9 أبريل، 2024 1:34 م
Search
Close this search box.

أعضاء الادعاء العام اسمى من افتراءات السياسيين ومواليهم

Facebook
Twitter
LinkedIn

(توضيح لما صرح به السياسي فائق الشيخ علي)
قبل أيام اطلعت على مقابلة تلفزيونية أجراها الإعلامي مهدي جاسم مع السياسي فائق الشيخ علي في الحلقة الثالثة والعشرون من برنامجه الذي بثته قناة ((anb الفضائية في ليالي رمضان المنصرم من هذا العام، وذكر ذلك السياسي أمور عديدة في مقابلته، لكن استوقفني كثيراً تصريحه الذي امتد من الدقيقة (21 ولغاية الدقيقة 31) هذه الفترة الزمنية ليس قليلة من عمر برنامج طوله خمسة وأربعون دقيقة، وكل هذا الوقت للحديث عن الادعاء العام في العراق، حيث ورد فيه افتراء كبير على أعضاء الادعاء العام واعتداء بالتهجم وتلفيق أمور غير صحيحة بحقهم، وكنت أتمنى ان يصدر موقف رسمي سواء من مجلس القضاء الأعلى أو من رئاسة الادعاء أو من جمعية القضاء العراقي التي من مهامها الدفاع عن القضاة والقضاء، ويتم الرد على ما ذكره ذلك السياسي، وخلال المدة الماضية وانا أراقب الأخبار وموقع مجلس القضاء الأعلى ، لعل وعسى ان اجد ردأً رسميا على ما قاله، لكن لم يحصل ذلك، وحيث اني كنت في المنصب القضائي في الفترة التي تكلم عنها ذلك السياسي، وردأ على الافتراء الوارد في كلامه وجدت من الضروري ان اتصدى لما قاله وتوضيح الحقائق، لان الموضوع لا يقف عند من يكون في المنصب او خارجه ولا يقف عند الموقف الرسمي للإدارة القضائية، وإنما من الواجب ان أوضح الأمور لأكثر من سبب منها ان الأسرة القضائية واحدة، سواء من كان في الخدمة أو خارجها، والحفاظ على استقلال وهيبة القضاة واجب الجميع لأنه يتعلق بحق من حقوق الانسان في وجود قضاء مستقل، وسأعرض بعض أقوال ذلك السياسي التي أفرغتها كما قالها بلهجته العامية، حتى تتضح الصورة كما قالها لمن لم يشاهد تلك المقابلة وبالقدر الذي يتناسب ولغة الكتابة، مع التنويه إلى ان السياسي فائق الشيخ علي قد استخدم حركات يديه وتقاسيم وجهه وكل ممكناته الجسدية للتعبير إما عن الاستغراب أو الاستهزاء أحيانا، وبما عرف عنه في اغلب مقابلاته التلفزيونية، وسيكون العرض على وفق الاتي:
قول السياسي رقم 1 : قال في الدقيقة (21) وهو يتكلم عن تقرير جريمة سبايكر (تقرير سبايكر انسحب من المدعي العام وبحكومة حيدر العبادي) وأضاف في الدقيقة (22) (وصرحت في وقته بان التقرير سحب من المدعي العام) ثم أضاف ( وبعد فترة المدعي العام التقيت به وبشكل شخصي واخوي عاتبني قال لي أبو اروى انت اخ عزيز وأستاذ الكل، وانا احبك واحترمك انت من صرحت بهذا التصريح بالتلفزيون أذيتني كلش هواي (كثيراً) من ناحية مهنية، ومن ناحية لست أنا من سحب التقرير وإنما رئيس الوزراء سحب التقرير وهو من حقه يقيم دعوى، يحاكم، يحاسب وانا مدعي عام وهو من سحبه) .
التوضيح : ان هذا القول يخالف منطق القانون ونصوصه النافذة في حينه ، لان الإخبار اذا وصل إلى الادعاء العام لا يمكن لأي جهة ان توقف مجريات التحقيق أو تسحبه، حيث ان من مهام الادعاء العام بموجب المادة (2) من قانون الادعاء رقم 159 لسنة 179 الملغى، والذي كان نافذاً في حينه يوجب على الادعاء العام (إقامة الدعوى بالحق العام، ما لم يتطلب تحريكها شكوى أو إذناً من مرجع مختص)، فضلاً عن المادة (1) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم (23) لسنة 1971 المعدل التي جاء فيها (أ – تحرك الدعوى الجزائية بشكوى شفوية او تحريرية تقدم الى حاكم التحقيق او المحقق او أي مسؤول في مركز الشرطة او أي من اعضاء الضبط القضائي من المتضرر من الجريمة او من يقوم مقامه قانوناً او أي شخص علم بوقوعها او بإخبار يقدم الى أي منهم من الادعاء العام ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. ويجوز تقديم الشكوى في حالة الجرم المشهود الى من يكون حاضراً من ضباط الشرطة ومفوضيها.) وجريمة سبايكر من الجرائم التي لا يتوقف تحريكها على شكوى المجنى عليه ولا يمكن وقف التحقيق او قطع السير فيه وعلى وفق أحكام المادة (2) من قانون الأصول الجزائية، لذلك لا يمكن ان نصدق ما ذكره السياسي فائق الشيخ علي من ان رئيس الادعاء يقول ان التحقيق توقف بسبب سحب التقرير المتعلق بجريمة سبايكر، وعلى فرض صحة هذا القول كان على السياسي أعلاه ان يمارس دور الرقابي والوطني بمتابعة إجراءات التحقيق في تلك الجريمة وفضح من كان سبباً في تعطيلها، وما يعزز قولنا بعدم صحة قوله هو صدور عدة أحكام قضائية بحق من ثبتت إدانتهم عن تلك الجريمة.
قول السياسي رقم 2: قال في الدقيقة (24) الاتي (سوينه قانون الادعاء العام وانا متبني الكثير من المواد في القانون وأعطيت الادعاء العام بالنص القانوني سلطة مثل النائب العام في مصر شلون من حقه يحرك أي دعوى أي قصة أي قضية ضد أي إنسان مهما كان حتى لو رئيس دولة وأعطيته سلطة مستقلة عن مجلس القضاء الأعلى واذا بي أفاجئ بان رئيس الادعاء العام بنفسه يرفض ان يأخذ، وقال نحن لا نريد هذه السلطة، وانا انصعقت وقلت له اكو واحد المشرع يعطيه هذه السلطة ويقول لا ما أريدها، وقلت له اني أريدك ان تتمتع بهذه السلطة وتجيب اكبر واحد، شنو تقول لي ما أريد)
التوضيح: وهذا القول مردود لان القانون النافذ للادعاء العام النافذ رقم 49 لسنة 2017 قد صدر في حينه وفيه هذه الصلاحيات، لان القول الفصل فيه للمشرع وليس لغيره سواء كان في الادعاء العام او في موقع اخر.
قول السياسي رقم 3: قال في الدقيقة (26) الاتي (وقال لي محمود الحسن رئيس اللجنة القانونية ان منح سلطة مستقلة ما راح تمشي، لان راح يتحرك مجلس القضاء الأعلى على اللجنة وراح تلغيه)
التوضيح: فهل هذا الكلام هو ايحاء بان مجلس القضاء الأعلى كان ضد تشريع تلك الصلاحيات منذ لحظة العمل على تشريعه؟ لذلك نحن بحاجة إلى جواب من جهة رسمية، كيف يتحرك مجلس القضاء تجاه عدم تشريع تلك النصوص، وهل يملك لوبيات ضاغطة في مجلس النواب، لذلك لا أرى أي مبرر لتصديق هذا القول لان المفروض على الجميع العمل بمبدأ الفصل بين السلطات.
قول السياسي رقم 4: قال في الدقية (26,45) الاتي (وبعدين لاحقاً خلي اكمل حتى الناس تفهم شنو، صار لقاء مع رئيس مجلس القضاء الأعلى الأستاذ فائق زيدان، كنا جالسين ونسولف، على قانون الادعاء العام، فأستاذ فائق قال لي أبو اروى ، انت كنت متبني تنطي سلطة مستقلة للادعاء العام، فقلت له صحيح وما أزال عند هذا الرأي، فقال لي تعرف ما هي انعكاسات هذا الشيء الي صار عندنا في ساحة القضاء، فقلت له لا ما اعرف ، انت قل ماذا صار، فقال لي أنا سأخبرك بالذي صار، قال ثاني يوم الصبح الناس مداومة في المحاكم رأساً جلسوا من الصبح وفصلوا كراج السيارات الى قسمين نصف الى الادعاء العام ونصف إلى القضاة)
التوضيح: في هذا القول زعم وبان رئيس مجلس القضاء الأعلى نقل له ما حصل في القضاء من جراء هذا القانون، وانا شخصيا لا اعتقد صدوره من رئيس مجلس القضاء الأعلى، لان أعضاء الادعاء العام هم قضاة منتدبون للعمل القضائي في الادعاء العام ومراكزهم القانونية هي ذاتها مراكز زملائهم العاملين خلف منصات القضاء، ولهم ذات الحقوق والامتيازات ولا اعتقد ان يكونوا بهذا المستوى الذي صوره السياسي فائق الشيخ علي، واعتقد انه يشكل إساءة لهم ، لانهم اسمى من هذه الدنائات التي يدعيها، وساحات القضاء تشهد لهم ولمواقفهم الجليلة في خدمة العدالة، كما ان دورهم يكاد يتفوق على دور زميلهم العامل خلف منصة القضاء لأنه يراقب القرارات التي يصدرها ويطعن بها ومكلف بمراقبة المشروعية، ومهامه كبيرة وكثيرة جداً تتعدى حتى صلاحيات ومهام القاضي العامل خلف منصة القضاء وللقارئ مراجعة النصوص القانونية النافذة ليرى حجم مهام الادعاء العام.
قول السياسي رقم 5: في الدقيقة 28 يستدرك السياسي فائق الشيخ علي وبحركة وإيماءة لها دلالات، قال مستغرباً ومخاطباً مقدم البرنامج (شوف انتبه ، كارثة، العراق، أقولك فد شيء أعطيه سلطة قضائية يستدعي بها الناس، هذه السلطة تحولت من سلطة قضائية إلى كراج السيارات، نعم نعم شوف شلون) ثم يستأنف كلامه (ومن الصباح قسموا الكراج والحرس مال الادعاء العام يختلف عن الحرس مال القضاء في المحكمة، فصارت سلطتين) فقال لي (يقصد رئيس مجلس القضاء الأعلى) ( صار هذا القاضي لا يعثر على مكان لوقوف سيارته فيسأل ويقولون له لا ممنوع هذا مكان سيارة الادعاء العام) ثم اكد بان رئيس مجلس القضاء الأعلى اخبره بان الحال هكذا صار، ثم يستأنف القول مخاطباً رئيس مجلس القضاء (يعني أنا شرعت القانون على مود (حتى) كراج السيارات، لو حتى أعطيه سلطة) ثم يستدرك قوله مخاطباً مقدم البرنامج بكلمات نابية لا يمكن ان أعيدها او اذكرها، وإنما لمن يرغب بسماعها الاطلاع على المقابلة.
التوضيح: وفي هذا القول افتراء على أعضاء الادعاء العام، كما لا اعتقد ان رئيس مجلس القضاء الأعلى يقول هذا القول وفيه طعن لزملائه أمام شخص سياسي ويصور الحال بانه يتكلم معه بهذه الأريحية، لان هذا الكلام لو صح قوله فهو فيه إساءة إلى القضاة جميعاً، واعتقد ان هذا الأمر لم يحصل هذا إطلاقا لوم نسمع عن وجود خلاف أو اختلاف على وفق الصورة التي صورها ذلك السياسي ونسبها إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى، وقولي هذا متيقن منه لأني كنت معاصر لوقت صدور القانون في حينه، حيث كنت في المنصب القضائي قبل إحالتي الى التقاعد، مع التنويه الى نقطة لابد من توضيحها، بان أعضاء الادعاء العام مثل زملائهم القضاة الآخرين يعملون على وفق مهامهم التي رسمها القانون، إلا ان الإدارة القضائية في حينه عطلت العمل بتلك الصلاحيات، ولم تفعل العمل بها منذ صدور القانون في 2017 ولغاية صدور قرار المحكمة الاتحادية العليا بتعطيلها تحت وازع المخالفة الدستورية عام 2021، ومن الشواهد على ذلك ان مجلس القضاء الأعلى في حينه اصدر أعمام بعدم قبول أي وكالة تصدر لأي موظف حقوقي في الادعاء العام إلا اذا كانت مذيلة بتوقيع رئيس مجلس القضاء الأعلى، لأنه اعتبر ان الادعاء العام جزء من مجلس القضاء الأعلى ولم يعتد بنص تلك المادة إطلاقاً، ثم توالت محاولات مجلس القضاء الأعلى بتعطيل تلك النصوص عندما حاول الغائها عبر تعديل قانون الادعاء العام وكذلك امتد الأمر إلى قانون الأشراف القضائي، حيث تقدم مجلس القضاء الأعلى بمقترح قانون للتعديل، ثم قام بعد ذلك بسحب مقترحات التعديل لمخالفتها للدستور، وعلى وفق ما صرحت به عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب السابق النائبة بهار محمود والذي نقلته جريدة الصباح في عددها الصادر يوم الخميس الموافق 12/11/2020، لكن حصلت انعطافه ملفتة للنظر تمثلت بقيام مجلس القضاء الأعلى بالطعن بعدم دستورية المواد التي سعى لإلغائها عبر التعديل ومن ثم سحب هذا التعديل، وأقام الدعوى الدستورية العدد 112/اتحادية/2021 وصدر فيها قرار بتاريخ 9/11/2021 يقضي بعدم دستورية المادة (1/ثانيا) من قانون الادعاء العام رقم 49 لسنة 2017 التي قررت استقلال جهاز الادعاء العام عن مجلس القضاء الأعلى والتي جاء فيها الاتي (يتمتع جهاز الادعاء العام بالشخصية المعنوية ويمثله رئيس الادعاء العام او من يخوله)، فضلاً عن الحكم بعدم دستورية مواد أخرى جداً مهمة لو تم تفعيلها لكانت مؤثرة في مكافحة الفساد لان تلك المواد التي قضت المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستوريتها هي الفقرات (12, 13, 14) من المادة (5) من قانون الادعاء العام أعلاه. مع العلم بان المحكمة الاتحادية بهيئتها السابقة قد قررت دستورية تلك المواد وبموجب قراراتها العدد 136 وموحداتها 137/اتحادية/2018 والقرار 43/اتحادية/2017
قول السياسي رقم 6: في الدقيقة (31) يستأنف السياسي فائق الشيخ علي قوله مستدركا (نحن نشرع قانون لمحاكمة مسؤولين مهما علا في مكانته، ومهما علت درجته ومنصبه، هذا هو القانون وليس نشرع القانون حتى أضع حرس خاص للدعاء العام وينفصل الكراج) ثم يستنتج السياسي فائق الشيخ علي ويقول (هذه معناها قاموا (يتعاركون)، ومعناها الادعاء العام (لا يسلم) على القاضي، مثلاً) ثم يتهكم وبسخرية ويقول (شنو هاي صدك كذب!) ويضيف (هذه واحدة من المشاكل التي حصلت ومن ثم قمنا بتعديل القانون، لان لا يستحق واحد تنطيه سلطة، لان رأساً بمجرد ان يشرع هذا القانون يستهتر بالسلطة التي تعطى له) ثم يقول (أنا جداً محبط)
التوضيح: قوله هذا مجانب للحقيقة والصواب لان القانون لم يعدل من مجلس النواب إطلاقاً بعد صدوره، وإنما تم الحكم بعدم دستورية تلك المواد بقرار المحكمة الاتحادية العليا المشار اليه في أعلاه
ومما تقدم فان ما تم توضيحه مني لا يكفي وإنما لابد للمؤسسات الدستورية (مجلس القضاء الأعلى، رئاسة الادعاء العام) وكذلك منظمة المجتمع المدني (جمعية القضاء العراقي) التي نفترض فيها إنها مستقلة عن مجلس القضاء الأعلى والتي تهدف الى حماية القضاة والقضاء ان يكون صوتها اعلى من غيرها ، وكلنا كنا نأمل تكون تلك الجمعية تماثل أقرانها في الدول العربية ومنهم نادي القضاة في مصر ، ومواقفه التي تهز عروش الحكام عندا يتعلق الأمر بهيبة القضاء والقضاة، ولا تكتفي بتوضيح ما قاله ذلك السياسي بل عليها ان تخاطب مجلس القضاء عن الافتراءات التي وردت فيه ونسبة بعض الأقوال الى رئيس مجلس القضاء الأعلى التي لا تأتلف ومنصب القاضي، وان تتحقق من صحتها وتتصدى لها ان كانت قد صدرت بالفعل من الرئيس الأعلى لهرم مجلس القضاء الأعلى، وما زال الأمل معقود على ان نسمع توضيحاً وتدقيقاً في ما ذكره السياسي أعلاه، لان الصمت والسكوت عنها سيضعنا في حالٍ لا يحسد عليه القضاء، مع إننا سبق وان اطلعنا على تحريك شكاوى وصدور أحكام قضائية ضد أشخاص وجهوا نقداً لسلطة القضاء ممثلة بشخص رئيسها وكانت الأحكام فيها شدة وغلظة وعلى وفق أحكام المادة (226) من قانون العقوبات، ولا أظن بان مجلس القضاء الأعلى لم يطلع على تلك المقابلة التلفزيونية، لان المجلس لديه مجسات رصد لما ينشر في جميع وسائل الإعلام بما فيها مواقع التواصل الاجتماعي، ويتولى ذلك المركز الإعلامي فيه مع الاهتمام الملحوظ بالإعلام.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب