23 ديسمبر، 2024 1:59 ص

ألأسلام ألسياسي ودروس ألانقلاب في تركيا

ألأسلام ألسياسي ودروس ألانقلاب في تركيا

لم يدم انقلاب تركيا المركب ، بين العسكر وآخرين ، سوى ساعات قليلة ، واطيح به من خلال مكالمة هاتفية مجانية قصيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، لرئيس الجمهورية ( رجب طيب اردوغان ) الى الشعب التركي ، يحظهم فيها للدفاع عن الديمقراطية ، وفعلا” نزل الشعب يواجه الدبابات بصدور عارية ، وقدم تضحيات عديدة ، وحمل الجميع علم تركيا ، وعلق على جميع البيوت، لايمانه بالديمقراطية ومكتسباتها، وحتى الاحزاب المعارضة رفضت الانقلاب ، وخرج انصارها الى الشوارع معبرين عن رفضهم الانقلاب ودعمهم الديمقر اطية ، بالرغم من معارضتهم الحكومة والحزب الحاكم.
الدرس الذي خلصنا اليه ، ان الاسلام السياسي يمكن ان ينجح ( بغض النظر عن وجهات نظرنا المختلفة ازاءه ) ومثال تركيا واضح جدا”، وعلى العكس من ذلك ، كان النموذج المصري( حزب الاخوان المسلمين وهي ذات المدرسة التي ينهل منها حزب العدالة والتنمية التركي ) اذ تمكن من الوصول الى السلطة عبر آليات الديمقراطية المعروفة ، وبدل ان يقدم نموذج ديمقراطي ويحقق مكتسبات الى الشعب المصري ، راح يستعجل تغيير الدستور ، والسلطة القضائية ، والقيادة العسكرية ، واجراء انتخابات ، واصدار قوانين غيرت معالم الحياة الديمقراطية التي جائت به ، بل والادهى من ذلك هو التدخل بحياة الشعب المصري وثقافته المعروفة ومحاربتها بحجة الاسلام واحكامه، واوقف عمل الكثير من الانشطة الثقافية والسياحية ، التي تدر على الاقتصاد المصري ، وتشغل الملايين فيها، كل هذه الاجراءات حصلت في عام واحد من حكم (الاخوان المسلمين ) بقيادة الرئيس مرسي،حتى خرج الشعب المصري رافضا هذا الحزب ورئيسه وبجموع قدر عددها ب26 مليون مواطن تقريبا”، وتفويض الجيش بالخلاص من هذه الحكومة وحزبها، والقصة الباقية معروفة ،باعلان السيسي رئيسا ، وايداع مرسي واعوانه السجون المصرية .
التجربة التركية مغايرة تماما”، اذ ان حزب العدالة والتنمية ، ومع وصوله السلطة عام 2002، لم يغير في الحياة الديمقراطية ، ولم يمس علمانية الدولة ، بل عمل على تطوير تركيا ، وشطب مديونيتها ، وتحويلها من دولة فاشلة الى دولة ناجحة متقدمة اقتصاديا” ، وسياسيا” ، وامنيا” ، وثقافيا، وناجحة في جميع الميادين ، وبهذه الرفاهية والتقدم والاستقرارالتي
حلمت بها تركيا خلال فترة الانقلابات العسكرية الخمسة ، زادت حظوظ زعيمها ( رجب طيب اردوغان ) وحزبه الحاكم لدى الشارع التركي فضلا” عن الاقليم الاسلامي والعربي، وتوالت نجاحاته في الانتخابات ، حتى شكل الحكومة الحكومة الحالية بمفرده، وبعد 10 سنوات من النجاح ، استطاع اقصاء قادة الجيش ومجلسها السياسي الذي استمر لاكثر من 90 عام مهيمنا” على القرار السياسي في تركيا، وعدل الدستور دون ان تكون هناك معارضة تذكر ، وهو بصدد تحويل النظام في تركيا الى رئاسي ، ومن خلال تعديل الدستور ايضا”.
اما تجربة الاحزاب الاسلامية في العراق ، فهي بعيدة عن القياس ، لانها اهتمت بالمنافع الذاتية ، لها ولاعوانها ، واهملت جميع المفاصل الحيوية التي يمكن ان تسجل لها ، ولم تنظر للشعب كما نظر حزب العدالة والتنمية التركي ، وهي بذلك اسقطت مشاريعها السياسية وتأريخها النظالي ورموزها ، وحظوظها المستقبلية في الحياة السياسية ، ولو تهيأت الفرصة لحدوث انقلاب في العراق ، فلربما خرج الشعب يؤيد الانقلابيين كما فعل الشعب المصري ، وعكس مافعله الشعب التركي مؤخرا” تماما”.