18 نوفمبر، 2024 1:26 ص
Search
Close this search box.

أقاليم .. أقاليم

مر العراق بأزمات سياسية كثيرة ابان سقوط النظام الدكتاتوري تمثلت في مجملها بخلافات سياسية بين اشخاص او احزاب او كتل نيابية، ولكن مرت العادة ان تركن تلك الازمات على الرفوف في ارشيف تأريخ الدولة العراقية ربما يحتاجها المتخاصمون الشركاء في قابل الايام وقليلة هي الازمات التي اوصلت البلاد الى مرحلة تكاد تكون ” كسر عظم ” ولا يوجد حل او توافق عليها وكان اصعب تلك الازمات ازمة كتابة الدستور والتصويت عليه ولأن الظروف التي  كتب فيها الدستور لم تكن اعتيادية وخضع كُتاب الدستور الى لغة التوافقات وإرضاء جميع الاطراف السياسية والمكونات الاجتماعية بغض النظر عن رسم الخارطة وتعبيد الطرق لإمكانية تطبيق بنود هذا الدستور فظهرت وتظهر بين الحين والاخر قنابل موقوتة تنفجر بمجرد  المرور عليها اذ لم يحاول المارون تجاوزها والعبور فوقها.

ازمة مطالبة بعض المحافظات بتشكيل اقاليم ادارية  او غير ادارية  من تلك القنابل الموقوتة الموجودة في الدستور اذ انه كان واضحاً ان شكل النظام السياسي للدولة هو اتحادي فيدرالي واعطى الحق للمحافظات مجتمعة او منفردة بتشكيل اقاليم ادارية وفق طرق قانونية اجرائية تنظيمية، وبالمقابل اعطى الدستور للحكومة المركزية صلاحيات واسعة الى حد ما داخل مجلس الوزراء والسلطة التنفيذية بالشكل الذي شكل ويشكل تعارضا مع قدرة المحافظات على الانسجام الوظيفي مع الحكومة الاتحادية، وكل ما تقدم يمكن للمحكمة الاتحادية البت به وتفسير ما هو غامض بأعتبارها  تسد اليوم فراغ المحكمة الدستورية. 

المطالب اليوم بتشكيل اقاليم لمحافظات ذات طابع مكوني ومذهبي واحد ، وعلى اعتاب انسحاب القوات الامريكية، وبردة فعل على اعتقال الاجهزة الامنية لأشخاص تؤكد انهم بعثيون متورطون بأعمال عنف او التخطيط لها يثير العديد من الاستفهامات حول هذه الاقاليم, سيما مع تغير المشهد السياسي في المنطقة عموماً وسوريا خصوصاً ودخول دول خليجية وغير خليجية في الازمة السورية  وما طرح من محاولات مستقبيلة لضم تلك الاقاليم الجديدة الى دول مجاورة وسيناريوهات اخرى ليس محل ذكرها الان..

صلاح الدين والانبار وغيرها.. يحتاج المنادون بتلك الاقاليم تبديد المخاوف وازالة الغموض عن مشروعهم الفدرالي وطمأنة الاطراف الاخرى بصيغ قانونية دستورية بعدم الانفصال، وبالمقابل يتطلب من الحكومة المركزية “الاتحادية” منح صلاحيات لتلك المحافظات بالمقدار  الذي تشعر تلك المحافظات بأهميتها الادارية والوظيفية من خلال انسيابية تنفيذ مشاريعها واعمالها … ومفتاح حل هذه الازمة وسواها  من الازمات هو تبادل الثقة بين الشركاء السياسيين كمقدمة لأيجاد حلول جذرية لمشاكل وازمات موجودة في الدستور الذي بينت الحاجة اليوم ضرورة اعادة صياغة بعض فقراته وفق تطورات المرحلة الجديدة وهذا هو حال الدساتير في العالم انها في حالة تطور وتعديل مستمر كلما اقتضت الضرورة لذلك .

أحدث المقالات