23 ديسمبر، 2024 6:18 م

-1-
لقد شاع الكذب في كلّ مكان ، وتسرّب الى مختلف الشرائح والطبقات .
وحاول بعضهم التخفيف من وطأة سلبياته على الناس ، ففرّق بين نوعين منه هما :
الكذب الأبيض ،
والكذب الأسود ،
وصبّ جام الغضب على الثاني دون الأول ، مع أنه مرفوض بقسميه ، ولم تستثن من ذلك الاّ حالات مخصوصة منها :
الكذبُ في الحرب حيث أنها خُدعة ، وإصلاحُ ذاتِ البين ، اذا ما أراد المُصلحُ تليين القلوب ، واسدال الستار على الخلاف والقطيعة .
-2-
ومن أفظع ألوان الكذب ، ركوب موجة البحث ، لبث السموم والأكاذيب ، وهذا ما قام به (جوان كول) – الباحث الأمريكي – ، حيث زَعَم ان نسبة الالحاد في العراق بلغت 32%، وهي أكذوبة غير قابلة للتصديق …
-3-
ان الشعب العراقي معروف بعراقته الإيمانيّة ، وقد احتضنَ العراقُ مراقدَ العديد من الأنبياء والأئمة الهداة ، كما كان المركز الأبرز للإشعاع الروحي والديني والفكري والثقافي والأدبي والفني …
وجاء على لسان أحد شعرائه الكبار (المرحوم السيد أحمد الصافي) قوله :

راح يقوى على المدى إيماني
                               فبربي قد امتلا وجداني
ان معطيات الفطرة السليمة تقود العراقيين – كما تقود غيرهم – الى رحاب الايمان بالخلاّق العظيم .
وان آيةً واحدة من كتاب الله العزيز تحسم المسألة ببرهانٍ عقلي قاطع، بما لايبقى معه مجالٌ للكلام .
قال تعالى :
{ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شيءٍ أَمْ همُ الخالِقُون } الطور /35
أطرح على نفسك هذا السؤال :
كيف جئتَ الى هذا العالم ؟
هل جئت صدفة ؟
أم أنك قد خلقتَ نفسك ؟
وحين توقن أنك لم تجئ بصدفة عمياء ، عاجزة عن ان تجعلك على ما أنت عليه من تكوين ، ينطوي على أعظم الأجهزة وأدقها وأبرعها في الأداء ، وفق تصميم رباني حكيم .
وأنك لم تخلق نفسك بنفسك ،
فلا بُدَّ من قوةٍ عاقلةٍ مُدّبرةٍ حكيمةٍ قادرة على الخلق والإبداع ، أفاضت عليك الوجود ، ونَقَلَتْكَ من مرحلة العدم الى مرحلة الوجود ، وهذه القوة : هي الله البارئ المصوّر …
-4-
ان الايمان يجري في عروق العراقيين مع دمائهم، واذا كان هناك مَنْ شذّ، وخالف الفطرة ، وأعمى عينيه عن الدلائل الباهرة ، والآيات الكونية والنفسية والتشريعية ، فالشاذ لايُقاس عليه ولايُعبأ به ، وكما قال أبو العتاهية :
فوا عجباً كيف يُعْصى الإله
                         أم كيف يجحدهُ الجاحِدُ
ولله في كل تحريكَةٍ :
                        وفي كل تسكينةٍ شاهِدُ
وفي كلِّ شيءٍ له آيةٌ
                       تَدّلُ على أنه واحدُ
-4-
ولا يكتفي (جون كول ) بأكذوبة واحدة ، بل يمضي ليضيف اليها أكاذيب أخرى حيث قال في موقعِهِ الاخباري :
( ان شريحة كبيرة من الشباب العراقي تحوّلت الى الإلحاد خلال الأعوام الأخيرة ) ..!!
ان هناك التباساً واضحاً أوقع (جوان كول) في هذه الادعاءات الكاذبة، وهذا الالتباس جاء على ذِكْرِه بقوله :
(الجيل الجديد من العراقيين تعب من المتشددين الدينيين والسياسيين ..)
ولكن التعب من المتشددين لايعني ان ثلث العراقيين ملحدون .
فأين هذا من ذاك ؟!

-5-
ان نظرة واحدة الى الأرقام والاحصاءات التي تنشر غبّ مواسم زيارة الامام الحسين (ع) في ذكرى الاربعين مثلاً، كفيلة بان توّضح له الصورة الحقيقيّة عن عمق الايمان في قلوب العراقيين ،وعن مدى اتساع الجماهير المؤمنة وتلاطم أمواجها …
ان أعداد الزائرين تلامسُ أرقاما فلكية تصل الى الملايين الستة عشر ..
والسؤال الآن :
اذا كان ثلث العراقيين من الملحدين فكيف اجتمعت هذه الملايين ؟!!
-6-
اننا لابُدَّ ان نحمل كلام هذا الباحث الأمريكي، على غير ما أدعاه وزعم أنه انتهى اليه في بحثه …
انها محاولة بائسة رخيصة للنيْل من العراق والعراقيين ، تحت ستار البحث العلمي المزعوم، الذي يقطر دَسّاً وسمّاً وعداءً للاسلام وللعراق ولأهلِهِ .
وليست هذه المحاولة الفاشلة بالأولى كما أنها لن تكون الأخيرة ..!!
ان محاولات الاساءة الى الاسلام ، والى العراق ، والى العراقيين لم تنقطع يوماً ..
واذا كان ذوو النعمة يُحسدون ،فهل هناك نعمة أكبر من الايمان يُحسد عليها العراقيون ؟!