الحرية هي انتقال العقل من مرحلة الجهل إلى مرحلة العلم والنور، أي الانتقال من الظلمات إلى النور، والحرية هي الطريق الصالح المؤدي إلى القيم والعقائد الصحيحة، وبدونها لا يمكن للإنسان أن يكون في الطريق الصحيح، والإنسان الحر يعني انه يملك عقلاً راجحاً، فبدون العقل الراجح لا يمكن أن يكون الإنسان حراً، فهو أي العقل الحصن الحصين الذي يحمي الحرية وينطلق من خلالها إلى عوالم فسيحة، وبأجنحة كاملة وبعيون متفتحة.
أضع هذه المقدمة التي أعتبرها مقدسة رداً على ما يجري من وضع للخطوط الحمراء في قضية الدين والسياسة في مجتمعنا العراقي بعد الانتقال من مرحلة الدكتاتورية المقيتة إلى مرحلة الممارسة الديمقراطية، وتأصيل قضية حقوق الإنسان التي شرعها الله لعباده، ومحاولات البعض نقل هذه الأجندات المرفوضة إلى عالم الرياضة، وبالخصوص عالم كرة القدم، وأنا أدعو إلى رفض هذه الأجندات في الدين والسياسة، وعدم تكريسها إلى واقع حتمي في المجتمع العراقي، لأنها ستعود بالعراق إلى عصر التخلف والانحطاط الذي بدأت سماته تظهر واضحة في كثير من مرافق الدولة والمجتمع العراقي، ولا أريد أن أبحث هذا الموضوع في هذا المقال، لأنني أتحدث عن الخطوط الحمراء في عالم كرة القدم العراقية.
فقبل مباراة العراق والإمارات كتبت مقالاً عن ضرورة البدء بالتحضير لتصفيات كأس العالم في عام 8201 ، وضرورة استبعاد كبار السن من المنتخب العراقي، وفسح المجال للكفاءات الشبابية التي تزخر بها الساحة الرياضية العراقية، لأننا نتحدث عن أربع سنوات قادمة، وفي المقال سميّتُ المقصودين بالاستبعاد بأسمائهم، واتصلت من خلال الفيس بوكَ ببرنامج (مساء آسيا) الذي يقدمه من خلال القناة الرياضية العراقية المبدع أياد الجوراني، وكان ضيوفه كل من علاء كاظم، وصالح سدير، وقدمت له موجزاً عن فكرة المقال، وقد ناقش مع ضيوفه الفكرة، ولكن ما حصل من رد كان مشابهاً لكثير من الردود على المقال في الفيس بوك، حيث كانت المجاملات والعواطف هي السائدة في هذه الردود، لا بل بعضهم يقول أن يونس محمود خط أحمر كما يحلو ليونس محمود سلوك هذا الخطاب، عندما قال للصحفي الخليجي (وهل لديكم لاعب كيونس محمود؟!)، وأنا أقول له إن عموري الإماراتي أفضل منك بكل المقاييس، فهو مدافع ولاعب وسط ومهاجم في كل مباريات الإمارات، ويتحرك بكل الاتجاهات طيلة تسعين دقيقة، ولكن يونس مثلاً لم يحصل في مباراتنا مع الإمارات سوى على خمس كرات، وهو لاعب واقف لا يتحرك والسبب لأنه يريد أن يوزع مجهود لياقته الضعيف على دقائق المباراة، وما حصل في مباراة العراق مع الإمارات من انتكاسة سببها اللاعبون الكبار في السن لهي شاهد على صحة ما نذهب إليه، فمثلاً: لنتصور أن يونس محمود لم يضيّع الفرصة الذهبية في الشوط الثاني، عندما كان العراق متقدماً بهدفين لهدف للإمارات، فكيف سيكون حال المباراة؟ أكيد سيكون الوضع النفسي للفريق الإماراتي منهاراً ويائساً ، وعلى العكس من ذلك سيكون المنتخب العراقي بحال ممتازة، ويتخلص من الشد والارتباك، الذي حصل مع حارس مرمانا، ومع المدافع أحمد إبراهيم الذي تسبب بهدفين، وتسبب بأن يلعب العراق بعشرة لاعبين، والإمارات متقدمة بثلاثة أهداف مقابل هدفين للمنتخب العراقي، بسبب عدم تمركزه بالمكان الصحيح، وكانت فرصة يونس محمود لتسجيل الهدف الثالث سهلة جداً ولا يمكن لأي لاعب حتى لو كان ناشئاً من تضييعها، ونفس الوضع في بداية المباراة حيث انفرد يونس محمود بعد أن تخلص من مدافع الإمارات الأخير، وتقدم في مواجهة حارس المرمى الإماراتي ولكن بسبب البطئ استطاع المدافع من اللحاق به واعتراض الكرة من بين قدمي يونس محمود وذهبت إلى العارضة الإماراتية، وعاد يونس لينفذها باتجاه حارس المرمى قوية، واستطاع الحارس إنقاذ المرمى الإماراتي من هدف، وحصل يونس على حوالي كرتين على خط جزاء المنتخب الإماراتي ولكن بسبب البطئ استطاع مدافعي الإمارات من قطع هاتين الكرتين، هذا كل ما قدمه يونس محمود في مباراة المنتخب العراقي مع الإمارات، وطبعاً هو لا يشترك مع المنتخب طيلة تسعين دقيقة، فقط هو يقف في منتصف ساحة الخصم لينتظر الكرات من زملائه، وهذا يشكل عبءاً كبيراً على المنتخب لأنه سيلعب بعشرة لاعبين بدلاً من أحد عشر لاعباً، ولم نجد في أي مدرسة كروية عالمية أو إقليمية تنتهج هذا الأسلوب في اللعب، ولكن في العراق ممكن؛ لأن يونس محمود كبير في السن، ولياقته غير مكتملة، ولكنه يرفع من الروح المعنوية للمنتخب! ويبعث في نفوسهم الهمة! هل هذا معقول يا خبراء الكرة ؟
لقد قدم الشباب في المنتخب الوطني كل ما عليهم وأكثر، وقدموا عروضاً فنية رائعة أمتعت الجمهور العراقي، هذا حق لابد من الاعتراف به، ولكن لابد من تأشير الخلل بكل مهنية ومن دون أي مجاملات على حساب الكرة العراقية، ونشكر المدرب راضي شنيشل على كل ما قدمه، ونتمنى أن يمنح الوقت الكافي لتشكيل منتخب شبابي قوي اعتباراً من الآن، لكي يستطيع أن يعد هذا المنتخب لتصفيات كأس العالم، فالفرصة مواتية جداً مع هؤلاء الشباب أصحاب الخبرة والكفاءة، ونقول للاعبين الكبار ومنهم يونس محمود وسلام شاكر، وعلاء عبد الزهرة، وأحمد إبراهيم شكراً لكل جهودكم في خدمة الكرة العراقية، ونقول لأصحاب الخطوط الحمراء العاطفيين، والمجاملين على حساب مستقبل الكرة العراقية، اشطبوا هذه الخطوط الوهمية التي وضعتموها على التغيير نحو الأفضل، لأننا مللنا من هذه الخطوط في السياسة والدين، ولا نتحمل نكبات أخرى في الرياضة كما هو حال أوضاعنا بسبب خطوطكم الحمراء الأخرى، التي لم تجلب لشعب العراق سوى الدمار والخراب واليأس.