الشهادة تاج على رؤوس الساعين في تأمين الحياة الابدية، ويقيناً قد أحرزوا هذه الهبة الإلهية لصفات تحلوا بها ميزتهم عن أقرانهم، فمن يعمل لعقود في جبهات المواجهة ويوظف كل وجوده وكيانه من أجل إعلاء كلمة الله وتوحيده في الارض ، بكل تأكيد ستكون الشهادة إستراحته الأبدية، فلا يليق بهكذا نوعية من الرجال إلا وسام الكرامة، قال الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) “وكرامتنا من الله الشهادة” إذا الشهادة كرم وجود من الله تعالى لخاصة عبادة.
نعيش هذا اليوم الذكرى السنوية الرابعة، لتوشح قائدين فذين بوشاح الشهادة الحمراء ، ألا وهما الشهيد الجنرال قاسم سليـ……ماني والشهيد الحاج أبو مـ…….هدي المهندس، أثر إعتداء أمريكي غاشم قرب مطار بغداد الدولي، إنهم يختالون رجالنا ونحن نقتل مشاريعهم في العالم، فهم لا يعلمون أن دماء شهدائنا تثمر انتصارات، ولا يعرفون أن الشهادة مُنّية كل عاشق يجوب الصحاري والجبال والوديان بحثاً عن ذلك الخلود الابدي الذي وعد الله به السائرين في طريق ذات الشوكة لتكون الخاتمة لحوقاً بقافلة العشق، قافلة نينوى وحادي ركبها أبي الاحرار الحسين عليه السلام.
فارس كرمان رجُل ليس كباقي كالرجال، لقد حطم كل حدود رسمتها يد محتلٍ أثيم بغيض، لقد كان للمظلوم عوناً وللظالم خصماً وسيفاً مصلتاً على رقبته، لقد آلمنا وأحزننا نبأ استشهاد الشهيد قاسم سليماني.
وهذا أمير المؤمنين نراه قد تألم وحزن أيما حزنٌ على إغتيال رئيس أركانه جيشه مالك الاشتر رضوان الله تعالى عليه. لقد كان يقول “مالك وما أدراك ما مالك لو كان جبلاً لكان فنداً أو كان حجراً لكان صلداً لا يرتقيه الحافر، ولا يوفى عليه الطائر . أما والله ليهدن موتك عالماً، وليفرحن عالماً ، على مثل مالك فلتبك البواكي وهل موجود كمالك لقد كان لي مثلما كنت لرسول الله ) نحن الآن نقول من أين لنا بمثل قاسم سليماني؟ ومّنْ سيقف عند كل جبهة ويرد كل نار تفتح علينا؟ لقد عرج شهيداً وترك خلفه جيل من طلاب الشهادة، وهاهم يحاصرون وكر الأفاعي(الكيان الإسرائيلي) ويغلقون كل معبر عليهم. نعم اغتالوه غيلةً ليتشظى جسده الطاهر ويتحول إلى محور يقض مضاجع الظالمين… وما طوفان الاقصى إلا غيض من فيض فارس كرمان الذي مهد لكل شيء من سلاح وعتاد ودعم لوجستي.
أما شهيدنا الآخر فهو منارة من منارات الجنوب، تعانق أعلى معالي الكرامة والأباء، فعمره بعمر حضارة تجسدت بهيئة جمال، إنه أبن البصرة جمال جعفر ال إبراهيم (أبو مهدي) فهو شعلة من الروح الثورية، بقى متوهجاً على مر العقود، فلم تطفئه رياح الأيام، ولم تثني عزمه وهمته الأزمات، فقد دافع عن العراق من الاهوار حتى الجبال، فالكلمات لا تفي قدرة ولا تصف حجم جهوده الجبارة، بقيادته الحشد في قبالة عصابات داعش، التي اخذت تقضم مدن العراق مدينة بعد مدينة،
لكن أبناء العراق الغيارى تصدوا لذلك الهجوم البربري بقيادة أبو مهدي، وسطروا أروع قصص البطولة، وقدموا أرواحهم فداء لمقدساتهم وأرضهم، فكان لأبو مهدي الدور البارز والتأثير الكبير في قيادة العمليات، ولذلك اغتاله الشيطان الأكبر، ليرتقي شهيداً هو وضيفه فارس كرمان.
لقد تقلد قادتنا الشهداء وسام الشهادة مع تاريخ حافل بالتضحيات، وطابور طويل من الإنجازات، ووضعوا أسس المقاومة، لتبني عليه الأجيال القادمة، فسلام عليهم يوم ولدوا وحين استشهدوا وحين يبعثوا أحياء.