23 ديسمبر، 2024 6:03 ص

أعرف “أناسا” أعاذكم الله مما يضمرون …!!!.

أعرف “أناسا” أعاذكم الله مما يضمرون …!!!.

لشد ما يأخذني العجب، أنني أرى أناسا لا يفارق ذكرُ الله ألسنتَهُم، تسبيحا واستغفارا، صباح مساء، ولا يكاد ينطقون أمام الناس عبارتين إلا وتخللتهما آية قرآنية كريمة، أو حديث شريف لنبينا الكريم محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم، فلا تظن ساعتها إلا وأنك إزاء مَلك كريم من ملائكة الرحمن بهيئة بشر، فتطمئن لهم نفسك، ويرتاح لحديثهم قلبك، ويخيل لك بحديثهم ذاك وبهيئتهم ومظهرهم أنك في حضرة إناس متدينين أتقياء يخشون الله كخشية العلماء، لا يأتيهم الباطل من بين أيديهم ومن خلفهم، فإذا بهم وعند الاحتكاك بهم والتعامل الإنساني معهم يُظهرون لك حقيقة ما كتموه في قلوبهم ، وزيف ما خبؤوه، ويأتون بفعل مغاير لما رسموه في ذهنك، وسرعان ما تتذكر المثل المصري الشائع القائل : أسمع كلامك أصدقك … وأشوف فعالك استعجب!!!.

 

الكلمات قد تكذب أحيانا، والمظاهر خداعات للبصر أحيانا كثيرة، أما الممارسات فإنها تنطق بالحقيقة دائما، هكذا تعلمت من الحياة ومن خلال التعامل مع البشر، وآه من الندم، ولات ساعة مندم!!!، فلقد تعلمتها للأسف الشديد في كِبَري وحين غزا الشيب مفرقي ، وخارت قواي، فرحت أتعكز بعصاي في سيري !!.

 

عرفت أناساً ….
يكاد الندم يأكلني الآن كلما تذكرت أنني خدعت بهم في مقتبل حياتي وشبابي، وظننت بهؤلاء ظن الخير، وتوسمت فيهم طيب الخصال، فصدقت مظاهر إيمانهم وزيف معشرهم، وأعجبت بهم أيّما إعجاب، ولطالما أشدت بهم وتفاخرت بسيرتهم وخُلـُقِهم!!.

 

وحين أقول “هؤلاء”، فلا أقصد منهم الذكور فقط ، بل ومنهم إناث ظاهرهن التدين والورع والإيمان والخشوع، فيما حقيقتهن سوء الطبع والتطبع، فلقد خدعنك بجُبّة ارتدينها، وبحجاب غطين رؤوسهن بها، فيما الشر والغدر يتراقصان في صدورهن، فما أن تتعارض مصالحهن أو تحتك بهن حتى تظهر حقيقة إيمانهن الناقص والمرائي، وتخرج ألسنتهن كل مخبوء في قرارة أنفسهن، فإذا بالورع قد تبخر، والخشوع قد تطاير شذر مذر، وظهرت الحقيقة أمام ناظريك، وما أبشعها من حقيقة مرة!!.

 

يقولون يا أحبتي بأن الدين النصيحة !!!.
أليس الدين النصيحة !!؟.
هكذا تعلمناها منذ الصغر!!.
هكذا جاء في كتاب الله تعالى حيث قال في محكم آياته: “والعصر * إن الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ”.
وبهذا المنحى قال الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم: ( الدين النصيحة ثلاثا، قلنا : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامَّتهم ) .
فما بالنا في الكِبَر عرفنا أناسا يتمظهرون بالإيمان والخشوع، ويتزينون بالدين، ويتمنطقون بخاشع الحديث ، فيما ينأون بأنفسهم عن مبدأ (الدين النصيحة) ويجافونها ويسعون حثيثا لخراب الأسر ودمار البشر، ثم وأي بشر يسعون لتدمير حياتهم!!، هم لعمري أقرب الناس إليهم!!.

 

أعرف أناسا …
يدّعون الإيمان والتقوى – ذكورا وإناثا- فيما يدسّون أنوفهم في كل صغيرة وكبيرة، شاردة وواردة، فينصحون أبناءهم وبناتهم بأسوأ النصائح وأكثرها مأساوية، كما ويسوقونهم سوقا نحو دمار أسرهم وتفتيت شملهم، لا لشيء إلا رغبة بالسيطرة عليهم وعلى أزواجهم، ورسم خطوط حياتهم ومستقبلهم وتسييرهم وفق رغباتهم، ومسخا لشخصياتهم!!.

 

أعرف أناسا …
يدّعون الإيمان والتقوى والورع – ذكورا وإناثا – ممن لا ينصحون أبناءهم وبناتهم بضرورة الصبر وسعة الصدر إذا ما نشب خلاف عائلي، بل وتراهم يوغلون صدور أبنائهم وبناتهم على أزواجهم (ومفردة “أزواج” هنا للذكور والإناث على حد سواء)، وينصحونهم بفعل كذا وكذا من شر ما يوسوس الشيطان لهم والعياذ بالله!!.

 

أعرف أناسا…
لا تكاد الهواتف النقالة تفارق أيديهم، يتناقلون عبرها مع أمهاتهم (المؤمنات التقيات الورعات !!!) أسرار حياتهم الزوجية ليل نهار وبأدق التفاصيل التي قد تشمئز النفس عن ذكرها ووصفها لحراجة الوصف والتخيل!!، فتصب أمهاتهم حينذاك الزيت فوق نار الحديث ويوغلن صدور أبنائهم وبناتهم، وينسَيْن كل ما حفظنه ورددنه من أيات الله تعالى عن الحسنى في التعامل والتمظهر، فلا ينصحنهن بسعة الصدر وكتم أسرار العلاقات الزوجية التي حرّم الله كشفها، فتوغر الأنفس بالمقابل ، فتتصاعد اللهجات وتنشأ المناكفات ، فتضيع الحكمة ويتيه العقل ، ويعم بعدها الخراب حياتهم وتتحطم أساسات معيشتهم جراء قصر النظر والابتعاد عن النصيحة الحسنة وعدم التدخل فيما لا يعنيهم الأمر!!!.

 

أقول لهؤلاء من البشر – ذكورا وإناثا- :
إتقوا الله في أنفسكم أولا … وفي أبنائكم ثانيا، وفي أحفادكم ثالثا ، ولا تسعَوا في خراب أسر أبنائكم وبناتكم وتفتيت شمل أحفادكم وضياعهم، فإن الله سبحانه وتعالى يسمع ويرى … ويسجل كل صغيرة وكبيرة، وستحاسبون يوم الدين – ذكورا وإناثا – وستندمون على ما اقترفت أيديكم، سواء أكان ما اقترفتموه بحسن نية أوجهل، أم كان عن قصد وخبث نفس وقلة عقل ونقص تدبر!!.

 

قال الله تعالى في محكم آياته عن المؤمن الورع:
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ”.
“مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ”.
“وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ”.

 

ختاما …
لهؤلاء من أدعياء التدين الكاذب أقول البيت الشعري التالي:
وما من كاتب الا سيفنى ويبقي الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شيء يسرك في القيامة ان تراه

 

والله من وراء القصد …