تجتاح الساحة السياسية والأعلامية الأزمة بين الولايات المتحدة الأمريكية وأيران˛ في حين أن هناك كرة ثلجية تتدحرج مستغلة جلبة التصريحات السياسية بين كلا الولايات والمتحدة الأمريكية وأيران وضوضأئها ولكنها سوف تكبر وتصطدم بتمثال الثلج الهش وتبعثره كما تبعثر كرة البولنك الأوتاد الخشبية˛ أنها حرق حقول الحنطة في العراق. فبعد موت الأسماك والدواجن˛ جاء دور الحنطة في اللعبة التي تعرض على مسرح أحداث الشرق الأوسط الملتهب من أكثر من نصف قرن وبلا توقف˛ والذي لا ينفك فيه أن يكون ضحية أغلب مأساته الشعب العراقي الجريح .
وهذه المرة كانت الوسيلة الأكثر تماساً مع البشر إلا وهو الغذاء بل الغذاء الرئيسي للشعب العراقي وهو الخبز والذي طلما أستخدم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية في تركيع الشعوب والدول التي تسميها مارقة!! حيث صرح مسؤول في فترة سبعينات القرن الماضي قائلاً: «بإن الولايات المتحدة الأمريكية تمتلك سلاح أشد خطوراً من الأسلحة النووية التي تزخر بها الترسانات الأمريكية إلا وهو سلاح الغذاء… »˛ فلذي لا يمتلك غذاء لا يملك أرادته.
فالنيران أتت على مئات الدونمات من الأراضي الزراعية في محافظات صلاح الدين ونينوى وديالى وكركوك، فيما كان المزارعون يستعدون لموسم الحصاد˛ وكانت وزارة الزراعة العراقية توقعت أن يشهد الموسم الزراعي الحالي وصول العراق إلى الاكتفاء الذاتي من محصول الحنطة للمرة الأولى منذ عقود، وذلك بعد هطول أمطار غزيرة ساهمت في زيادة مساحة الأراضي المزروعة. تؤكد وزارة الزراعة العراقية أن الحرائق التي اندلعت مؤخرا “ممنهجة” حيث يقول المتحدث باسم الوزارة حميد النايف إن نسبة الأراضي التي تعرضت للحرق بلغت ألفي دونم من أصل 12 مليون دونم هي إجمالي مساحة حقول الحنطة في العراق.
وقال رئيس لجنة الزراعة النيابية سلام الشمري في بيان إن العراق يتعرض إلى “مؤامرة خارجية” تستهدف تدمير اقتصاده في حين كانت الحكومة العراقية أعلنت في كانون الثاني/يناير الماضي أن إنتاج القمح المحلي في موسم 2018-2019 سيصل لنحو ثلاثة ملايين طن بفضل زيادة الأمطار. ولكن لا تأتي الرياح بما تشتهي السفن وبالخصوص إذا علمنا تراجع إنتاج العراق من القمح بنسبة 23 بالمائة على أساس سنوي، خلال 2018، إلى حدود 2.17 مليون طن.
وبلغ إنتاج البلاد من محصول القمح في 2017، نحو 3 ملايين طن، بمساحة زراعية بلغت 4.2 ملايين دونم˛ وبحسب تقرير لوزارة التخطيط، الثلاثاء، بلغت المساحة المزروعة بمحصول القمح 3154 دونما في 2018، وبلغ متوسط الغلة الإجمالي المساحة المزروعة للمحصول 690.5 كغم لكل دونم. تحتاج البلاد للوصول الى مرحلة الاكتفاء الذاتي، من القمح، 4.2 ملايين طن سنويا، مع استيراد نحو مليون طن سنويا لأغراض الجودة، بخلطها مع المنتج المحلي الذي لا يتوفر فيه مادة الجلوتين إلا بنسبة 28 بالمائة، المطلوبة لتصنيع الطحين المحلي.
ولكن الغريب في الموضوع تصريح رئيس الوزراء ̋الدكتور عادل عبدالمهدي̏ والتي لم تعطي للكارثة أي أهمية تذكر حيث قال مانصه: «ليست كلها أعمال عدوانية، بل أغلبها بسبب بعض الخلافات، وبسبب ارتفاع درجات الحرارة، والكميات التي احترقت ليست بالكبيرة جداً، وهذا يحصل غالباً وفي معظم دول العالم في موسم الحرارة الشديدة وهي معدلات متواضعة مقارنة بالدول الاخرى». وهذا يدل على مدى أستهانت الحكومة بتلك المصيبة متناسية قول الرسول الأكرم (ﷺ): «إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم غرسة وأستطاع أن يغرسها قبل أن تقوم فليغرسها».