23 ديسمبر، 2024 10:47 ص

أغتيال التاريخ

أغتيال التاريخ

الحسد و الشعور بالنقص أمام الاخر و تمني زوال ما يمتلكه من مميزات يتفوق بها و السعي لافراغه منه كلها من الامراض و المشاعر و الصفات السيئة التي يصاب بها و يعاني منها بعض الافراد من البشر هنا و هناك كما يمكن أن تصاب بها الدول و الامم فتحسد أمةٌ أمةً أخرى لأنها لا تملك ما تملكه و تحاول أن تسلبها أو تفرغها من هذه الامتيازات لتتساوى و قد يعترض معترض أن هذه الامم او الدول يمكن لها أن تسعى لاستحصال هذه الامتيازات بدل أن تسعى للقضاء عليها عند تلك الدول و هذا ممكن في اغلب المساحات الكسبية كالتطور العلمي و التكنلوجي و الصناعي و التنمية في الموارد البشرية و المادية و تربية المجتمع و ترويضه على الصفات الحميدة و غيرها و لكن هناك مساحة مهمة لا يمكن كسبها أو التنافس بها أو أستحصالها مهما كانت القدرات المتوفرة و الامكانيات المتاحة الا و هو التاريخ و العمق الحضاري و الجذور الممتدة في حقبات الزمن الماضي التي تعيش في ذرات التراب و تصدح بها تلك الاثار المتبقية و تزخر بها متاحف العالم التي تصرخ و يتردد صدى هذه الحقيقة في كل أرجاء المعمورة أن هذه القطعة من الشرق هي مهد الحضارة البشرية و هي البستان الاول الذي نمت فيه بذور العقل الانساني المفكر و منه أشرقت شمس الامم و بقيت تنير للارض دروبها عبر الازمان المتوالية ، فهنا كان الحرف الاول و البدء للكلمة التي خرجت تعلم الناس أشيائهم ، و اليوم ليس بغريب أن تتعرض هذه الاثار الدالة على التاريخ الى محاولات طمس الحقيقة منساقة مع حملات التزوير و التغطية و التعمية و التشويه الذي تعرضت له هذه المنطقة في التاريخ و الجغرافية ، فالأصابع والايادي السوداء التي حملت المعاول لتحطم تاريخنا من نصب و تماثيل او تفجر مساجدنا التاريخية أو تنبش قبور الاولياء والانبياء أو تسرق ما تجود به ارضنا أنما تحركها الخيوط في دول لا تملك ما نملك من أرث فتاريخهم لا يتعدى بضعة سنين و هذه العقدة الاممية بقيت تقض مضجعهم و تنخر في أنفسهم كلما شاهدوا أثارنا و تحسروا على ما تمثله هذه الاثار من تاريخ فكانت خططهم لاغتيال هذا التاريخ و سلبهم أياه من هذه الدول فتجد ما يسمى ( الدولة الاسلامية ) داعش لها مهمة أو وظيفة في كل بقعة تطأها أقدامهم و هي تحطيم أي شيء يدل على تاريخ هذه الامة ففي سورية و الموصل سلبت و حطمت كل الاثار كقبر النبي يونس و قبور الاولياء و أحرقت المكتبات بما تحويه من نفائس و مخطوطات و حتى الاسوار القديمة و البوابات و القلاع و اخيراً و ليس أخراً تحطيم ما قيل انها الاثار التي يحتويها متحف الموصل رغم ان منهج داعش هو التجارة بهذه الاثار و اعتبارها من اهم مصادر التمويل لأعماله المسلحة فلا يمكن ان نصدق انهم قاموا بتحطيمها و هي تساوي ثروات يسيل لها لعاب هؤلاء و خاصة ان عمل النسخ الجبسية او من الاسمنت الابيض ليست صعبة ابداً ،

فاغلب التراث اليوم ينتقل الى اسرائيل و بريطانيا و أمريكا و حتى لا يمكن متابعته فقد الفوا هذه المسرحية كما هم بارعون في نسج المسرحيات ،

عندما كتب فوكياما (نهاية التاريخ) قيل أن التاريخ لا يمكن ان ينتهي لهذا فهم جاءوا لأغتياله .