23 ديسمبر، 2024 2:10 م

أعمدة حديقة الأمّة بدأت تستشعر قرب تعليق المحمود عليها

أعمدة حديقة الأمّة بدأت تستشعر قرب تعليق المحمود عليها

كلنا يعلم أن الأنتخابات في أي بلد من بلدان المعمورة وعلى مختلف أشكالها ، هي سباق قانوني بين المرشحين كأشخاص أو مجاميع أو كتل ، تكون الجائزة للفائز الأول في هذا السباق بدون نقاش وجدل ، وإلاّ فلا مبرر أساسا لأجراء ذلك السباق .. وتلك الجائزة التي أقرتها كل دساتير الأرض الوضعية هي أن يمنح الفائز الأول حق تشكيل الحكومة .. ومن ثم يعطى مهلة قانونية متفق عليها ، ومن ثم يسحب منه هذا الحق في حالة عدم تمكنه من انجاز استحقاقات الجائزة .. ذلك كلام لا يختلف عليه انسيّان أو جنيّان أو حماران وحشيّان أو حتى حساويّان .

 

وقد شطح عن تلك القاعدة القاضي المتخاذل مدحت المحمود الذي تسببت فتواه المعروفة للجميع عندما حرم الفائز الأول من هذه الجائزة ومنحها للثاني .. نقول تسببت فيما تسببت فيه تلك الفتوى بكل ما يمر به العراق اليوم من فساد وتفكك وانهيار أمني واقتصادي وسياسي واجتماعي وحتى ديني .. فقد شرعن هذا القاضي الفاسد الى تسييس القضاء وقبول الرشاوي وامتهان الدستور الذي هو مشوّه أصلا .. وشجّع بعمله الغير أخلاقي ذاك على خرق القوانين والأعراف والتشريعات السماوية والأنسانية لاحقا .. بل أعطى لأقرانه الآخرين من الكثير من قضاة العراق المثل والقدوة السيئة لكي ينهجوا نهجه في تدمير العراق كدولة وكمؤسسات من حيث يعلموا أو لا يعلموا بعد أن أمنوا الحساب والعاقبة .

 

جريمة (العصر) التي ارتكبها المحمود لم تقتصر سياسيا على منح الحق لمن لا حق له في مسار العملية السياسية ، عندما أعطى اشارة البداية بأن يدار العراق بقانون الغاب واعطى الغلبة للقوي على حساب الضعيف .. بل أمتدت مضاعفاتها الى تشجيع الكثيرين على (خرق) الدستور ، والى الجسرة على القانون والى تنامي الفساد الأداري والمالي والى انتشار المعايير المزدوجة في تشديد او تخفيف الأجراءات الأصولية أمام سرّاق العصر بل حتى التغطية على فسادهم المتنامي ، وشجع الكتل السياسية على نقض عهودها واتفاقياتها وتفاهماتها وتوافقاتها .. وايضا وبدون مبالغة كان لتلك الفتوى التأثير الأساسي على اختفاء الخدمات وتراجع التعليم وانتشار الفقر والبطالة والأمراض .. وربما كان تأثيرها أشد وطأة على مستقبل العراق السياسي من تأثير العمليات الأرهابية الداعشية وغير الداعشية .

 

تعليق المحمود على أحد أعمدة حديقة الأمة طيبة الذكر والتي بدأت تتزين أحتفاءا بقدوم هذا اليوم .. سيعطي أملا جديدا لهذا الشعب المسكين المكلوم ، بأن تنظيف القضاء يعني تنظيف العراق ، وأن الأيتاء بقاض نزيه شريف شجاع على رأس المؤسسة القضائية وما أكثرهم ، سيكون الخطوة الأولى (الرادعة) لتصحيح العملية السياسية والتي ستليها خطوات مؤكدة في تنظيف المؤسسة الأمنية والعسكرية والخدمية ، بعد أن يرفع التسييس عن المحكمة الأتحادية المشبوهة .. وسيعود القضاء العراقي النزيه الى لعب دوره التاريخي .. وسنرى جدية وتصميم حقيقي على تحريك كل ملفات الفساد والخيانة والتجسس وهدر موارد الدولة وسرقتها ، بوقت قصير وقياسي ربما .. بل سيتمكن قضائنا الجديد بعد اخذ العبر والدروس من تعليق المحمود على الأسراع بأعادة كل أموال العراق المسروقة والمهربة الى الخارج .. السؤال الذي يطرح نفسه .. هل طيفنا السياسي من قادة العراق يدركون ان اعدام المحمود هو بداية خروجهم والعراق معهم من هذه الوحلة التي وضعوا نفسهم فيها ؟ .. أم أن الكثير منهم من بائعي اللبسان الداخلية والستيانات والمحابس والسبح والفتاحين فال ، وبائعي الخضرة والعنبة وصمّون ، وحتى من ناقصي الشرف و (الدودكـ…ّـة) ، لن يقبلوا بأن يُمسّ راعي خبزتهم ، قاضي البعث وقاضي الدعوة مدحت المحمود .