رجال يسعون لحل كل غموض العالم, والمفارقة هم لا يدركون, أنهم غير قادرين, على إكتشاف جزء صغير جداً, فأفعالهم الشيطانية, مجرد عنف بدني بدائي, في فارق زمني كاذب, يوحي لهم بالأمل الضائع, وإلا لماذا هذا القتل الوحشي؟ والحديث عن قضية الحرية, واقع خيالي ومثالية مستحيلة, في ظل التماثيل الرخامية المتهرئة, التي تدعي العدالة, مستخدمة الأذرع الباطشة, والسيوف الأموية المشبوهة والباغية.
ما يراه الآخرون في شخصية الدواعش, أنها قاسية صلبة عنيفة, لكنهم في أوساط الرذيلة والفحش, يكونون أفضل من يغذي غرائزه, فالماضي والحاضر والمستقبل, لديهم أزمان مختلفة متداخلة في الملذات, ويبدعون في كتابة قصص البراءة المفقودة, وذلك لإقناع العالم, بأن الحياة طرحتهم بعنف, وهم عادلون في الرد على من أساء لهم, ولا مجال للشرفاء الأبطال, إلا الجهاد من أجل الإسلام المزعوم.
الشعوب بنظرهم, لا تستحق أن تكون تحت سيطرة الحكومات العادلة, لذلك يلجؤون الى فرض قانونهم الملعون, بدعوى فرض القانون الإلهي, الذي كتبوه في مفكرة حجرية كبيرة, منقوشة بعلامات فلكية أسطورية, ويشعرون بأنهم ملوك الصحراء, وصعاليك الأدب الجاهلي, ويفرضون مباديء الجهل, والخرافة والفساد, وكأن الحياة جثة لا وجود لها, ولا تمت للواقع بصلة أبداً, ففي الحروب تتغير الناس, ليصبحوا وحوشاً كاسرة.
كما أن للحب عيداً في قاموس المسلمين هذه الأيام, فحق أن يكون للكره هلال وعيد, فالطموح كبير لا يعرف الحدود, والثواب الجزيل, والإحتفال الكبير, يبدأ مع فجر قطع الرقاب, وسبي النساء, وهدم المقدسات, وهو زمن إيماني قلما يظهر مثله زمن, حيث يأكل الكهنة اللحوم, ويحصل الفقراء على فتات الخبز, فنماذج أسلافهم لا يحيدون عنها, ولا ينحرفون منها, فهي الإمام المتبع.
الذي لا ريب فيه, أن الأحداث المتسارعة, العاصفة بالمنطقة العربية, لهي من علامات الساعة, وقد أخذ الإرهاب والتطرف والتكفير بعداً خطيراً, فأقتحم الأبواب, وافلت زمام الأمور من أيدينا, وباتت كل حلقة تأخذ عن سابقتها, وتسلم القتل والدمار الى لاحقتها, والسبب هو أن العرب خالطوا غيرهم, وفسدت ألسنتهم وعقولهم وقلوبهم, وأندفعوا مبهورين,ولم يقدم الغرب جائزة لنا, على تقليدهم إلا هؤلاء البغايا.
العرب هم أشهر من تعلم فن الفراسة, الذي يعني تتبع الأثر في الأرض أيام السذاجة البدوية, وكتبوا بأبجديتهم العنقاء, مناقب الأمة, وأقاموا نظاماً سماوياً متألقاً, وشرفها الخالق بأن الإسلام, ظهر في بطونها, فتركت معاجم وملاحم, أذهلت العالم, فيا أسفاه! على خير أمة أخرجت للناس, قناديل الحرية, والكرامة والتسامح, وجابت مجاهل الصحراء, بأنوار الهدى والرحمة, فأصبحت لا تفرق بين الأصنام والأوثان.