش (والميليشيات المسلحة) وجهان لعملة واحدة..!! ويقول النائب ناجح الميزان أيضاً: (إن جرائم المليشيات كبيرة تمثل عملا ممنهجا مستمراً.. تتم بنفس طائفي انتقامي.. وإن هنالك قرى سنية أبيدت بكاملها. كما أن أغلبية السكان يضطرون أمام هذه الجرائم للنزوح وترك أراضيهم وأموالهم.. وأن هذا الأمر قد تكرر في الضلوعية والإسحاقي وسامراء.
وأشار الميزان إلى أن المليشيات تمول نفسها من المناطق التي تستولي عليها عن طريق النهب والسرقة وخطف النساء والمساومة على إطلاقهن مقابل فدية..!
وقبل أن أكمل تصريحات هؤلاء السفهاء وما ينطقون به من ظلم وبهتان، بحق أولئك الفتيان الذين تركوا مدارسهم ومصالحهم وبيوتهم، من أجل أن يحموا شرف الميزان.. ويصونوا عرض الملا. لقد أردت أن أسأل السنة قبل الشيعة، والكرد قبل العرب، وأقول لهم جميعاً: أيعقل أن رجلاً واحداً في الدنيا يمكن أن يصدق مثل هذا الكلام المخبول؟ ثم ماذا يريدون بهذه التصريحات الظالمة؟ فتارة يقولون أن هذه الميليشيات تابعة لإيران، وأن تمويلها وسلاحها وتدريبها يتم من قبل فيلق القدس. وتارة يقولون أنها ميليشيات تابعة للمالكي، حتى ألصقوا بها تسمية (ميليشيات المالكي).. وتارة يقولون أنها ميليشيات حكومية، تمول وتسلح من قبل ميزانية الدولة، وتارة أخرى يقولون انها تمول نفسها من المناطق التي تستولي عليها هذه الميليشيات، عن طريق النهب والسرقة وخطف النساء والمساومة على إطلاقهن. فأي التسميات صحيحة.. وأي الممولين يمولونها؟ واللافت للنظر أن قناتي الجزيرة والعربية (الحدث) اللتين كانتا تختلفان في كل الرؤى والمواقف، بدءاً من اختلافهما حول صورة الإرهاب في مصر وليبيا، وانتهاء بأفضلية ميسي أو رونالدو، نراهما اليوم – أي هاتين القناتين – تتفقان على موقف واحد من أبطال الحشد الشعبي.. فقناة الجزيرة تصرخ مطالبة (بوقف تجاوزات الميليشيات بحق السنة في العراق)، فتجيبها قناة العربية الحدث بشعار: (مصير سنة العراق مجهول بعد سيطرة الحشد الشعبي على بلداتهم) .. ثم تعلن هذه القناة استنكارها (لصمت العالم تجاه الظلم الواقع على أبناء السنة في العراق، والجرائم التي ترتكب ضدهم من قبل الحكومة والميليشيات الشيعية)!! ثم تبث بعدها فيلم فيديو يظهر بعض مقاتلي الحشد الشعبي يرفعون صوراً (وشعارات حسينية) فوق الدبابات العراقية.. وكأن رفع شعار يا حسين أو يازهراء جريمة وطنية ودينية ارتكبها مقاتلو الحشد الشعبي؟
ولم يقتصر الأمر على القنوات الفضائية فحسب، بل كذلك المنظمات والجمعيات والهيئات السنية التي كانت تختلف في الكثير من المواقف والأمور- لاسيما المالية – لنراها اليوم متفقة حول الموقف من أبطال الحشد الشعبي الذين حموا شرفهم من عار داعش. وهو لأمر عجيب والله.. فهذا رئيس ديوان الوقف السني العراقي محمود الصميدعي، يطلب من الحكومة العراقية التدخل لوقف العمليات المسلحة التي تنفذها الجماعات والمليشيات الشيعية ضد (السنة) في عدد من المحافظات العراقية، حتى أنه يصف ما يجري في هذه المحافظات بالتطهيرالعرقي والإبادة الجماعية. وهذه هيئة علماء المسلمين في العراق تستنكر جرائم الجيش وميليشيات الحشد الشعبي في مناطق ديالى وصلاح الدين وجرف الصخر وأبو غريب كتهجير السكان، وحرق المنازل!!
لاحظوا كيف تتطابق رؤى الجماعات (السنية) التي كانت مختلفة في كل شيء!!.
أما على الصعيد السياسي، خصوصاً قوى المقبولية والشراكة الوطنية، فقد دعا تحالف القوى العراقية (سني)، التحالف الوطني والمرجعية الدينية الشيعية، والتحالف الكردستاني والمجتمع الدولي، الى التدخل من أجل الضغط باتجاه تنفيذ الاتفاق السياسي الذي نجم عنه تشكيل الحكومة الحالية التي يقودها رئيس الوزراء حيدر العبادي. وقال التحالف في بيان له بعد اجتماع حضره أبرز القادة السياسيين للسنة العرب في العراق، إن ما يجري من خطف وقتل وتهجير في المناطق ذات الأغلبية السنية، إضافة إلى تصاعد نشاط الميليشيات الطائفية “والمافيات” خاصة في المناطق التي تشهد عمليات عسكرية، أو في المناطق الآمنة يهدف إلى تحقيق تغيير ديمغرافي في هذه المناطق، وهو أمر يقع خارج أي منطق قانوني وأخلاقي..وطبعاً فإن البيان لم يوضح طبيعة الاتفاق السياسي الذي يقولون إنه ساعد على تشكيل الحكومة الحالية.!!
ختاماً دعوني أتوقف عن عرض هذه النفايات وأختصر تفاهات الجماعة بجملة واحدة، أقول فيها: أن بسطال الشاعر الشاب علي رشم، الذي ترك أمه وأباه وأصحابه وقصائده وأحلامه الغضة، وذهب متطوعاً الى جرف الصخر ليحمي عرضهم، ويدافع عن شرف (جرفهم المتآكل)، وهو لا يعرف حرفاً واحداً من قاموس الطائفية، لهو عندي أشرف من رؤوس هؤلاء الطائفيين القتلة.