لم أجد سبباً وجيهاً واحداً أو مقنعاً لتعامل السلطات الامنية في العاصمة العراقية الحبيبة ( بغداد السلام ) مع الانباريين النازحين المهاجرين إلى أراضي ( بغداد ) عاصمتهم الرسمية بعد أن ضاقت عليهم أرض الأانبار فتركوا ديارهم العامرة وخيراتهم الوافرة ليفروا بحياتهم جراء ما أحدثته
أزمة و حرب ( الأنبار ) من خرابٍ ودمارٍ وفتنةٍ في مدنهم الحزينة .. والغريب في الأمر أن الانباريين في العاصمة بغداد اقل عدداً من
الاخوة العراقيين من ( المحافظات الاخرى ) وبعض سلطات حكومة ( بغداد ) ومع الاسف التي تضع شروطاً قاسية للإقامة في بغداد بالنسبة لآهل الانبار , لكنها فتحت أبوابها ( للآخرين ) من مدن شمالنا العزيز والجنوب .. وتتسابق على التنكيل وإهانة العراقيين ( الأنباريين ) الوافدين الى بغداد وابتكار أنواع المضايقات لهم في الوقت الذي لا يبحث فيه هؤلاء عن عملٍ أو كسبٍ أو منافسةٍ لأحد بل الاستقرار في منطقةٍ آمنة حسبوها
( عاصمة لهم ) مع الأسف وصدقوا المقولة القديمة بأن أرض ( بغداد السلام ) حاضنة لاشقاءهم العراقيين ( الأنباريين ) وهذه المسألة ليست جديدة يرحبون ويصفقون ويرقصون فرحاً لكل من يحمل ( العملة الصعبة ) كي ينثرها في شوارع بغداد ومطاعمها وفنادقها الفخمة , والحمد لله أصبحت من عجائب الدنيا للمغتربين الأجانب الذين ينثرون المال في هذا الدنيا سواء كان إيرانياً أو أوربياً أو إفريقياً أو حتى من المريخ لكنهم ومع أسفي الشديد يتفننون في جرح كرامة ( أهل الأنبار ) في هذه الايام العصيبة الذي يتطلب مد يد العون من أشقائهم .. ونحن في ( الأنبار ) اليوم لا ننسى أحداً ، من أساء لنا ومن أحسن إلينا ، نحن في الأنبار فتحنا قلوبنا قبل حدودنا لعدد كبير من أبناء الشعب العراقي من جميع محافظات القطر , وفي جميع مدن ( الأنبار ) , ملأوا أرض الأنبار من شمالها إلى جنوبها ومن غربها إلى شرقها ، لا تجد شارعاً إلا ويتمشى فيه إخوة عراقيون ، أصبحوا جيراناً للآنباريون في بيوتهم وعملوا في مصانعهم ومعاملهم ، تزوجوا من ( الأنباريين ) وتزوج الأنباريون منهم ، وآلاف الحكايات والوجوه والذكريات التي مازال بعض العراقيون من كافة محافظات العراق يعيش بين أشقائه الأنباريين حتى هذه الساعة ، حالهم حال كل عائلة انبارية وغيرها من الأمور التي يخجل الإنسان من ذكرها وبخاصة اذا كانت بين الأشقاء , أهل الرُمادي الّذين نزحوا من ديارهم تحت لهيب القصف الأعمى وسرف الدبابات المتخاذلة ورصاص القناصة ، لم يكونوا يعيشون في خيام وكرفانات وبيوت شعر بل كانوا يقطنون في أفخم البيوت وأرقاها وكانت أسواقهم عامرة بهم وحقولهم خصّبتها قلوبهم الطيبة قبل حصادهم .. وفراتهم العظيم الخالد يشقُّ عبيرُ مائه حوضَ بقاعهم حاملاً حبهم لكل أهل العراق من وسطه إلى جنوبه ..
أبناء الرُمادي أجبرتهم ظروف هذه الحرب الظالمة للدخول إلى بغداد لأسباب عدة وهم يعرفون أنَّ هناك في بغداد من ينتظرهم كي يُكمل عليهم آهاتهم فقد ضاقت عليهم الأرضُ بما رحبت ولم يبقَ طريقٌ واحد للنفاذ من هذا الجحيم وإنقاذ الإطفال والنساء والشيوخ والعجائز من نار ولهيب الحرب إلا الذهاب إلى بغداد أو مدن مجاورة .. فالطرق كلها مغلقة غرباً وشرقاً وشمالاً وممرٌ واحدٌ أنقذهم من الجنوب الشرقي وهو طريق بغداد وعبر مسيرة وقوافل معظمها كان سيراً على الأقدام أو المبيت في العراء .. نقول للسياسيين الفاشلين وضباب الحقد يكلل نفوسهم أنَّ وحدة العراقيين تجلّت بإستقبال أبناء بغداد وكربلاء وبابل والمدن العراقية الأخرى لأخوتهم من أبناء الرُمادي غير مبالين بتصريحات هؤلاء المسؤولين المرتعبين من تلاحم الشعب العراقي العظيم في عاصمته المجيدة بغداد.