23 ديسمبر، 2024 12:46 م

أقراط روزا لكسمبورغ

أقراط روزا لكسمبورغ

لم يكف احد المعلمين في مدرستنا عن أعلانه وعشقه لروزا لكسمبورغ ، وربما بسببها يذهب كل عام ليزور بولونيا حيث ولدت والى المانيا حيث اغتيلت ، وطالما في نقاشه مع اهل القرية الذين يضحكون بسرهم حين يأتي على سيرة امرأة لا يعرفونها ولا تهمهم بشيء حتى عندما وقف ذات يوم في جمع من أهل القرية وقفوا على حافة الهور يراقبون رجلا منهم يسحب سمكة كطان اصطادها طولها أكثر من متر ويسمونه ( البز ) حتى قرأ عليهم تعويذة روزا لكسمبورغ في واحدة من مقالاتها عن المجتمعات البدائية والتي حفظها عن ظهر قلب :

((كان الإنكليز ينتقلون من مفاجأة إلى أخرى: لقد عثروا على الجماعات الفلاحية الأكثر تنوعا، من كبيرة أو صغيرة، مقيمة هنالك منذ ألوف السنين، منكبة على زراعة الأرز، وتعيش في هدوء وانتظام. ولم يجد الإنكليز –ويا للفظاعة!- في أي قرية من تلك القرى، أية ملكية خاصة للأرض. وحتى إنهم لم يعثروا على أي شخص قادر على التصريح بأن قطعة الأرض التي يزرعها هي ملكه، وكذلك لم يكن بوسعه أن يبيعها، أو يضمنها، أو يرهنها لكي يدفع الضرائب المتأخرة ))

يرد عليه شغاتي :أستاذ نحن لسنا بدائيين وعندما اتى الانكليز فهم وجودنا لانقرأ ونكتب ، ولكنهم وجدوا في التلول القريبة من هنا الواح من الطين عليها كتابة قبل أن يتعلموها هم.

قال المعلم : شغاتي اقرأها وتحبها .

رد شغاتي ضاحكا : أنا مهتم بحكايات شهرزاد هذه الايام.

ظل هاجس لكسمبورغ يسكن ذاكرة المعلم ، حتى انه كان معجبا بصورة للمفكرة الماركسية تتدلى من اذنيها اقراط جميلة ، واوصى احد اصدقاءه من الصياغ المندائيين بصناعة اقراط من الفضة مثلها .

أتى بالأقراط  وخبئها من بين حاجياته ولا ندري لمن يهديها .

وحين سألته لماذا لا تهدي هذه الاقراط لوالدته .؟

قال  : لقد كبرت على الاقراط وهي في كهولة صمتها .

ــ لأختك ؟

ــ اختي متزوجة في بلد ربما حتى صورة روزا لكسمبورغ ممنوع نشرها.

ــ لحبيبتك .؟

ــ أه ، اني انتظر لحظة اللقاء بها في الصيف القادم فحبيبتي ماريا تسكن في وارشو .

جاءت العطلة الصيفية ، حمل المعلم حقيبته ومعها اقراط روزا لكسمبورغ …وحين عاد في نهاية العطلة سألناه ، حتما قرطي روزا الآن يلمعان بحزن لرحيلكَ عن ماريا .

ابتسم بحزن وقال :أي ماريا ، رأيتها بعلاقة حب جديدة من معلم من اهل الديوانية .

كدت اسقط على الارض من الضحك وقلت : وأقراط روزا لكسمبورغ .

قال اهديتها لمتحف في وارشو ، بعد ان اريتهم صورة روزا لكسمبورغ وهي ترتديها ، واقنعتهم انها اقراطها هذه التي معي الآن.