سأستمر بالكتابة حول تقاعد منتسبي الجيش السابق وسوف لن أترك ذلك إلى أن ينتبه أصحاب القرار وينصفوا هذه الشريحة المضطهدة بعد أن قدمت للعراق مالم يقدمه البعض من الذين يسعون لتهميشهم مع سبق الإصرار والترصد … لقد قدم هؤلاء ما يعد أسمى ما يقدمه أحد في مهنة هي الأسمى في عالم الشرف والتضحية والإباء … إنتبهوا أيها السادة وتمعنوا جيدا ً بأمر مستقبل هؤلاء الشرفاء الأباة ، إنتبهوا أيها السادة وكفى حقدا ً على رجال كل ما إقترفوه أنهم رجال جيش العراق الأشم … لم يكونوا رجال رئيس دولة أو زعيم أو شيخ متسلط ، كانوا للعراق وللعراق فقط ، أدوا واجبهم وفق ما تمليه عليهم واجبات وقواعد الجندية الحقة …
لا تنظروا للأمر نظرة قاصرة من جانب وزاوية ترضي شيئا ًمما قد يحمله البعض منكم تجاه فرسان ترجلوا قبل الأوان ، وكان ذلك – بلا شك – خسارة لكم وخسارة لبلد هو أحوج ما يكون لهم ولخبرتهم ولمستوى تفكيرهم الأمني والعسكري النيّر في هذا الوقت ولشعب يواجه الآن هذه التحديات التي باتت تهدد مستقبل أبنائه وأجياله القادمة …
أحيانا ً يروح فكري بعيدا ً وأنا ألمس أو أشك أن تخطيطا ً مسبقا ً من جهات مغرضة تتجه لدفع وتوريط الحكومة أو أعضاء في البرلمان بغرض غرس روح الكراهية في نفوس أعداد كبيرة هللوا وإستبشروا خيرا ً بصدور التعديل الأخير لقانون التقاعد العسكري الذي أنار لهم الدرب عند إصداره ونشره في الجريدة الرسمية و بعد إنتظار طويل في ظلمة القهر والغبن والإجحاف ، ثم ما لبثوا أن يحبط ( قانون التقاعد الموحد ) ما كانوا يأملونه وبعد أن علموا خفايا شمولهم وغدرهم فيه والإلتفاف على ما أنصفهم به ذلك التعديل الحكيم ، فإن كان ذلك حقا ً فلماذا اللعب بأعصاب رجال متعبين يستحقون أن ترفع القبعات إحتراما ً لهم بدل إرهاقهم .
كل ما كانوا عليه سابقا ً ربما يبدو طبيعيا ً وقبل أن يُسعد الجميع بتعديل رواتبهم وإنتظار مكافآت نهاية الخدمة التي عولوا عليها الكثير من الآمال في تمشية أمورهم وتنفيذ حاجاتهم وإحتياجاتهم المؤجلة التي كانت هاجسهم قبل إصدار التعديل ، فلماذا ياسادتي الكرام هللتم وكبّرتم وصرّحتم ما صرّحتم به بشمول منتسبي الجيش السابق لتحسين أوضاعهم بفقرات جديدة تضمنها التعديل المشار إليه تعيد لهم حقوقهم الأساسية حالهم كحال أقرانهم في الجيش الحالي ، فلماذا هذه الضجة وأنتم بنيّة شمولهم بالقانون الموحد الجديد الذي سيحطم آمالهم بنصوص لا ترقى إلى تضحياتهم ولا تتناسب وواجباتهم الصعبة التي إندفعوا للقيام بها خدمة أكيدة لوطنهم وشعبهم …
وماذا عن معوقي الحرب ؟؟؟ هل يعقل أن يشملهم قانون لا يقيّم ولا يدرك أو يقدّر تضحياتهم وما فقدوه من قدراتهم وشبابهم خدمة لواجبهم الوطني المقدس ، و كيف يستوي معهم الآخرون ؟؟ وكيف سيتعامل معهم قانون آخر غير قانون الخدمة والتقاعد العسكري الذي يعرف ويدرك تفاصيل وحدود واجباتهم وإحتياجاتهم وما لهم من حقوق ؟؟ هل يمكن لمن شرع القانون الموحد أن يعرف ما يعانيه رجال لا تكفيهم رواتبهم لتلبية إحتياجاتهم اليومية ومستلزماتهم الطبية ، وهل إطلع واحد ممن شرعوا القانون الموحد على ما يعيشه معوقو الحرب خاصة المشلولين منهم ، وكيف يتمنى بعضهم أن ينهي حياته بأي طريقة كانت خلاصا ً من واقع أدمى قلبه ودمر فيه كل عوامل الحياة الأساسية وهو يجد نفسه أسيراً لكرسي المعوقين أو حبيس غرفته وجدرانها وعاجز عن القيام بأي عمل يمكنه به من تطوير إيراده بدل أن يعيش في عوز ٍ قاتل ويرى في موته الحل الوحيد لمعاناته وهو يأمل أن يعيش في بحبوحة مناسبة من العيش كفرد قدم التضحيات لبلده … هل بادر أحد ٌ ممن لا يدرك من هو المعوق أو المشلول أن يجلس على الكرسي المتحرك لساعة واحدة فقط دون أية حركة … وما هي مشاعره إن نظر إليه أحدهم نظرة توحي بالعطف ليضع في يده اي ورقة نقدية دون أن يعرف من يكون هذا ؟ هل أدرك أحد منكم ما أعنيه تماما ً ؟؟
أيها السادة … هالله هالله بالرجال الذين إن تكسبوهم بإنصافهم بالحق الذي يستحقون سوف لن يكونوا مطلقا ً في الخندق المقابل ولو بالإحساس والنيات … لا تستكثروا عليهم ما هو حق أكيد لهم
عليكم وعلى بلدهم ، إنهم أبناء العراق قبل أن يكونوا أبناء جيشه الأبي .
إنني ومن أجل كل الرجال الأشاوس … رجال جيش العراق السابق ( وكما يطلق عليهم ) أصحائهم وجرحاهم ومعوقيهم أطالب كل السياسيين والبرلمانيين أن ينتبهوا إلى هذا الأمر وأن يفصلوا قانون التقاعد العسكري وتعديله الأخير عن نصوص القانون الموحد الذي سيظلم الكثير منهم وسيحرمهم من إمتيازات بسيطة مشروعة جاءت متأخرة بعد عشر سنوات من الشعور بالضيم والغبن والإجحاف لأنه حقنا أيها السادة فلا تستكثروا علينا الحق …. وإن لم تفعلوا ذلك فأنا أرى أن تجدوا لنا وطنا ً آخراً يأوينا وينصفنا ويهتم بنا كما هو معمول به في كل أرجاء العالم من البلدان الغنية المتحضرة التي لا تألوا جهدا ً في توفير كل ما يحتاجه المعوق من عناية وعون وتقييم ، أو أن تقتلونا قبل أن تسلبوا الحق منا لتريحوا أنفسكم وتريحونا من قانونكم الموحد ، وأنا هنا لا أود أن أتطرق إلى موازنات العراق التي تكفي لتلبية كل شيء في سبيل إسعاد الجميع من أبناء الشعب ونحن منهم دون أن يبخل من يبخل علينا بما نستحقه قانونا ً وإعتبارا ً لما قدمناه بدل أن توضع لخدمة أثرياء الحرب والفاسدين … ووالله لو كان السيف برقاب هؤلاء الذين بنوا إمبراطورياتهم المالية الباذخة على حساب عوز الشعب وحرمانه وفقره لعاش كل من على أرض العراق الذي يعوم على بحار من النفط والخيرات الأخرى كما يعيشه الآن من كان على أرض الكويت أو الإمارات أو أي بلد غني آخر يعرف حكامه كيف تدار الأمور وكيف تستثمر الثروة لخير أبنائه وتطوير حياتهم نحو مستقبل أفضل .
أكرر النداء إلى برلمانيي العراق وساسته ( إن قرأوا هذا النداء ) أن يبذلوا الجهد كي يفصلوا ما يخص منتسبي الجيش السابق عن القانون الموحد الذي ستتم مناقشته والتصويت عليه في القادم من الأيام . سجلوا إنكم منحتم الحق لطالبيه وبدون تردد .