22 ديسمبر، 2024 2:59 م

أعيادنا دم.. أرض لنا فيها ما يدعون

أعيادنا دم.. أرض لنا فيها ما يدعون

يكحل الإرهاب مناسباتنا الدينة والوطنية وأعيادنا المبهجة، بالدم، فلا نعد نرى العالم إلا مطليا بالأحمر.. حمرة الدم البريء، التي سبقت عيد الفطر.. خلال رمضان الماضي، في الكرادة، وملعب كرة القدم، في الحلة، وتفجير اليوم في السنك، الذي عتم ضحى 31 كانون الاول 2016، يعيقه عن حسن إستقبال 2017، ليتعانق العالم، الإسلامي والمسيحي وغير الموحد، في إحتضان 16 لـ 17 مخليا الكون لبهجة مقبلة، لكن “أول القصيدة كفر”.
مع الاسف، بتنا نخجل من تبادل التهاني، بمقدم عيد أو رأس عام ميلادي او هجري؛ لأن الارهاب يريدها تحديا بدويا أهوج، كما معروف عن البدو الذين وظفهم أتباع محمد بن عبد الوهاب، في إقلاق العراق والكويت والاردن وانحاء كثيرة من الحجاز والقطيف وسواها من أنحاء شبه جزيرة العرب، منذ منتصف القرن 19 الى مطلع القرن الـ 20.
وحين أقول بدويا، فأنا أستحضر ما عرف عن اليد الضاربة لأتباع عبد الوهاب، أي البدو، الذين أعطوهم فتوى بإستباحة كل ما هو ليس وهابيا.. شرعا وقانونا.. لا حرمة لنسائهم ولا ملكية لأموالهم ولا جريمة في ذبحهم؛ لهذا بات سفح دماء، كل من هو ليس وهابيا، يعدونه تقربا لله.
أي إثم فظيع أن نستغرق في وصف منقوع الرمال البدوية السافية بالدم، من منتصف قرن أسبق، ليعاودوأ إرهابهم بتقنية أعلى من جمال حمل السلاح الى همرات حديثة، في القرن الـ 21، حين نود أن نتبادل التهاني مع أحبابنا.. “ربنا لا تؤاخنا بما فعل السفهاء…” وهم ليسوا منا، بل علينا.. ضد كل ما هو جميل.
أتداعى حزنا على ما طال السنك.. وسط بغداد، من تفجير، في ساحة مكتظة بالباعة والمتسوقين، حذو إمامين جليلين للإسلام عامةً، بشيعته وسنته، هما الكيلاني والخلاني.. قدس سريهما الطاهرين.
لا يمكن ان نكف عن التهاني، حتى مع الامهات الثواكل والزوجات الارامل والابناء اليتامى ومن فقدوا إخوتهم.. شهداء في هذا العبث اللامسؤول عن فطرة الله التي أراد لها ان تحيا بكرامة، على هدي نور الاسلام، وإذا بالتطرف الارهابي، الآتي من عمق قرون الضلالة السالفة، يعكر صفو نقاء حياة كرمها الله بالسعي للعلم محفزا في الآية الكريمة: “وما أوتيتم من العلم إلا قليلا” وهي طريقة ربانية عظمى، في حث البشر على مزيد من التطلع للعلم الخدوم، وليس التراجع قتلا في خلقه؛ إستحضارا لما غادره الأسلاف، بقول الامام علي.. عليه السلام: “ربوا ابناءكم على غير اخلاقكم؛ فقد خلقوا لزمن غير زمنكم” وهؤلاء يريدون التراجع بأجيال المستقبل، تقهقرا الى عهود قدمت ما عليها وبادت، كي تسود طروحات جديدة، مثلما تتفتح الوردة من بذرة تكاد لا ترى بالعين المجردة، تلك هي الحياة، تفتح مستمر.. المستقبل وردة والماضي بذرة مقدسة، فلا تقحموا الطروحات ببعضها؛ محولين منهج الاسلام المعرفي، الى إرهاب مرعب، يقطف حياة الزهور البريئة، زرافات – بالجملة، وليس فرادى فقط.
تشفع تلك الآية، بقوله تعالى: “وفوق كل ذي علم عليم” كما لو أن الإنسان الذي خلقه على صورته، يريد له الدأب لبلوغ اقاصي العلم الذي لا نهاية له، بدلالة الآية: “إنا خلقنا الكون وانا له لموسعون” وصولا الى الرفاه المطلق، كما الجنة على الارض: “لهم فيها ما يدعون”.
اين “داعش” واسلافها الوهابيون والاخوان المسلمون والقاعدة وطالبان، من رصانة العلم وبهجة الرفاه سعادة التي قدرها الرب للشعوب، وهي تردد في رأس كل عام: “مبارك مقدم العيد، وتعسا لمن يعكرون صفوه بإرهابهم”.. الحياة تستمر متواصلة “ولسوف يعطيك ربك فترضى” تناغما مع قوله تعالى: “وما كيدهم إلا في تباب”.