ان مايجري الان من احداث متسارعة في أفغانستان يجرنا الحديث إلى ان نتذكر دائماً من خطورت المجموعات الارهابية بجميع مسمياتها وصنيعتها وكيف انسحبت الولايات المتحدة الامريكية دون شروط مسبقة وسلمت افغانستان الجريح بطبق من ذهب لصنيعتها طالبان وها هي كابل العاصمة مهدّدة بالسقوط بين لحظة ولحظة كما يرى ذلك كافة المراقبين والخبراء العسكريين واحتمالية انزلاق أفغانستان إلى حرب أهلية ، إنّ ما يجري في أفغانستان من أحداث ستنعكس بالتأكيد على الوضع الأمني والعسكري في المنطقة ويحول البلد إلى ملجأ لكل المجموعات الارهابية و”الجهادية” في العالم للحد من قدرات التعاون للدولة المتنامية في المنطقة ( روسيا والصين وإيران ) وتبقى طالبان محورياً في تحديد مسار الأحداث في المنطقة و وضع خطط بديلة لمواجهة كل الاحتمالات.
ومن ناحية أخرى لتأمين قواعد قريبة من أفغانستان لضمان سير العمليات المستقبلية من خلال الاتفاق مع دول جوار أفغانستان في آسيا الوسطى لإنشاء قواعد تنطلق منها مهمات عسكرية واستخباراتية مستقبلاً لدعم السياسة الأمريكية و لمساندة طالبان كابول ولو التزمت أمريكا بجد بالحفاظ على وجود قليل من القوات لحماية الحكومة الحالية وبقاء اطول في البلاد، ودعم القوات الأمريكية للقوات العسكرية في البلد ومساعدة مالية طويلة الأمد، لكانت قد زادت من معنويات الحكومة والقوات الأفغانية، ولعطل ذلك خطط طالبان ولكن قال ” الرئيس الأمريكي جو بايدن إن الوقت قد حان لوضع حد لأطول حرب خاضتها الولايات المتحدة” في تاريخها ” ولتكون طالبان تهديداً رئيسياً لدول الجوار الأفغاني”وتشهد أفغانستان نشاطا متزايدة عسكرياً لطالبان في الوقت الحالي؛ أسفر عن سيطرتها على عدد كبير من المحافظات والمدن والقرى والأحياء،هذا الانسحاب في الحقيقة اعطى الضوء الاخضر لتحرك طالبان نحو النصر الذي انتظرته طويلا وهي تقوم الآن بالسيطرة على مناطق جديدة. ومستمرة في التحكم على الكثير من الولايات والقصبات الأفغانية ،
ومن الملاحظ هو ان في كثير من الأحيان ، ينضم الشباب إلى الجماعات العنيفة لأسباب شخصية واجتماعية، ويتبنّون هذا الفكر لكونه المنظومة الفكرية للجماعات التي يريدون الانتماء إليها تتناسب مع عقولهم و لها سمات تتطابق مع رغباتهم ، وتظهر المعلومات التي اشارت انه هم أكثر قابلية للانضمام إلى هذه الجماعات من غيرهم و من الاسباب التي ادت الى انحراف الشباب هو ايضاً ان الكثير من الدول لم تستطيع ان تعطي معنى صحيح للإرهاب وتفهيم مجتمعاتهم بخطورته ، مما كان الانتماء إلى هذه الجماعة المتطرفة عند كثير من الأعضاء الجدد أكثر أهمية من الفكر نفسه، سواء كان دينيا أو سياسيا أو غير ذلك و كثيرا ما يجر الحديث عن الإرهاب إلى الفهم الخاطئ لنصوص الدين، باعتباره سببا للتطرف والإرهاب، وهذه قاعدة غير صحيحة لان الكثير من المجموعات التي تشكلت في دول العالم لم تكن دينية ، فمشكلة الإرهابي المتطرف، أنه خضع لتفسيرات خاطئة للنصوص التي تتحدث عن الجهاد وإنكار المنكر، وأحكام التكفير والحدود، ونحو ذلك، من دون أن يرجع إلى الثقات من أهل العلم قديما وحديثا، غير أنه ليس السبب الأوحد لوجود الإرهاب، فمن أبرز أسبابه التي يحجم البعض عن الخوض فيها العنف السياسي والقمع والتنكيل، الذي تمارسه الأنظمة المستبدة تجاه المجتمع، فمن ثم تصنع الإرهاب.لقد اختلفت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة حول الطريقة الصحيحة لفهم وتعريف الارهاب، وبالتالي، حول أي من الجهات والمجموعات حول العالم تستحق أو لا تستحق تسمية “الإرهابيين” وأن تدان على هذا النحو من قِبَل المجتمع الدولي و أن معظم التنظيمات المتطرفة والتكفيرية هى بالأساس صناعة غربية، وتخرج على وجه التحديد من رحم المخابرات الأمريكية والبريطانية،ومعلومات استودن التي كشفت تؤكد” تعاون أجهزة استخبارات ثلاث دول هى الولايات المتحدة، بريطانيا، وإسرائيل لإيجاد تنظيم إرهابي قادر على استقطاب المتطرفين من جميع أنحاء العالم فى مكان واحد فى عملية يرمز لها بـ عش الدبابير، وهى خطة بريطانية قديمة تقضى بإنشاء تنظيم دينى شعاراته إسلامية يتكون من مجموعة من الأحكام المتطرفة التي ترفض أى فكر آخر أو منافس له. والتاريخ المعاصر والحديث يكشف لنا الكثير فى هذا السياق ولماذا لم ترتكب هذه المجموعات عملا إرهابيا واحدا ضد أهداف إسرائيلية أو أمريكية، كما كانت تسميه الإرهاب دائما، مليئة بالتناقضات والتهافتات. ولا يزال غير مقبول اليوم كما كان في ثمانينيات والتسعينات من القرن الماضي وحتى يومنا هذا و يتم استخدامه مرارا وتكرارا لتجريد “الآخر” من إنسانيته وشرعيته بينما يُضفي الشرعية على استخدامها للعنف ضده كما هو في سورية واليمن وفي افغانستان والعراق،ويحتاج الى المزيد من التحقيق النقدي حول بناء مفهوم “الإرهاب” والذي يمكن ان يؤدي في أن يستفيد بشكل كبير من تطوير إطار نظري ومنهجي من شأنه توثيق وتحليل تاريخ الطروحات والتفسيرات المتعددة حول “الإرهاب” وفيما يتعلق بالسياقات المختلفة -أكانت هذه آمنة أو تخاصمية، أو عامة أو سرية، أو سياسية أو إعلامية- التي أُنتجت فيها هذه التعريفات،وتختلف الأسس الأخلاقية التي يتخذها أعضاء المنظمات “المتطرفة اليمينية أو الدينية أو العرقية القومية ذات النزعات الانفصالية” لتبرير عملياتهم الإرهابية من تنظيم إلى آخر،وهذه الجماعات الارهابية تبدو لنا جميعًا وبلاشك بانها وحشية و متخلفة أخلاقيًّا، وأن عناصرها ترتكب أعمال عنف شنيعة وعشوائية، من خلال الممارسات التي تقوم بها في الكثير من بلدان الشرق الاوسط وفق مبررات تتفق مع قناعاتها.لاشك فيه ان الأنظمة كانت السبب الاول في صنع الإرهاب عندما أغرقت الناس في الفقر والفاقة، ومارست أبشع صور الظلم الاجتماعي عليهم، فوجد الشباب أنفسهم أمام آفاق مسدودة، وأحلام موؤدة، فأضحوْا عرضة لاجتذاب الفكر الضال، الذي يهيئ لهم ميدانا يفرغون فيه سخطهم وغضبهم على الأنظمة، التي أفقدتهم معيشتهم وسلبت أرزاقهم وحاربتهم في أقواتهم. هذه الأنظمة القمعية وأهل التطرف والغلو وجهان لعملة الإرهاب، كلاهما يمثله، وكلاهما يمارس العنف السياسي الذي يتفق مع مصطلح الإرهاب من وجود عدة، سواء كان من الأفراد والجماعات تجاه الدولة، أو كان من الدولة تجاه الأفراد والجماعات، ان عمليات الاغتيال التي تمارسها الجماعات المتشددة إرهاب، والتصفية الجسدية والاعتقال الذي تمارسه الدولة ضد الأفراد والجماعات إرهاب كذلك. من أبشع صور الإرهاب التي تمارسه الحكومات القمعية ويفتح الباب أمام صناعة الإرهاب.