23 ديسمبر، 2024 12:10 ص

أقلامنا أرعبتهم … فلجأوا الى حماقاتهم

أقلامنا أرعبتهم … فلجأوا الى حماقاتهم

تعتبر الأنظمة الديمقراطية الناجحة أقلامَ الكتاب والنقاد دليلا تستدلُ بهِ على الايجابيات والسلبيات وعلى نقاط القوة والضعف لأنظمتها على أرض الواقع . كما أنها تستفيدُ كثيرا من تلك الأقلام لتعزيز وتثبيت المسارات الصحيحة وتلافي الأخطاء المقصودة أو غير المقصودة على حدّ سواء . وهذا الأمرُ ليس عيباً أو عملا مُشينا على الاطلاق طالما أنهُ يحققُ التكامل البديهي بين المسؤول والمواطن الواعي المثقف للنهوض بالبلد الى أرقى درجات النهوض الممكنة . ولكن الوضع في العراق – للأسف الشديد – مختلفٌ عمّا تقدم لأسباب يعرفها ويفهمها الجميعُ من الكبير الى الصغير . وأقلامنا بعطائها المستمر لا تحملُ قنابل عنقودية ولا خناجر مسمومة ولا عبوات أو أحزمة ناسفة ولا بنادق مارقة ولا صورايخ طائشة تهدّدُ أمن السادة المسؤولين …. كلّ ما تحملهُ هموم المواطنين ومعاناتهم التي تتزايدُ يوما بعدَ يوم دون أن تجدَ أذنا صاغية لها . وأقلامنا بمختلف مساراتها وتنوع اتجاهاتها – وأقصد الرصينة منها – مضطرة لكسر الصمت واجتياز الحواجز لايصال ما يمكن ايصاله الى الرأي العام من باب حريّة التعبير طلباً للتغيير والاصلاح وليس من أي باب ضيق آخر لا يخدمُ المصلحة العامة . والجرأة والصراحة التامة استنادا الى الحقائق والوقائع تعطيان للقلم الرصين هيبته وقيمته وفعاليته على طريق النقد البناء . وهذا ليسَ اساءة لأحد ، وليسَ انتهاكا للقيم والأخلاق ، وليس تجاوزاً على القوانين ، وليسَ جريمة نكراء تستدعي الوقوف أمام القضاء . والكلمة يمكن أن تواجه بالكلمة ان لم تكن تحريضية لتمزيق وحدة الشعب والوطن أو لزرع فتنة ما بين أبناء الوطن الواحد . كما أن الكاتب هو انسان معرض برأيه الى الخطأ والصواب ، وهذا هو المنطق الطبيعي لأي فضاء تتفاعلُ فيه الآراء وتتجاذبُ أو تتنافرُ فيه الكلمات . ولكن الذي حصل أن بعض الأقلام أرعبت بعض ( السادة المسؤولين ) لكشفها أموراً زلزلت الأرض تحت أقدامهم ، ولم يجدوا ولو كلمة واحدة للردّ على اصحابها من باب الردّ بالمثل ، فلجأوا الى حماقاتهم المعهودة انتقاماً وتحذيرا لمن يريدُ أن يكون قلمه بتلك الجرأة والشجاعة . وكان الأجدرُ بأولئك المسؤولين – ان صدقوا – أن يكشفوا للرأي العام ثيابهم البيضاء النظيفة الخالية من الشوائب لتعزيز شرعية مناصبهم وطهارتها من الفساد ، وأن يواجهوا الرأي بالرأي المضاد وفق أسلوب ديمقراطي حضاري متطور ، بدلا من ارتكاب الحمقات التي لم ولن تنفعهم لأن أقلامنا ستبقى بصلابتها وشموخها تكتبُ وتكتبُ … ولن تتوقف حتى لو أجبروها على البقاء خلف القضبان .