23 ديسمبر، 2024 6:14 ص

بعد أن أصبح كل شيء يباع على قارعة الجوع في وطننا، وأنتهكت رصاصات السياسة عذرية الفكر و الإعلام، و أمست الوطنية مجرد شعار مستهلك على منصات الفاسدين، وسيطر المال على صناعة الرأي العام، فأمسى الدولار يروج للإمعات ويقتل الأفذاذ.. ها هي ثلاثة عشر رصاصة قتلت قلماً حر آخر, وهكذا تهشم جسد علاء المشذوب..
عندما نكتب عن يأسنا من إدارة العملية السياسية بصورة عامة، كنا نُنتقد بأننا سوداويون، ونميل إلى تأجيج غيمة الفساد، التي لا تمطر سوى جوعاً على شعبنا، ولا تعصف سوى بالخراب والدمار.
هكذا تنتهي قصص الأبطال في بلادنا، فالأمر ينتهي برصاصة، تقتل الشرفاء أصحاب الصوت العالي، وتحيّ الذيول والتوابع ولو لأجل محود، لتسطر كلماتٍ مفادها، أن الأجندات هي المسيطرة على مفاصل الحياة.
“لقد عمل فريق البحث بشكل مستمر، وبجهود مضاعفة، ليفكك خيوط الجريمة، ويصل إلى من فعل هذا العمل الشنيع، لكن للأسف لم نتوصل إلى شيء، وسيقيد الأمر ضد مجهول” هذا ما سيتم التصريح به بعد بضعة أسابيع، فهي ليست أول ولا آخر قضية لا نجد لها حل، لأنها حتما مرتبطة بجهة ذات نفوذ دولي!
نحن لا نعلم من هذه الجهة التي نفذت، ومن التي أمرت، لكن هل يعتقدون أنه بفعلتهم هذه سيكممون أفواهنا؟
هل بقتلهم كاتبا أو ناشطا، سيجعلون مجتمعنا خانعاً خاضعاً لرغباتهم؟! سنكون بدل الواحد مئة، ولن تخيفنا هذه الأعمال، وما تزيد أصواتنا إلا إصرارا على مواصلة السعي نحو تعرية الفاسدين.
ثلاثة عشر رصاصة لم تكن غايتها القتل أبدا، بل كانت وسيلة لتأجيج الرأي العام، ورمبا تخويفنا قليلا.. فعراقنا اليوم أصبح ساحة صراع بين قوتين وتوابعهما, تحاولان إستعراض قوتهما بسفك دمائنا.
أما القتل فهو وسيلة لتوجيه أصابع الإتهام بين الطرفين ضد بعظهما، فيتم إتهام مخابرات “الحجي” أو “العم سام” حتى ينتشر الرعب في نفوس الناس، وتكف ألسنتهم عن النقد و تقيد حرياتهم، فكل هذه الحوادث هي وسيلة لشغل الرأي العام.
اليوم كل شيء مباح للمحافظة على المنصب من قبل المسؤول، وتربطهما علاقة طردية.. لكن المسؤول بيدق صغير, فهناك يد عظمى تتحكم بهذا الكرسي.
قتل، تسقيط، سرقة، خطف، كل ما لم يخطر ربما على بال الشيطان، يفعل في سبيل المنصب، والضحية الأولى والأخيرة هي الشعب.
المتحكم بالمناصب في بلدنا اليوم أوصياء عدة.. لكن أكبرهم الحجي والعم سام، والإثنان ساحة صراعهما الأهم عراقنا، وكلاهما مؤمن بأن الغاية تبرر الوسيلة، لإعلاء كفة أحدهما على الآخر، ومقتل الكتاب ما هو إلا صناعة رأي عام، لزيادة كراهية الشعب ضد أحد الأطراف.
لكن ستبقى دوما سطوة الحق هي الأعلى فبالرصاص هم يضمحلون وبالقتلِ نحن نتجذر.