18 ديسمبر، 2024 5:26 م

أكذوبة … عاش الزعيم الزود العانة فلس ؟!

أكذوبة … عاش الزعيم الزود العانة فلس ؟!

كثيرة هي الأهازيج الشعبية العراقية الأصيلة ، التي كانت تعبر عن مختصر تفاصيل واقع الحال والأحوال الحقيقية وتأريخها ، إلى حين دخلت مفاهيم الأحزاب السياسة في صياغاتها فأفسدتها ، كما أفسدت حياة البساطة والبراءة والنيات الصافية والنقية ، بل ولوثتها بقشور الأفكار الدخيلة التي تسببت في قتل روح الإبداع والإبتكار والتطور الحضاري المدني ، عندما جعلت الشعوب كيانات متناحرة تسعى للوصول إلى سدة الحكم ليقتل بعضها البعض الآخر ليس إلا . ومن المؤكد أن الزعيم عبد الكريم قاسم ، كان يلوح بيده مؤيدا من يرددون ( عاش الزعيم الزود العانة فلس ) ، شأنه شأن أي زعيم عربي في أي موضوع شبيه ، دون إستنكار ما هو غير حقيقي مما يسمعه ، وليس له وبه ومنه مما يرفع من شأنه ، ليعطي للشعب درسا في وجوب القول الصادق ، وعدم الإستحواذ على جهد الآخرين وتثبيته في سجل إنجازاتة أو غيره بالإدعاء الكاذب ، لأن ذلك القول أو الأهزوجة مما لا يعد وفي أفضل حالات الوصف تملقا ، إلا نفاقا وإنتهازية لا تليق في القائل ولا في المقول له ، ناهيك عن إمتداد الممارسة وترديدها قولا أو أهزوجة يتفاخر البعض بها على مدى سنين طويلة بلغت (60) الستين سنة دون تدقيق ولا تمحيص ، ولعلها وغيرها من البابغوية المؤسسة لمفاهيم الطوباوية والفوضوية الفكرية السياسية ، التي يعاني منها أصحاب العقول المهنية التطبيقية ، ويفرح بها أصحاب الحظوظ من الفاشلين عمليا ، ويشجع عليها الجهلة والأميون ، الناعقون في كل عهد ولكل زعيم بما لا يفقهون ولا يؤمنون ، إلا بقدر ما قد يحصلون عليه من متاع رخيص ، في زمن ينال فيه الكثيرون مما لا يستحقون ؟!. ثم يندمون ، خاصة أولئك الذين أغوتهم وغرتهم الحياة الدنيا التي يعرفون أنهم فيها غير مخلدين ؟!.
*- فبينما كنت منهمكا في إعداد مقالة عن الدرجات الخاصة ، التي جعلها البعض من مفردات ما يتشدق به من غير معرفة أو علم مهني تطبيقي . إعترض طريق البحث قانون العملة العراقية رقم (44) لسنة 1931- المعدل والمنشور في جريدة الوقائع العراقية بالعدد (974) في 23/ نيسان/1931 ، فتذكرت أهزوجة موضوع مقالتي هذه ، التي دفعتني إلى سبر الغوص في بحر الكشف عن حقيقة أو كذب من يروج لها حتى يومنا هذا ، فوجدت العديد ممن كتب تحت ذات العنوان ، ومنها ( في ذكرى 14 تموز- عاش الزعيم الزود العانة فلس ) المؤرخة في 24/3/2009 وجاء فيها (( أما (العانة) فهي عملة نقدية تعادل أربع فلوس كانت سائدة في ذلك الوقت ، وعادة ما يستخدمها العراقيون بأمثالهم لوصف وضاعة شئ ما وتفاهته ، فيقولون عن الشئ الوضيع ( ما يسوه عانة ) . حينما إستلم الزعيم مقاليد الحكم سارع إلى رفع الحيف والظلم الذي لحق بالعراقيين الأصلاء ، بسبب السياسات الخرقاء للمستعرقين من حجازيين وكولومنديين وأتراك وشركس وألبان ، الذين إحتلوا العراق بإسم الحكم الهاشمي ، ولاتزال أسرهم إلى يومنا هذا تحتفظ بألقابهم الإنكشارية كالجادرجي والباججي والدملوجي والقلمجي والقبنجي وغيرها … ثم توالت القرارات الإصلاحية فجاء قرار رفع القيمة المالية لعملة (العانة) لتصبح خمسة فلوس ، في محاولة من الزعيم قاسم لدعم القوة الشرائية للعملة العراقية آنذاك . أثمر هذا الإجراءات الإصلاحية في الحقل الإقتصادي تطورا ملحوظا ، إنعكس على دخل المواطن الذي عانى الأمرين في ظل العهد الملكي ، ففرح أبناء الشعب بإنجازات قاسم وخرجوا إلى الشوارع يهتفون (عاش الزعيم الزود العانة فلس)) .
*- ولدى مراجعة القانون المذكور ، وجدت المادة (1) منه تنص على أن ( يكون الدينار الوحدة القياسية للعملة في العراق . ويساوي من حيث القيمة ( المتغيرة ) غرامات من الذهب الخالص ، ويؤلف من ألف فلس ) . كما نصت المادة (4) منه على أن ( في كل قانون أو إرادة أو نظام أو بيان أو تعليمات وزارية مرعية في العراق في اليوم الأول من شهر تموز سنة 1931 , تعتبر الربية الواحدة عبارة عن خمسة وسبعين فلسا ، وتعتبر الآنة الواحدة عبارة عن خمسة فلوس لتأدية كسور الربية ، إلا إذا نص فيها على سعر أو أسعار تحويل أخرى ) . ثم يأت نص المادة (5) منه على أن ( لسلطة العملة أن تسك من وقت لآخر للإستعمال في العراق ( أ- مسكوكات فضية من فئة مائتي فلس (ريال) ومائة فلس ، وخمسين فلسا ( درهم ) وعشرين فلسا ، وتكون هذه المسكوكات من حيث التركيب والوزن كما هم منصوص عليه في المادة (6) أدناه ، وأما من حيث التفاوت المسموح به في الوزن فكما سيعين في نظام ) و ( ب – مسكوكات من فئة عشرة فلوس وخمسة فلوس وأربعة فلوس وفلسين وفلس واحد ، وتكون هذه المسكوكات من حيث الوزن والتركيب والتفاوت المسموح به في الوزن كما سيعين في نظام ، وتدون القيمة بالفلوس على هذه المسكوكات وتعين أشكالها بإرادة ملكية ) . وعليه صدرت الإرادة الملكية رقم (341) لسنة 1953 ، لتقرر ( بضرب وإصدار مسكوكات جديدة من فئات المائة فلس والخمسين فلسا والعشرين فلسا والعشرة فلوس والأربعة فلوس والفلسين والفلس الواحد … ) . على أن ( لا تبطل هذه الإرادة من المسكوكات الصادرة بالشكل المنصوص عليه في الإرادة الملكية المرقمة (58) في 17/3/1932 أو الإرادة الملكية المرقمة (507) في20/10/1936) . وبذلك تكون ( الآنة أو العانة ) موجودة بالمسكوكتين المعدنيتين ذات الأربعة والخمسة فلوس قبل إنقلاب عبد الكريم قاسم على العهد الملكي في 14/تموز/1958 ؟!. وبذلك ندحض القول الشائع لأغراض حزبية سياسية بائسة ومخجلة ( عاش الزعيم الزود العانة فلس ) ، بالإستناد إلى ما تقدم بيانه ، وإلى عجز من وجهت إليهم طلب تقديم الدليل على صحة الأهزوجة ، إضافة إلى دحض القول الشائع ( ما تسوه عانة ) الوارد في المقالة أعلاه ، لأن الفلس ذو قيمة مالية ونقدية تجري بموجبها ( التأديات التي تقع بين الأفراد في اليوم الاول من شهر تموز سنة 1931 أو بعده ، بأي كان من المسكوكات المصدرة بحكم هذا القانون تعتبر قانونية … ) حسب نص المادة (7) من القانون . وأن ( تكون قطعة المائتي فلس والمائة فلس والخمسين فلسا والعشرين فلسا من الفضة المخلوطة ، ويكون مقدار الفضة الخالصة فيها ( 500 ) جزء من الألف ، ووزن قطعة المائتي فلس عشرين غراما ، وقطعة المائة فلس عشرة غرامات ، وقطعة الخمسين فلسا سبعة غرامات ، وقطعة العشرين فلسا 8/2 غرامات ) حسب نص المادة (6) من القانون موضوع الإستشهاد والدلالة ، لمن يريد معرفة المزيد من المعلومات المانعة من الكتابة أو القول من غير سند أو دليل ؟!.