23 ديسمبر، 2024 10:22 ص

أكلوا تمري وعصوا أمري

أكلوا تمري وعصوا أمري

بعيدا عن الضجة التركية, قريبا من السيد رئيس الوزراء, الذي من المرجح نهاية الدولة العراقية الحديثة ستكون على يديه المباركتين, فمراجعة بسيطة لسنن التاريخ تنبئ, بأن كثير من الدول كان وراء انهيارها ضعف قادتها, وهزالة وتشتت أرائهم, ووهن إرادتهم.
ربما لم يحدث الرجل نفسه من قبل أن يكون رئيساً للوزراء, وهذا ما يمكن استخلاصه من كلامه الى ساعات قبل تسنمه المنصب, ولكن هكذا الفرص في العراق الجديد تمشي عمياء حتى ترتطم بصاحب الحظ الأوفر.
نظلم الرجل عندما نقيم أخلاقه وصفاته النفسية, ولكن أصبح شائعا أن صفات التردد, والخوف من المجهول, والقرارات غير المدروسة لصيقة به, وغيرها من أمور صرح بها رفاق سابقين له في نفس الحزب الذي ينتمي إليه.
ومن تلك الصفات التي لا يمكن لأحد أن يدفعها عن الرجل هو فقدانه للحزم والحسم معاً, والذي ينتج بقاء جميع الأمور في نهايات مفتوحة, ويراكم حجم المشاكل دون تشخيص المسؤول عنها, ولعل أول ما يمكن الإشارة إليه, طبيعة علاقته مع دولة القانون وخصوص حزب الدعوة الذي ينتمي إليه.
يمارس الدعاة بوجود السيد العبادي دوراً مزدوج, يشبه إلى حدٍ كبير المنشار, الذي يأكل الخشب ذهابا وإيابا, فهم يستأثرون بالمناصب وتعيينات الوكالة التي منحها العبادي إياهم, ويطمرون الفساد السابق من جهة, ويتركون العبادي بعلاته وحيداً يتخبط في قرارات ومواقف في هذا الظرف الحساس, ولا يكتفون بالنأي بأنفسهم بل يشنعوا عليه ويثيروا نقدا لا يمارسه ألد أعدائه من جهة أخرى.
بعيدا عن كون هذا العمل الذي تمارسه كتلة الدعوة -التي لازال السيد المالكي امينها- لا أخلاقي, ولكن يمكن تبريره ميكافيليا كون السادة يريدون الحفاظ على الصورة النمطية التي رسموها في ذهن الناخب من ارتباط الثروة والقوة بإدارتهم للدولة ويحاولوا ليل نهار تصدير فكرة إن العبادي الفاشل هو صنيعة المؤامرة التي أطاحت بأمينهم العام وليكن السيد العبادي وهو يعيش خريف العمر كبشاً لهذه المسيرة.
ولكن ما لا يمكن فهمه سكوت العبادي عن هذا الوضع الذي لايمكن تبريره الا بضعفه و فقدانه للحزم والحسم وسوف يردد ما قاله السابقون أكلوا تمري وعصوا أمري ..ولو بعد حين