يتنافس بعد أشهر فريقا الحزبان الحاكمان في الولايات المتحدة “أوباما الديمقراطي” وخصمه “ماكين الجمهوري” على الفوز بالقرار التشريعي لـ”الكونغرس” بمجلساه “الشيوخ” و”النواب” أعلى سلطة في أميركا. لكل فريق أوراق ضغط ومساومة داخلية مرتبطة بفريق حليفه وخصمه الخارجي الشرق أوسطي وبصورة أدق “الإسلامي” و”العربي” يتقدمهم “العراق”. وكيفية كسب أصوات أكثر في تلك الإنتخابات النصفية التي تجرى كل عامين في أميركا، عبر رهن الملفات المحلية بالخارجية. ملف محاسبة “نوري المالكي” دخل حلبة المساومة بين فريقا الحكم في واشنطن. ولأول مرة يتفق كلاهما على نقطة مقاضاته بجرائم إبادة عنصرية. وكل منهما وضع مسودة عمله من الناحية القانونية وتخريجتها الإعلامية وسيبدء تسريبها للصحافة لغرض إعتمادها في التعامل مع المالكي الذي يمثل حقبة بوش المنصرمة، وكيفية ترميم أخطاءها بطمر مخلفاتها- أي المالكي-.
على هذا الأساس إعتمد فريق الجمهوريين مسودة العمل التالية:
كثيرٌ من دول وقيادات الشرق الأوسط السياسية تتوقع أو تأمل وترجو تغييراً في السياسة الأميركية يرافق إنتخاباتها النصفية المقبلة 2014. البعض يراهن على فريق (ماكين) الجمهوري بوصفه إستمراراً لـ(بوش) قادراً على عقلنة القرار الأميركي واستمراريته، والآخر يراهن فريق (أوباما) الديمقراطي نقيضاً. ويرهن بعض قيادات المنطقة بقاءه في السلطة أو نجاته من مسؤولياته بالتغيير في واشنطن عبر إنتخابات “الكونغرس” النصفية. يجهل المرهنون مايريدون، وربما كان رهانهم الحقيقي هو على الوقت أكثر منه على التغيير. على أن معظم المراهنين يجهلون، فيما يبدو، أميركا ونظامها، إضافةً لجهله واقع عالم اليوم بتوازناته وحاجاته بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي ومعسكره الغربي والشرقي.
مسودة عمل فريق الديمقراطيين:
لم يستطع نظام المالكي تغطية أحداث سجني أبي غريب والتاجي بضواحي بغداد، فاضطر للإعتراف بها وسماها “أعمال شغب”. أي شغب هذا الذي يجري في سجنان من ضمن عشرات علنية وسرية يضمان آلاف المعتقلين السياسيين من لون واحد ويسقط قيهما مئات القتلى خنقاً وحرقاً من سجنائهما، فكان السجن وظلمه لم يكفهم حتى ذهبوا ضحية إعتراضهم على سوء المعاملة الطائفية. يستطيع المالكي في العراق أن ينفي. يستطيع أن يتهم السجناء بأي شيء وكل شيء. ألم يدخلهم السجن بتهم شتى.. إذاً، فاتهامهم بالفوضى والخروج على القانون وتصفيتهم بالقتل عقوبة رادعة لكل من تسول له نفسه الإعتراض على ليس على نظام الحكم بل على السجن والسجان وسوء المعاملة. فالسجن حق للحاكم والعقوبة حق لأهل النظام.. أما الإعتراض فجريمة أُخرى مضافة لاتغتفر. كان أليق بالمالكي لو أنه أعلن إحالته الموضوع على لجنة تحقيقية قضائية شفافة أشرك فيها بعض ذوي الشك وأثبت أن ثورة السجناء مجرد تمرد وأن السجناء أنفسهم ليسوا “سُجناء رأي” ولا “سُجناء موقف”، بل مجرمين عاديين. على أن للأمر وجهاً آخر. فحتى المجرم العادي في بلاد الآدميين يعامل بوصفه إنساناً لأنه ضحية ظروف لم يصنعها. أحداث سجني “أبي غريب- التاجي” تسلط الضوء على قضية يتم التعتيم عليها وإخراجها من دائرة الضوء هي قضية معتقلي الرأي، سواء كانوا إسلاميين أم ليبراليين أم قوميين أم وطنيين، في العراق. هؤلاء يستحقون من العالم والولايات المتحدة موقفاً ومساءلة للمالكي عن أسباب إعتقالهم، إضافةً لظروف سجنهم فتصفيتهم على يد قوات المالكي في ظروفٍ غامضة، عنوانها هروب “القاعدة” مضمونها “تهريبهم” وتصفية شهود العيان المسجونين. ولكن من يسأل عن سجناء أبي غريب- التاجي حين يكون الشعب العراقي كله سجيناً.