19 ديسمبر، 2024 12:39 ص

أفلام ترتدي النظارة السوداء …أسكرت أمة !!

أفلام ترتدي النظارة السوداء …أسكرت أمة !!

ان لم تصدق فعليك بروتانا كلاسيك أو روتانا زمان ،  إنها الحقيقة  الصاعقة  التي تؤكد لنا بما لا لبس فيه البتة  بأن  كم الخمور التي أحتسيت أطنانا – على الخالي بطال – في معظم إن لم يكن كل أفلام الأسود والأبيض العربية القديمة  قد أسكرت أمة بأسرها وأزاحتها صاغرة  بعيدا عن دائرة التأريخ  وصناعته وأنجبت أجيالا تضرب الأمثال بترنحها وثمالتها وخنوعها وإستكانتها ونكستها وخيبتها وإنهزاميتها  وأميتها مشفوعة بخمريات ابي نؤاس وهي تردد أبياتا كان قد  نظمها في واحدة من خمرياته  الغلمانية  التي لا تحصى ما منحه  شرف تسمية شارع باسمه وسط بغداد كونه من أم فارسية أولا وغلمانيا وخمريا ثانيا و ثالثا ولولا ذلكم الثالوث الرهيب  لما نصب لأبن جلبان الفارسية ، أبو علي الحسن بن هانئ بن عبد الأول بن الصباح ، نصبا ولا سمي بإسمه شارعا ، شرف لم ولن  يمنح لعلماء وأكاديميين وباحثين  ومبدعين وتشكيليين عراقيين سابقين ولاحقين  يشهد لهم القاصي والداني ، بعضهم تم تصفيته وإغتياله في وضح النهار خارج العراق او داخله ومن ثم رمي جثته قرب أقرب مكب للنفايات أعقبه فتح – يعني غلق – ملف بالحادث ، فهل سمعت يوما بشارع في العاصمة بغداد باسم ، زها حديد ، على الوردي ،مصطفى جواد ، بهجت الأثري ، جلال الحنفي ، جواد علي ، حسين امين ،طه باقر ،  نجم الدين السهروردي، محمد صالح مكية ، الجواهري ،السياب ، البياتي ،  عمو بابا والقائمة أطول من العد والحصر بكثير  :
ألا فاسقِني خمراً، وقل لي هيَ الخمرُ        ولا تسقني سرّاً إذا أمكن الجهرُ
ما العيْشُ إلاّ سكرَة بعد سكرة       فإن طال هذا عندَهُ قَـصُــرَ الـدهــرُ
و ما الغَبْنُ إلاّ أن تـرَانيَ صـاحِـيا    و ما الغُنْـمُ إلا أن يُتَـعْـتعني الســكْرُ
وشعوبيات  إبن برد وفرش ،احسان عبد القدوس  ، المدنسة وعوالم وعوامات وثرثرات نجيب محفوظ الحمراء وحمر توفيق الحكيم ،وتحشيشات  درويش  وعبثيات سلامة موسى ، فهل رآى العالم ..كل العالم سكارى مثلنا ؟! شخصيا أعتقد جازما بأنه لم ير ولن يرى وكيف  له ذاك !
كم الرقصات  الخليعة والغناء  الأخلع والهز ياوز والـ” رقصني ياجدع ” وعلى الواحدة ونص التي عرضت على ايقاع الطبلة  في تلكم الأفلام فاق ما عرضته هوليوود في أربعينيات وخمسينيات وستينيات القرن الماضي ، بما يعادل 1000قنبلة ذرية وهدروجينية ونيترونيه ، فكرية واخلاقية واجتماعية وقيمية وانسانية ألقيت علينا دفعة واحدة من غير مأذون شرعي درجت السينما المصرية على السخرية   منه وبإصرار عجيب يشكك في نواياها  ويفضحها  ، وزواج عتريس من فؤادة ..تره باطل  ، كلش وحيل باطل !!
كم السجائر والمخدرات التي دخنت في تلكم  الأفلام ..الخيانات الزوجية …الطلاقات عبر الطرود البريدية من خلال سعاة البريد  من دون علم الزوجة المسكينة ..العلاقات المحرمة ..القبل ..الملاهي ..المراقص .. الفتوات ..اللصوص ..قطاع الطرق ..الغدر ..عدم الوفاء ..الكذب ..عقوق الآباء والأمهات ..هروب الفتيات اليافعات من المنازل والتشجيع على ذلك  ..التوقيع على شيكات من غير رصيد  ..القمار بكل انواعه بدءا من حلبات السباق ” الرايسيز ” وانتهاء بالكوتشينة ، يفوق الخيال بما يكفي لضلال أمة بأسرها كابرا عن كابر ميؤوس من إصلاحهم  لاحقا وهذا ماحدث بالفعل !!.
هند رستم لوحدها قدمت إغراء بالأسود والأبيض لم يخطر على بال  ابليس ولن اتحدث عن سامية جمال  التي تقاتل رشدي اباظة وفريد الأطرش للفوز بقلبها  او حضنها بالأحرى ونعيمة عاكف وبرلنتي عبد الحميد” زوجة المشير عامر،  بطل النكسة وقائدها او التي تم تلبيسه اياها ككبش فداء يتحمل المسؤولية لوحده من دون سواه ومن ثم اغتياله خلسة وتدوين ملف  القضية على انه انتحار ”  وبديعة مصابني وشفيقة القبطية التي ابتدعت رقصة الشمعدان الشهيرة والتي  اظهرها المخرج حسن الأمام ، في احد افلامه الذي يحمل اسمها عام 1962 بأنها قائدة الثوار ضد المستعمر الإنجليزي بعد استشهاد نجلها برصاصه !! والمطربة أسمهان  الأطرش واسمها الحقيقي ” بحرية ” تلك العميلة المزدوجة للمخابرات البريطانية والفرنسية والألمانية ونجوى فؤاد او “ملاك الشيطان”  وهو الفيلم الأول لها عام 1959، فؤاد التي تزوجت 6 مرات كانت  احدى زيجاتها من أحمد رمزي ولمدة 17يوما فقط لاغير ، فؤاد التي تزعم بأن وزير الخارجية الأميركي  الأسبق ، هنري كيسنجر،زعيم منظمة ايباك ( حكومة  العالم  الماسونية الخفية ) كان قد تقدم لخطبتها فرفضت بعدما رآها ترقص في مدينة الإسماعيلية بمناسبة توقيع اتفاقية «كامب ديفيد» الإستسلامية !! حتى انه قال فيما بعد ” نجوى فؤاد اجمل مارأيته في العالم العربي  ان لم الأمر الوحيد !! ” ومنافستها سهير زكي  وغيرهن المئات ممن لم تكن السندريلا ،سعاد حسني ، التي اغتيلت عقب إعلان رغبتها بنشر مذكراتها التي تفضح حقبة سياسية وأمنية بأكملها  وذلك بألقائها عام 2001 من الطابق السادس من بناية ستيوارت تاور وسط لندن ،  من اولهن ولن تكون من آخرهن قطعا وظل شبح ،صلاح نصر، ومخابراته التي ربطت الفن بالتعذيب  والفضائح والزنازين المظلمة وتجنيد العاهرات والمخبرين السريين مازال يحلق في سمائنا الملبدة بطائرات الغزاة والمحتلين والى اجل غير معلوم ….ثم يسألني احدهم لماذا سحقت الأمة ، كل الأمة عام 1967 وضاعت القدس والضفة الغربية وسيناء والجولان والى يومنا هذا فيما ندفع نحن الثمن بحارا من الدماء الزكية الطاهرة بلا توقف ؟!.
روتانا كلاسيك تعيد عرض خيباتنا وانكساراتنا وماضينا العفن انطلاقا من خمارات  وكابريهات شارعي محمد علي و الهرم و تتحدانا علنا بـ ” مش حتقدر تغمض عينيك ” ، هزلت والله فسامها كل مفلس وعلى رأسهم ،بوش ونتياهو وبلير وبقية الشلة التعبانه محليا و دوليا وإقليميا .
ولله در شاعر الجاهلية الشهير ، طرفة بن العبد،  الذي لخص النتائج الكارثية لهذا الغثاء بعد سوق المقدمات قبل 1450 عاما :
ومازال تشرابي الخمورَ ولذّتي ..وبيعى وإنفاقي طريفي ومتُلدي
إلى أن تحامتني العشيرةُ كلُّها …وأفردتُ إفراد البعير المعبّدِ