5 نوفمبر، 2024 1:58 م
Search
Close this search box.

ألاجنحة الخاصة تطيح بالخدمة المجانية للمستشفيات الحكومية ؟

ألاجنحة الخاصة تطيح بالخدمة المجانية للمستشفيات الحكومية ؟

كتبنا وكتب غيرنا عن الوضع الصحي في العراق فيما يتعلق بتفشي ألامراض ألانتقالية وغير ألانتقالية , وغياب المشروع الصحي بمستوى ماوصلت اليه الدول المتقدمة والدول التي في طريقها الى التقدم .
وقلنا أكثر من مرة أن الوضع الصحي في العراق يحتاج الى الشروع بالخصخصة لاسيما على مستوى الخدمات العلاجية في المستشفيات بعد أن ظهر جليا رداءة الخدمة داخل المستشفيات الحكومية وعجز أدارات المستشفيات عن السيطرة على تلكؤ بعض الكادر الطبي في الخدمة وتمرد البعض ألاخر لمصالح شخصية نفعية على حساب المهنة ألانسانية التي قلنا عنها بأنها تحتضر في العراق بعد أن سجلت نقابة ألاطباء غيابا واضحا , وأنشغلت وزارة الصحة بروتين العمل ألاداري الذي أصبح في العراق عموما وفي كل الوزارات ومنها وزارة الصحة مترهلا كسولا يشوه صورة الدولة التي تنفق مليارات من الدولارات على ألادوية وألاجهزة والبنايات والخدمات وألايفادات , والنتيجة من وراء كل ذلك نجد مرضانا أصبحوا نهبا لمكاتب السمسرة للعلاج في خارج العراق حتى أصبحت الهند مثالا على ذلك ؟
والسبب من وراء ذلك أولا هو الكادر الطبي وألاستثناء فيما نذكر موجود ولكنه قليل ومغيب , ثم ألادارات ثانيا التي عرف أغلبها بالضعف وأرتهانها لتأثيرات أعضاء مجلس النواب وأعضاء مجالس المحافظات ومسؤولي ألادارة في المحافظات , وهذه جميعها من نتائج المحاصصة التي لم تكن سببا لفشل العملية السياسية فقط وأنما كانت السبب لفشل الحكومة ومؤسسات الدولة وأداراتها .
أما الكادر الطبي فله حديث أخر يتعلق بتحليل المقطع التاريخي الذي يمر به المجتمع العراقي من حيث أنخفاض المستوى ألاخلاقي وحدوث التنافر والتناشز ألاجتماعي الذي أفقد الثقة بين ألافراد وأشاع روح التذمر والضجر , وهذه الحالة أثمرت ضياعا كان من نتيجته ظهور حالات مثل :-
1-   ألايمو
2-    البريكية
3-    المثلية
هذا على مستوى فئة ألاعمار الشابة , أما على فئة بقية ألاعمار فتوزع التأثير على أنتاج مايلي :-
1-   فقدان الثقة
2-    التشاؤم
3-    الكأبة
4-    الجشع والطمع
5-    قلة ألانتاج نتيجة عدم الرغبة في العمل
والكادر الطبي جزء من المجتمع العراقي يتعرض الى مايتعرض له المجتمع من أمراض سلوكية وتأثيرات نفس وأقتصادية .
فنحن أمام حالة أجتماعية تشكل ظاهرة مرضية تحتاج الى مواجهة عقلانية  أدواتها المعرفة أولا مع مايقتضيه الحسم كرادع لابد منه في الحالات الضرورية .
وما يقوم به القضاء اليوم من أصدار عقوبات رادعة بحق بعض الكوادر الطبية التي تلبست بقضايا تسيئ للمهنة وللمجتمع والدولة , ولكن هذا الردع يظل معزولا عن أستكمال العلاج ألاصلاحي الذي يحتاج الى مشروع تتظافر فيه جهود جميع الحاضنات المؤثرة في المجتمع العراقي .
ومن أمثلة المظاهر السلبية للكادر الطبي في العراق اليوم وهي كثيرة والشائع منها مثل :-
1-   طريقة المعاينة في العيادات الخاصة للآطباء والتي أصبحت موضع تندر المرضى ومن معهم من أقاربهم مثلما هي تندر وأشمئزاز الناس عموما ومن ألارقام التي تسجل في هذا الصدد :-
أ‌-       المبالغة بأستقبال أعداد كثيرة من المرضى تصل مافوق الخمسين مريضا وأحيانا يتجاوز العدد المائة في سويعات قليلة لايمكن أن تكون موضع أطمئنان على سلامة سير الفحص الطبي بقواعده العلمية وألاخلاقية .
ب‌-  ميل أغلب ألاطباء الى معاينة المرضى بصورة جمعية ” 5 ” مثلا .
ت‌-  وهذه الحالة لم تستثنى منها طبيبات الولادة والنسائية ؟
ث‌-  غياب التعامل ألانساني مع المريض .
ج‌-    عدم نظافة العيادة الطبية الخاصة وعدم وجود مرافق صحية في أغلبها .
ح‌-   عدم مراعاة الحالة الصحية للمرضى , فعيادة طبيب العظام والكسور أو طبيب ألامراض القلبية قد تكون في الطابق الرابع أو الخامس مع عدم وجود المصاعد الكهربائية وأن وجدت فعدم وجود المهرباء ؟
2-عدم ألالتزام بالضوابط العلمية وألاخلاقية في لوحات التعريف بأختصاص الطبيب مما يوقع المريض بخداع يروح ضحيته بحيث لم يحصل على نتيجة مرضية للشفاء بعد دفع رسوم المعاينة والمختبر وألاشعة .
2-   أستغلال حاجة المريض للشفاء بطريقة لا أخلاقية حيث تتم على حساب المريض صفقات مابين بعض ألاطباء والصيدليات والمختبرات وألاشعة والسونار
3-    أستغلال حاجة المريض للعمل الجراحي السريع بتوجيهه الى المستشفيات الخاصة لجهة ألانتفاع المادي .
وعندما شرعت وزارة الصحة بفتح ألاجنحة الخاصة التي بدأت بنسبة 25|0 من مجموع ألاسرة للتخفيف عن الضغط الذي تواجهه الردهات العامة وبسعر ” 50000″ دينار للسرير الواحد , ولآن هذه الخطوة لم تكن مدروسة جيدا لذلك تحولت الى تسعيرة خاصة وجديدة على مستوى تسعية غرفة العمليات وأجور الطبيب الجراح وأجور طبيب التخدير والكادر الطبي , مما فتح فرصة أمام جشع بعض الكوادر الطبية المصابة بالجشع قبل ذلك في عياداتها الخاصة كما بينا ذلك
وهنا أصبح المريض صيدا ثمينا لآصحاب الجشع ممن تخلوا عن مبادئ المهنة ألانسانية وحولوها الى تجارة مقززة ومقرفة بأرواح الناس لاسيما الفقراء منهم فمثلا أجور عملية ولادة قيصرية لليلة واحدة تكلف ” 500000″ أي نصف مليون دينار عراقي في مستشفى حكومي عمومي ؟
فأين سيجد المريض الفقير المحتاج للرحمة من يخفف عليه أزمته المرضية وأعباؤه المالية وهو يواجه هذا الجشع الذي يقول له لاتوجد أسرة لدخولك للمستشفى الحكومي ألا ألاجنحة الخاصة فيقع في مصيدة وورطة لم يحسب حاسبها ؟
وبهذا اللون من ألالتفاف تحولت المستشفيات الحكومية العامة الى مستشفيات خاصة تتقاضى أسعارا ترهق المريض العادي وتحرم المريض الفقير من تحصيل العلاج لآنه لايوجد ضابط يحمي المريض من جشع الكادر الطبي الذي تحدثنا عن سلوكيته في عياداته الخاصة .
أننا اليوم أصبحنا نقدم مستشفياتنا الحكومية العامة الى وسيلة لجشع الجشعين ومحطة لزيادة ألام الفقراء والمحرومين من المرضى , وبذلك نكون قد خالفنا الدستور العراقي الذي أقر وثبت مجانية الصحة والتعليم , ومثلما أعتدي على مجانية التعليم بالدروس الخصوصية من وراء ظهر المؤسسة التربوية كذلك أغتيلت الخدمات الصحية المجانية في المستشفيات الحكومية أكثر من مرة , مرة بسبب جشع الكادر الطبي , ومرة بسبب سوء أدارة وتخطيط وزارة الصحة والتي لم تحسب حساب مامعنى وجود ألاجنحة الخاصة أمام شهية غير محدودة للطمع والجشع الذي يتعامل به البعض من الكادر الطبي الذي أصبح يشكل أغلبية تكبل أعمال ألادارة , وتحبط كل توجه نحو ألاصلاح ؟
أن مشروعا للخصخصة في الخدمة العلاجية على مستوى المستشفيات بلحاظ وجود مثل ما ظهر عندنا من كادر طبي غير ملتزم بمبادئ وأخلاق المهنة الطبية وهي مهنة أنسانية عالمية أحترمتها شعوب وتساهلت بحقها شعوب نصيبها من التخلف كبير ومنها شعبنا الذي يتحمل الكثير منه فساد ألانتخابات وفساد الحكومة وفساد المسؤولين مثلما يتحمل فساد الكادر الطبي وتمرده على القيم وأخلاقية المهنة ؟
ومثلما فسد مشروع ألايفادات الطبية وأصبح عبئا على ألادارة والمال العام كذلك أصبحت ألاجنحة الخاصة مشروعا لتحقيق طمع الطامعين وجشع الجاشعين وأضطهاد المرضى وعوائلهم نتيجة غياب التخطيط وألاشراف الذي يضع ألامور في نصابها الصحيح وذلك هو الذي ينصف المواطن وحتى لايظل الوضع الصحي معرضا للتجاذبات وأهمال كما حدث في موضوع البطاقة التموينية وأرتداداتها فأن ألالتفات الى الوضع الصحي في العراق هو واجب كل المخلصين , لآن أهماله يعقد الوضع السياسي وألاجتماعي ويمهد لآنفجارات لاتحمد عقباها ؟
رئيس مركز الدراسات وألابحاث الوطنية
[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات