فشل مجلس النواب العراقي للمرة السابعة في عدم المصادقة على الموازنة العامة المقدمة اليه من مجلس الوزراء , وهذه الحالة ملفتة للنظر وغير مقبولة لجهة تعطيل المنافع العامة والمصالح التي ينتظرها الشعب العراقي صاحب الحق الشرعي في المال العام وما الحكومة ومجلس النواب ألا ممثلين للشعب في تسيير وأنجاز الخدمة العامة للشعب الذي أنتخبهم لهذا الغرض , وعندما يعجز الوكيل ترجع الولاية للآصيل .
واليوم عندما يتساءل المواطنون عما تتناقله ألاخبار من عدم التوصل الى أقرار الموازنة العامة من قبل مجلس النواب وللمرة السابعة , فهل يحق لمجلس النواب التراخي بهذا العمل الواجب والملزم له ؟ أم أن هناك مايبرر له هذا التراخي وهذا التأجيل غير المحبب وغير المناسب لمصلحة الشعب والدولة العراقية التي تنتظر بفارغ الصبر أقرار الموازنة العامة حتى يتسنى للحكومة أطلاق حركة الوزارات بالمشاريع وما تحتاجه من مال وأطلاق حاجة الوزارات لآعلان درجات التعيين للوظائف الضرورية لعملها وأكمال نصابها الوظيفي .
وحتى نستبين موقف مجلس النواب تجاه موضوع أقرار الموازنة العامة علينا مراجعة المواد الدستورية التي تتعلق بالموضوع وبيان ماتحدده وترسمه في هذا الصدد ؟
وسنجد أن المادة ” 59″ من الدستور العراقي في “أولا ” و ” ثانيا ” هي ماتكشف الموقف بجلاء حيث تقول في ” أولا ” :-
” يقدم مجلس الوزراء مشروع قانون الموازنة العامة والحساب الختامي الى مجلس النواب لآقراره ” ؟
أذن نحن أمام واجب محدد ملقى على مجلس النواب هو القيام بأقرار مشروع الموازنة العامة ؟
ولكن حتى لانظلم مجلس النواب لنرى ماهي الصلاحيات التي يتمتع بها في عملية ألاقرار؟
وسنجد في ” ثانيا ” من نفس المادة ” 59″ مايلي :-
لمجلس النواب أجراء المناقلة بين أبواب وفصول الموازنة العامة هذا أولا
وثانيا : تخفيض مجمل مبالغها
ثالثا : وله عند الضرورة أن يقترح على مجلس الوزراء زيادة أجمالي النفقات ؟
فأذن لمجلس النواب عندما يريد أقرار الموازنة العامة الملزمة له , أعطاه المشرع ثلاثة واجبات له الحق في أن يعمل من خلالها وهي مابيناه أعلاه من أجراء المناقلة بين أبواب وفصول الموازنة , وتخفيض مجمل مبالغها , وزيادة أجمالي النفقات عند الضرورة ؟
وهذا الواجب والحق الملقى على مجلس النواب لايتيح له تأخير الموازنة بما يعطل أعمال الحكومة ؟
واليوم نجد أن أسباب عدم أقرار الموازنة من قبل مجلس النواب لاتتعلق بتلك البنود الثلاثة وأنما تتعلق بالمناكفات السياسية بين الكتل البرلمانية وهذا ليس من حقها أدخال ماهو ليس دستوريا في عملها وجعله عاملا معطلا , وثانيا عرفنا من خلال المتابعة لجلسات مجلس النواب ومناقشاته أن الخلافات تتمحور حول مصالح بعض الكتل دون مصلحة الشعب العراقي , ومحاولة البعض أدخال بعض المطالب التي ليست لها علاقة بالبنود الثلاثة التي خولها المشرع لمجلس النواب وهذا خلل دستوري يمارسه البعض بعيدا عن الشعور بالمسؤولية .
وعليه فأن ألامر لايمكن أن يمتد الى مالانهاية لوضوح المفسدة والضرر العام المترتب على ذلك , وعليه أذا لم يحسم مجلس النواب أمره مجتمعا بعيدا عن التشرذم والتفرق لآنه لايملك خيار التسويف في مثل هذا الواجب الدستوري , فمشروع الموازنة العامة يقدم لمجلس النواب لآقراره وليس لشيئ أخر وأذا عجز عن هذا الواجب فهو أنما يثبت على نفسه العجز في أهم قضية وطنية كلف بها , وعليه وقبل الذهاب الى عملية حل مجلس النواب التي لانريدها في مثل هذا الظرف , فمن حق الحكومة أن تحيل النظر في هذه المسألة البالغة الخطورة الى المحكمة ألاتحادية العليا لآبداء وجهة النظر كما نص على ذلك الدستور العراقي في المادة ” 90″ في ” أولا ” و ” ثانيا ” و ” ثالثا ” وثالثا أعطت الحق لذوي الشأن وألافراد من الشعب العراقي الطعن المباشر لدى المحكمة المذكورة ونحن هنا نطالب ونناشد كل ذوي الشأن من مثقفين وسياسيين وأعلاميين أن يطعنوا بمواقف مجلس النواب تجاه عدم أقرار الموازنة العامة , أو الطعن بمواقف الكتل التي تؤخر ألاقرار لحسابات مصلحية وحزبية .
نأمل أن يتم الشروع بمثل هذه الممارسات القانونية التي منحها الدستور العراقي لنا وأن لانترك البعض يتصرف على مزاجه وهواه الذي لايصب في أطار المصلحة الوطنية وهذه دعوة للمحكمة ألاتحادية العليا أن تمارس دورها وتقوم بما أعطاها الدستور من حق في المحافظة على تطبيق القوانين وتحقيق المصلحة العامة .
رئيس مركز الدراسات وألابحاث الوطنية
[email protected]