18 ديسمبر، 2024 9:38 م

أطفالنا وأتبيشي والشواطئ الآمنة!

أطفالنا وأتبيشي والشواطئ الآمنة!

سئل الأديب العالمي هيمنغواي، عن أكثر شيء مرعب واجهه فأجاب:(ورقة بيضاء فارغة!)، وسئلت الروائية التشيلية إيزابيل الليندي، عن معنى إصرارها على كتابة المقالات، رغم أنها روائية عالمية فردت:(عندما تكتب مقالة، فكأنك تضع رسالة داخل زجاجة، وترميها في المحيط، وأنت لاتعرف ما إذا كانت ستصل الى أية شواطئ)، أما الكاتب الياباني مورا كامي فقال:(طرح قضية أساسية في حياة كل منا، تتطلب التركيز والصبر والعمل، ثم بذل قصارى جهدك لتصل الهدف المنشود).
أما ما يثير الإنتباه قول الكاتب النيجيري أتبيشي، وأظنه محقاً بكلامه:(أعتقد أن الكاتب الجيد، ليس بحاجة الى إجازة لنشرأي شيء، سوى أن يستمر بالكتابة فقط، فكر بالعمل الذي وضعته نصب عينيك، وقم به قدر ما تستطيع)، نعم إنهم الأطفال الورقة البيضاء المرعبة، التي قد يصنع منها حكيماً ،أو تنتج مجرماً وسط مغريات الحداثة والحضارة، حيث باتت خطراً على هذه الأجيال المبهورة بعظماء الغرب، لذا يجب التركيز على قضايا الطفل ومناقشتها.
المقالات التي تهم الطفل باتت قليلة، وحتى البرامج الخاصة بهم أقل، وما يعرض لهم وسط جنون الفضائيات، وغزو مواقع التواصل الإجتماعي لعقولهم، لايرقى للمرحلة العمرية الخطيرة التي يمر بها الطفل، فقد أصبحت هذه الأمور وغيرها، من المغريات أعزّ من الأسرة، لأن الضجيج والطاقات الإنفعالية للبرامج المعروضة، والألعاب المستخدمة تخلق منه كائناً جامحاً ،يرفض المفردات التي تعودناها أيام زمان، خاصة مع رحيل الأجداد والجدات، حيث الحكايات والطرائف يقصونها ونحن حول المدفأة!
تربية الأطفال قضية أساسية، يهتم لها القاصي والداني في المجتمعات البشرية، لأنه الأساس الذي يعتمد عليه في البناء، فالكاتب عندما يكتب مقالاته، حول مشاكل الطفل وطرق معالجتها، أوعلى الأقل تسليط الضوء عليها، ومحاولة جذب إنتباه الحوكمات والمسؤولين، لإقرار كل مامن شأنه ضمان حقوق الطفل، وحمايته من مخلفات الحضارة الغربية الوافدة إلينا، والساعية لهدم هذا المرتكز البشري الخطير ألا وهوالطفل، لذا أنا مع هيمنغواي، وإيزابيل، ومورا، وأتبيشي، بشأن الكتابة وللطفل تحديداً.
إنشاء مجلس أعلى للطفولة، أمر في غاية الأهمية، في وضع كالذي يعيشه العراق، فمربع الطائفية أوقع أجيالنا في خطر كبير، ونحن على أعتاب مرحلة جديدة، سيتم فيها الخلاص النهائي من عصابات داعش، وهذايتطلب إمكانيات ضخمة لتجديد الثقة، وإعادة الحياة المستقيمة، لجيل عاصر العنف والتطرف لأكثر من عامين، وإن تظافر الجهود بين وزارات التربية والتعليم، والعمل والشؤون الإجتماعية، والشباب والرياضة، والإعلام والثقافة، بمختلف دوائرها ستفضي لحلول ناجعة، لأعادة العقول بنصابها الصحيح.
الصراحة المطلقة مع الحكومة والجهات المعنية، تتطلب القول: لا أحد يعترض على الليل الذي حلَّ بالعراق، رغم أن أسبابه معروفة، لكن ماحصل قد حصل، لكن المهام الكبيرة تقع على عاتق الخيرين، وهي النهوض بواقع الطفل العراقي ووحمايته، وضمان حقوقه، وألا تكون برامجه مجرد حبر على ورق، فالورقة البيضاء الفارغة، مُلئت رعباً وخوفاً مما شاهدوه، ومما يعيشه أطفالنا اليوم بدءاً من عام 2003 ولغاية الآن، فالشواطئ الآمنة نحن من نصنعها ليرسوعليها بأمان!