17 نوفمبر، 2024 8:47 م
Search
Close this search box.

ألا هل بلغت؟، اللهم فأشهد!

ألا هل بلغت؟، اللهم فأشهد!

لم يشهد العراق احتجاجات سلمية واسعة وناجحة مثلما شهدتها تظاهرات العراقيين في ساحة التحرير وسط بغداد والمحافظات العراقية الاخرى خلال الأسابيع الثلاثة الماضية.

 وبرغم وقوف جهات مشبوهة وراء تحريك هذه الاحتجاجات، إلا أن التظاهرات نجحت بطريقة غير معتادة في منطقة طالما تنتهي الاحتجاجات فيها باعتقالات وتدمير للممتلكات العامة.

 إن نجاح هذه التظاهرات يقف وراءه عوامل كثيرة، قد يكون أبرزها:

1.      إن المتظاهرين يملكون من الوعي والحس الوطني العالي الحريص على مصلحة العراق وطنا وشعبا وأرضا، ما أثر إيجابا على سلمية هذه التظاهرات ونجاحها وقبولها في الشارع العراقي بشكل كبير.

2.      إن الذين حرضوا ووقفوا ودعموا هذه التظاهرات بالمال والإعلام المرئي والألكتروني لم يستطيعوا (حتى الآن) من السيطرة على المتظاهرين وقيادتهم بالطريقة التي كانت في مخيلة الممولين.

3.      إن الحكومة تعاملت بطريقة أبوية مع المتظاهرين، بحيث حولت المحتجين من ناقمين على الحكومة الى داعمين لرئيسها حيدر العبادي، وهو ماعاكس معظم التظاهرات الإحتجاجية العفوية في العالم.

 كل هذه العوامل وغيرها أثبتت نجاح هذه التظاهرات التي نتج عنها قرارات “ثورية” ماكان لرئيس الوزراء أن يتخذها لولا هذا الدعم الشعبي المقرون بتوجيهات المرجعية، خصوصا وإن العبادي كان محكوما بحسابات ومعادلات سياسية فاسدة متراكمة منذ عام 2003 وحتى الآن.

 وبرغم هذا النجاح النسبي، إلا أن السؤال المطروح هو: هل يملك رئيس الوزراء حيدر العبادي خيارات واسعة للإصلاح وتغيير دفة الدولة بإتجاه تحقيق نهضة اقتصادية وسياسية تعيد صياغة معادلات الدولة التي هي الآن الطرف الأضعف في المعادلة العراقية؟

 معظم السياسيين والمحللين والإعلاميين يتفقون على إن أساس المشكلة في بناء الدولة العراقية، هو الدستور، وإن بقاءه بصيغته الحالية هو وصفة جاهزة لإستمرار ضعف الدولة أمام القوى الفرعية فيها، فهل يستطيع العبادي او غيره تغيير هذا الدستور او إعادة كتابته بصيغة تأخذ بنظر الإعتبار سنين الحكم منذ 2003 وحتى الآن؟

 خبراء القانون والتشريع يؤكدون إن الدستور العراقي المكتوب على عجل ووفق حسابات انعدام الثقة بين الأطراف السياسية لايسمح بأي تعديل في الوقت الراهن على الأقل، وإن التغيير في المناخ السياسي العام لن يشهد انفراجة قريبة مادامت أطراف العملية السياسية، تتعامل وفق نظرية المقايضة التي لاتقبل بتراجع أي طرف من أطراف الواقع العراقي الحالي.

 ما الحل إذن؟

 في واقعنا العراقي الحالي، قد يعتبر ماتحقق حتى الآن في جانب الإصلاح الإداري وخلال مدة قصيرة نسبيا، إنجاز أكثر من مقبول في ظل وضع عراقي أمني واقتصادي صعب للغاية، على أن يتبع هذا الإنجاز بتقديم مطالب واضحة غير مسيسة او تفوح منها رائحة الفساد المالي والاداري الذي ختمت به الدولة العراقية تاريخها به خلال الـ 13 سنة الماضية، تلتزم الحكومة والبرلمان بتحقيقهما خلال مدد زمنية محددة، وأعتقد إن العبادي قادر على الإلتزام بها، خصوصا وإنه نجح حتى الآن في تنفيذ وعوده التي أطلقها وفي مقدمتها تشكيل حكومة عراقية كاملة لم تتشكل منذ أكثر من أربع سنوات.

 أما إذا كان العبادي يسعى الى أن يكون كسابقه في إطلاق وعود الـ 100 يوم، فأعتقد إن شباب التحرير الواعين لما يجري حولهم قادرون على تكرار تجمعاتهم وتظاهراتهم وتحشيد طاقاتهم حتى وإن إضطرهم ذلك الى التظاهر كل شهر او شهرين لحين تحقيق المطالب الشعبية.

لا أعتقد أمام الشعب العراقي غير هذا الخيار في الوقت الحاضر والصعب الذي تقف فيه مجاميع داعش على أبواب مدن مهمة من بينها العاصمة لتبحث عن أية فرصة ضعف أو إنشغال رسمي لتنقض على العراق المشتت حكوميا وسياسيا، وإلا فإن إستمرار التظاهرات بهذا الشكل المفتوح وغير المحدد بمطالب وسقوف معينة، سيؤدي الى نتائج قاسية ستدفع الجميع الى عض إصبع الندم.

 اللهم هل بلغت، اللهم فأشهد!!…

أحدث المقالات