الإعلام فضاءٌ واسع جداً . والدخول إليه قد يكون بحاجة للموهبة. لأنه في بعض الأحيان لا تكفي الشهادة أو أي تحصيل دراسي أخر حتى تكون متميزاً وقادراً على العطاء. والموهبة وحب العمل الإعلامي لا تأتي إلا عبر وجود بيئة صحيحة تمنحك الأسس الحقيقة لهذه المهنة. إذاً كيف لا تكون متميزاً وحاملاً للموهبة والقدرة على العطاء والإبداع عندما يكون معلمك الأول هُم خيرة إعلاميي العراق. بل الأفضل على مر الـتأريخ الذي حمل العديد والكثير من الأسماء ألامعة.
منذُ طفولتها كانت تعشق الإذاعة والتلفزيون . وهذا العشق لم يكن مجرد أحلام أو أمنية بل واقع ملموس. ولتلك الطفولة حكايات وقصص مع أروقة مبنى الإذاعة والتلفزيون العراقي . عندما كانت تأتي مع (خالتها) الإعلامية العراقية الكبيرة (سعاد عزت) , معلمتها الأولى في هذا الفضاء الكبير . فتخيل أن تكون معلمتك تلك العملاقة . التي تعتبر أول من دخل تلفزيون بغداد في عام 1977 . نعم أنها الصوت المميز والإطلالة الرائعة (سعاد عزت) .
في تلك المرحلة بدأ حبها للأعلام . وكان لذلك التواجد منذ الصغر عاملاً مساعداً على تعلم الكثير والابتعاد عن الرهبة والخوف من الكاميرا والإضاءة والاستديو . ويمنحها دافعاً كبير من اجل الغوص والدخول لهذه العالم الجميل .
لم تكن خالتها الإعلامية الكبيرة (سعاد عزت) لوحدها تمنحها فرصة المجيء معها . بل كان زوج خالتها الإعلامي الكبير المرحوم جودت كاظم عزيز . دواراً هو الأخر في منحها الاهتمام والاستماع لها . ولكل أسئلتها التي تطرحها طفلةُ بحاجةٍ لتعلم الكثير والعديد عن الإعلام .
تلك الطفولة لم تكن تعتمد على مبدأ حب الإعلام منذ الصغر . بل تعلمت وتعودت على الالتزام والضبط والاحترام والتقدير لذات الإنسان وللجميع . فلقد نهلت من عائلتها تلك الصفات عندما أمتزج الإعلام والثقافة بحياة الضبط العسكري. فوالدها والأقرباء منها كانوا ضباطاً برتب عسكرية كبيرة . وهنا كان للأعلام والعسكر دوراً في بناء شخصية تحمل الكثير من الأسس التي سوف تمنحها دعماً كبير في مستقبلها .
لم تستمر تلك الطفلة في التواجد في مبنى الإذاعة والتلفزيون العراقي . لأنه حان وقت تلبية نداء الدراسة وتطور مراحلها . فأكملت دراستها لغاية تخرجها من كلية الأدب / الجامعة المستنصرية / قسم علم النفس.
الدراسة لم تمنعها من القراءة والإطلاع على كتب عديدة . وكتبت الكثير لنفسها ولكل ما تطمح له . متخذتاً من كل ما مرت بهِ في طفولتها من علوم متنوعة ممراً من اجل رسم مستقبلها الذي تطمح إليهِ .
في عام 2004 , كانت أول لحظات العمل وقطف ثمار جهدها الكبير . في دولة الإمارات العربية المتحدة , وبالتحديد مدينة دبي الإعلامية , عن طريق قناة الشرقية الفضائية .
في تلك أللحظة لم تكن وحدها , فلقد تتلمذت وتعلمت على يد خيرة إعلاميي العراق . ونخص منهم بالذكر شيخ الإعلاميين العراقيين الأستاذ نهاد نجيب . والمرحوم الأستاذ أكرم محسن والأستاذ صباح الربيعي , بالإضافة إلى مربيتها الأولى . والتي لم تفارقها أبداً الإعلامية الرائعة سعاد عزت . عملت في قناة الشرقية لما يقارب الخمس سنوات . وبعدها تركت العمل لتتعلم وتطور قدراتها أكثر . واليوم هي نجمةً تطلُ علينا من جديد على قناة (anb) ألإخبارية .
أنها الإعلامية صاحبة الابتسامة المميزة والأسلوب الجميل ( زينب فارق) , تلك الطفلة التي عشقت الإعلام وأحبت هذا المجال . كيف لا ومن حولها كان ولايزال خيرة من قدم لنا أجمل الأشياء على مر سنواتٍ طوال .
هنا نقول أن الموهبة وحب العمل هي أهم أسس النجاح والإبداع . واليوم نجد نجمةُ لابد لنا من إعطائها الحق , حتى نمنح للأخريات فرصة الإبداع والتنافس الذي نحقق من خلالهِ عودةٌ رائعة لهذا المجال . الذي مع كل الأسف أصبح اليوم لدى البعض مجرد عنوان وهوية تمنح ومرتب وإكسسوارات . دون الرجوع لفكر أو قدرة الإنسان على العطاء الحقيقي .
فتحية وتقدير للمرأة العراقية والإنسانة المبدعة والإعلامية الرائعة زينب فاروق . ولتك الأسماء ألامعة التي ساهمت وعلمت ودربت ووجهت للطريق الصحيح. الذي وهبنا لؤلؤةٍ تستحق أن نقف لها ولمثابرتها ونجاحها ودعمها في كافة مراحل علمها .
شكراً إعلاميتنا الرائعة زينب فاروق .. فلقد منحتينا مثالاً على مقدرة الإنسان في التعلم والمضي والوصول لما يريد . وفق الأسس والطريق الصحيح . فهنيئاً لنا وللأعلام بوجودك الجميل .