دائما يتجه شبابنا إلى الخارج للدراسة في مختلف علوم الطيران كتعليم قيادة الطائرات وهندسة صيانة الطائرات وغيرها من تخصصات هذا المجال الحيوي والمطلوب في سوق الطيران العراقي أما ضمن بعثة خارجية أو دراسة خاصة على حساب الطالب أو عائلته وعندما يلتحق الطالب بإحدى هذه الأكاديميات، فإنه يتحمل تكاليف سفر وسكن ومواصلات كبيرة جدا، تكاد تجعلها مستحيلة لغير المقتدرين ، أو قد يكون ضمن برنامج متكامل تتكفل بمصاريفه خطوط الطيران أو الشركة لمنسوبيها الجدد، فتتجه الأموال لدول أخرى لا تزيد علينا في الإمكانيات والقدرات شيء.
أما هذه الاكاديميات الموجودة في العالم والتي ترعى الطيران في جميع مجالاته هي إما حكومية أو يملكها رجال أعمال شغفهم بالطيران أكبر من رغبتهم بالعائد المادي على استثماراتهم …. وهذا يؤكد لماذا دائما نجد المستثمرين العاديين يهربون من هذه المشاريع التي تصنف بأنها ذات عائد ربحي غير مغر على المدى القصير.
في بعض الدول الصغيرة التي يوجد بها شركات طيران محدودة التشغيل ولديها أسطول قليل من الطائرات، تكون لها أكاديميات ذات مستويات متدنية من ناحية التدريب واعداد الطيارين وخاصة التي تكون بها هيئات ( سلطات ) طيران ضعيفة هدفها خفض رسوم التعليم لكسب عدد اكبر من الطلاب ، مما ينعكس سلبا على مستوى التعليم للمتدربين وهذا ما تخشاه شركات الطيران، ولهذا الأمر نجد العديد من الخريجين الجدد يواجهون صعوبة في الحصول على الوظائف المناسبة لشهاداتهم ورخصهم.
لذلك يجب ان تتجه بوصلة المعنيين في شؤون الطيران الى تشجيع المستثمرين ودعمهم في أنشاء مؤسسات تعليمية متخصصة تعمل في المجال التعليمي والبحثي والتجاري وبكوادرعراقية مؤهلة و تقنيات حديثة وفق المعايير العالمية للتدريب ضمن القواعد القياسية وتوصيات المنظمة الدولية للطيران المدني ICAO بهدف تقديم مجموعة واسعة من حلول التدريب الإبتكارية ذات الجودة العالية على المستوى العالمي في تدريب كوادر الطيران, وخصوصا اذا علمنا ان أكاديميات الطيران بصفة عامة لا تتطلب جهدا كبيرا لتدريس مناهجها، فهي تتبع منهجا واضحا تضعه لها الأنظمة والقوانين وتجعل الطالب مرشحا للوظيفة بشكل عاجل وبما يتلائم وتغطية نقص الطيارين ومهندسي الصيانة المحليين في شركات النقل الجوي الوطنية من خلال سد الفجوة التدريبية في مجال الطيران في العراق وتحقيق الأهداف الاستراتيجية التالية :
توطين تدريب الطيارين وكوادر الطيران الباقيين بالعراق .
المساهمة في تقليل تكاليف الدراسة بالخارج
الإنفتاح على العالم الخارجي وإدخال علوم الطيران وتقنيات حديثة .
المحافظة على هوية وثقافة الطالب او الكادر العامل فب مجال الطيران بهويتة العراقية الأصيلة .
أن إنشاء اكاديميات لتدريب الطيران وعلومه المختلفة من المشروعات الحديثة الهامة التي تفيد المجتمع العراقي , في ظل التقدم التكنولوجي الحديث , وتزايد المستمر في رغبات الشباب للولوج بهذا المجال لما فيه من مزايا اجتماعية واقتصادية جمة , علما ان هناك قلة في عدد الاكاديميات التدريبية للطيران في العراق مع تدني المستوى التدريبي لها حيث لا توجد حاليا سوى أكاديمية واحدة معتمدة من سلطة الطيران المدني العراقي وتعاني من نواقص اساسية في البنى التحتية لها .
أن تأسيس العديد من الاكاديميات داخل العراق سينهض بقطاع الطيران عاليا لتحقيق معدلات نمو تساهم في الارتقاء بقطاع النقل الجوي ومواكبة حركة التطور الاقتصادي والاجتماعي في العالم باعتباره الشريان الحيوي الذي يمد الاقتصاد بأسباب الديمومة والحياة فيه, كما أنه رافد أساسي في تطوير علوم الطيران وتوطين التدريب على الطيران في العراق مما سيوفر مبالغ الاقامة والتنقل للمتدربين في حالة دراستهم خارج العراق , وهو مبلغ يصل في بعض الاحيان الى نسبة 50% واكثر من مصاريف الدراسة .
كما ان الجهة المستثمرة سيكون استثمارها ناجح بمقاييس (الاستثمار بعيد المدى) , او استثمار بعائد مالي( قصير المدى) اذا حصل المستثمر على دعم حكومي لمشروعه، أو على الأقل دعمهم بأنظمة الابتعاث الداخلي ( اي اتفاقات تدريبية تدفع مصاريفها من قبل الحكومة لهم )، ومن جانبٍ آخر على شركات الطيران العراقية وخصوصا الخطوط الجوية العراقية ان تدعم أنشاء اكاديميات اخرى بإعطاء خريجيها الأولوية في التوظيف عن غيرهم.
كل الدراسات تشير الى ان الشرق الاوسط وبضمنها العراق بحاجة الى مايقارب النص مليون طيار تقريبا ومثلهم أواكثر من مهندسي الصيانة والعاملين في قطاعات الطيران المختلفة لحـــد عام 2030م ( حسب احصائية شركة بوينغ الامريكية) , في حين يشهد سوق العمل في صناعة الطيران المدني على المستوى المحلي نقصاً في الكوادر البشرية الوطنية المؤهلة للعمل في المهن المتخصصة بالطيران نظراً لعوامل مختلفة يأتي من أهمها ندرة المؤسسات التعليمية والتدريبية المتخصصة لتأهيل وتدريب الكوادر الوطنية للالتحاق بهذه المهن، وهو ما يمثل تحدياً لصناعة الطيران المدني في العراق والمنطقة , كل هذه العوامل تعتبر محفزة للمستثمرين والحكومة على حد سواء من أنشاء العديد من الاكاديميات تعمل على تاهيل وتدريب الكوادر في كل تخصصات قطاع النقل الجوي تقريبا ( طيارين ومهندسي صيانة الطائرات و والمضييفين الجويين والمرحليين الجويين والمراقبين الجويين بالاضافة الى جميع دورات التاهيل الخاصة للعاملين في إدارة وعمليات الطيران والمطارات
كمرحلة اولى .
يتبعها مستقبلا مرحلة ثانية تعتمد على تاسيسها نتائج المرحلة الاولى وذلك من خلال تاسيس مؤسسة عراقية متكاملة في خدمة صناعة النقل الجوي مكونة من الشركات التالية :
شركة صيانة الطائرات
شركة نقل جوي خاص
شركة ادارة وتشغيل وصيانة المطارات
شركة شحن جوي
شركة للخدمات الارضية
شركة للخدمات الطبية
شركة للصناعات الجوية المكملة وتكنولوجيا معلومات الطيران
كم أتمنى ان تضع الدولة العراقية في رسم سياساتها العليا أن تستثمر في قدرات الانسان العراقي وتبني مقومات اقتصادها على تطوير هذا الانسان من خلال الاهتمام بتدريـــب وتكويـــن طاقـــات بشـــرية قـــادرة على مواكبـة التقــدم التكنولوجــي الســريع الــذي يعرفــه مجـال الطيـران المدنـي, وفتح قنوات الاتصال العلمي مع كافة دول العالم في هذا المجال , لوجودنا ضمن منطقة استراتيجية مهمة وهي محط أنظار كل العالم للاستثمار .
هذه أمنيتي كعراقي مهتم بالنهوض بقطاع الطيران العراقي الى مستويات تليق بالعراق الجديد والذي هوبأمس الحاجة له في المرحلة الحالية والمستقبلية.